الإثنين 01 تموز , 2024 04:35

لعبة نتنياهو في إدارة العلاقة مع واشنطن

نتنياهو و إدارة جو بايدن

"جاهل من لا يعلم شخصية نتنياهو، المتحكّم بالمشهد الإسرائيلي بشكل كامل من خلال المستوى السياسي والعسكري، فالتصريحات والتسريبات التي يتداولها الإعلام جزء من استراتيجيته في النزول من أعلى الشجرة" بهذه الكلمات يصف الصحافي باراك رافيد استراتيجية نتنياهو الممسك بمفاصل كيان الاحتلال، صاحب الشخصية المثيرة للجدل، والمماطل باتخاذ قرار إنهاء الحرب في غزة الممتدة منذ 7 أكتوبر.

يكمل الصحافي رافيد بالقول إن نتنياهو يسعى للوصول إلى "اتفاق قريب يحقق شروط إسرائيل وهدوء نسبي في المنطقة يرضي الإدارة الأميركية". لكن كيف تتم إدارة العلاقة بين نتنياهو والإدارة الأميركية للمحافظة على الروابط الوظيفية بين الطرفين؟

نتنياهو والإدارة الأميركية

أدرك نتنياهو والإدارة الأميركية ضرورة إيجاد حلّ جذري عقب أحداث 7 أكتوبر، ما حذا بالطرفين إلى سلوك مسار توافقي حول تحقيق أهداف الحرب، وأبرزها القضاء على حركة حماس، لكن بعد أشهر من القصف العنيف على غزة، اضطرت واشنطن إلى تعديل مواقفها وخطابها السياسي على وقع المجازر الإسرائيلية، والضغوط الداخلية والخارجية على الإدارة الأميركية، والأهم قرب استحقاق الانتخابات الأميركية، وما تشكّله الحرب على غزة من عامل يدفع بإطلاق مواقف أكثر اعتدالاً.

لكن تصاعدت حدة الخطاب الأميركي في وجه نتنياهو بين الحين والآخر، مثلاً الأسبوع الماضي قال بايدن بأن نتنياهو يوسع الحرب على قطاع غزة "من أجل الحفاظ على مصالحه السياسية". وأن خلافه الرئيسي مع نتنياهو هو بشأن "ما سيحدث بعد انتهاء حرب غزة، وهل ستعود القوات الإسرائيلية إلى القطاع؟". سبق ذلك مقطع مصوّر نشره رئيس الوزراء على موقع إكس هاجم فيه نتنياهو إدارة بايدن، وقال فيه "من غير المعقول أن تقوم الإدارة في الأشهر القليلة الماضية بحجب الأسلحة والذخائر عن إسرائيل".

التمايز التكتيكي

عند كل منعطف من الحرب نجد تمايزاً أميركياً عن خيارات بنيامين نتنياهو تارة ضمن إطار تبادل الأدوار يبرز هذا الدور في عملية المفاوضات، باستخدام استراتيجية دوري الشرطي الودود والشرطي المتعجرف فيجعل الجزرة التي يقدمها الشرطي الصالح (بايدن) تبدو خياراً أفضل من العصا التي يقدمها الشرطي السيئ (نتنياهو). وتارةً أخرى نتيجة خلافات تكتيكية لا يشوبها أي افتراق استراتيجي، على سبيل المثال، بعد إطباق الاحتلال الحصار على غزة ومنع دخول المساعدات الإنسانية بدأت واشنطن تتعاطى بدقة في هذا الملف، بسبب ظهورها كشريك في إلحاق المجاعة بحق الفلسطينيين، حيث دعت الكيان إلى التخفيف من الكارثة الإنسانية.

أما التمايز الأكثر وضوحاً، عندما رأى نتنياهو أن العملية في رفح ستحقق إنجاز مهم لا يمكن التنازل عنه وفقاً لحساباته السياسية، وعليه بدأ الحديث عن عملية مرتقبة في رفح، وهو ما عارضته الولايات المتحدة إلا أن المعارضة، ومع استكمال الكيان العملية العسكرية هناك، لم تقم الإدارة الأميركية بأي إجراء لإيقاف القرار إنما اكتفى مسؤولو الإدارة بالإشارة إلى التنسيق مع إسرائيل بشأن العملية وسعيهم لاتخاذ كافة التدابير لحماية المدنيين.

لا بد من الإشارة أن الخلافات ليست جوهرية تتعلق بالأهداف بل بالتوقيت والتكتيك، وبحسب الخلافات الظاهرة يتضح أنها تأتي بتنسيق مرن بين الإدارتين ومنبعها الضغوط الداخلية والخارجية نتيجة الإبادة الجماعية التي ترتكبها آلة العدوان الإسرائيلي، فلدى الإدارتين مصالح مشتركة وخاصة وعلى أساسها تحدد الإجراءات والسياسات.

يجيد نتنياهو ضبط إيقاع توازنات تل أبيب مع واشنطن، واستغلال اللوبي الإسرائيلي على ضوء الانتخابات الرئاسية الأميركية، بالإضافة إلى قوته داخل إسرائيل بالرغم من شعبيته المتراجعة، وكيفية إدارة اللعبة السياسية الإسرائيلية بتوازناتها الداخلية، حتى مع قدرت بايدن على استمالة أعضاء داخل الائتلاف والحكومة. لكن بما لا يشكّل انقطاعاً للروابط مع الإدارة الأميركية ضمن إطار المهام الوظيفية التي تشكلها إسرائيل بالنسبة لواشنطن، التي لا تزل تملك فيتو على خيارات نتنياهو الكبرى مثل توسعة دائرة الحرب على لبنان.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور