الإثنين 01 نيسان , 2024 03:50

أردوغان والانتخابات المحليّة: خسارة مدوّية وطوفان الأقصى أبرز الأسباب

من اليمين: إمام أوغلو، فاتح أربكان، رجب طيب أردوغان

خسر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الانتخابات الأخيرة له، بنتيجة مدوّية وتاريخية، أمام قوى المعارضة وبالتحديد حزب الشعب الجمهوري "CHP"، بعد أن أظهرت النتائج فوز مرشحي المعارضة بما نسبته 37.40% من إجمالي الأصوات في حين حصل حزب العدالة والتنمية على 35.71%، وهو ما خالف كل التوقعات لأنه يتحقق بعد 47 عاماً من الفشل المتواصل. كما استطاعت المعارضة الفوز والاحتفاظ برئاسة البلديات للمدن التركية الثلاث الكبرى: إسطنبول وأنقرة (اللتان سيطرتا عليهما عام 2019) وإزمير، بالإضافة الى 8 مقاعد أخرى لرؤساء البلديات في مدن كبرى. لذلك صرّح أردوغان عقب ذلك بأن النتيجة تشكّل "نقطة تحول"، متعهداً بمراجعة أداء حزبه، ومشدداً على احترام حزبه لما أفرزته الصناديق والتزامه بالديمقراطية.

لكن ما لم يصرّح به أردوغان، هو بأنه تلقى ضربة قاسية من جمهوره، الذي على ما يبدو بدأ بالتسرّب نحو الحصان الأسود لهذه الانتخابات، أي حزب الرفاه الجديد، الذي حقق نتيجةً كبيرة مفاجئة، كان لمعركة طوفان الأقصى وموقف أردوغان المنافق منها، الدور الأساسي في حصولها بالتأكيد.

وهذه بعض النقاط المهمة حول الانتخابات:

_حصول الحزب الشعب الجمهوري على المركز الأول في عموم بلديات تركيا، وفي أهم ولايتين فيها أي العاصمة الإدارية الرسمية "أنقرة"، والعاصمة الاقتصادية "إسطنبول". ولم يكتفي الشعب الجمهوري بالفوز ببلديتي انقرة واسطنبول الكبرى فقط، بل فاز بالأغلبية في مجالس هاتين البلديتين ايضاً، أي السيطرة على أغلب البلديات الصغيرة التابعة لها.

_ خسارة حزب العدالة للعديد من الولايات التي كان يربح فيها دائماً، كولاية مانيسا التي تعدّ أحد أهم معاقله منذ تأسيسه، والتي لم يخسر فيها سابقاً إطلاقاً. ولم يخسروا رئيس البلدية فقط، بل الأغلبية في مجلسها أيضاً، وهذا بسبب حزب الرفاه الجديد. وبالمجمل خسر الرئيس التركي بطريقة غير مسبوقة دعمه التقليدي في منطقة وسط الأناضول. فمن بين 81 بلدية، فاز حزب العدالة بـ 24 بلدية فقط. وحتى لو أضفنا إلى هذا العدد الـ 8 بلدية التابعة لحزب الحركة القومية -حليف أردوغان- فإن أردوغان لم يعد قادرا على السيطرة على معظم البلديات.

_أبرز المدن التي خسرها أردوغان أيضاً:

1)بلدية بورصة: أهم المدن الصناعية التركية، ورابع المدن من حيث عدد السكان.

2)مدينة انطاليا: المدينة التي تعدّ منتجعاً دولياً كبيراً.

3)مدينة أضنة: سادس المدن التركية الكبرى من حيث تعداد السكان الذي يتجاوز 2.25 مليون نسمة.

4)مدينة أديمان التي كانت مركز الزلزال الأخير (الذي حصل في شباط / فبراير 2023)، ومن المفترض ان حزب العدالة قد قام بإعادة بناءها وانشاءها من جديد.

_شكّلت الضغوط الاقتصادية الناجمة عن ارتفاع معدل التضخم الذي وصل إلى ما يقرب من 70 بالمئة، وتآكل رواتب المتقاعدين، عاملاً أساسياً آخراً في تراجع شعبية أردوغان وحزبه.

_ وفي جنوب شرق البلاد الذي تسكنه أغلبية كردية، أكد حزب المساواة وديمقراطية الشعوب على قوته وفاز بالانتخابات في 10 بلديات.

حزب الرفاه: الحصان الأسود للانتخابات

شكّل حزب الرفاه الجديد بقيادة فاتح أربكان، الحصان الأسود لهذه الانتخابات، الذي استطاع اجتذاب الناخبين من خلال خطاب شديد القسوة ضد إسرائيل وضد ما يمكن وصفه بنفاق أردوغان، لناحية استمرار تركيا بالتجارة مع الكيان المؤقت خاصةً بالمواد الغذائية وغيرها، بالتزامن مع رفع سقف أردوغان لتصريحاته ضد حكومة نتنياهو وضد الحرب على غزة.

وأبرز مؤشر على ذلك، هو أن هناك العديد من المؤيدين التقليديين لحزب العدالة والتنمية، امتنعوا عن التصويت في هذه الانتخابات (بلغت نسبة المشاركة 76٪ - بانخفاض عن 87٪ في الانتخابات الرئاسية العام الماضي).

كما أن هذا الحزب استطاع الحلول في المرتبة الثالثة على صعيد النتائج، متفوقاً على حزب الحركة القومية (الحليف الرئيسي لأردوغان)، وفاز 69 بلدية وحصل على 6% من الأصوات بانتخابات البلديات الكبرى و7.8 % من الأصوات بانتخابات المجالس المحلية.

وفي أول تعليق له على نتائج الانتخابات قال رئيس حزب الرفاه الجديد فاتح أربكان: "أسباب خسارتهم هي ليس نحن بل الديون والفوائد والاقتصاد الضريبي، واستمرار التجارة مع القتلة الصهاينة الإسرائيليين، وموافقتهم على انضمام السويد التي تحتضن حزب العمال الكردستاني للناتو".

فاتح أربكان

أبرز تداعيات نتائج الانتخابات

_ التأكيد على أن المعارضة لا تزال تمثل قوة سياسية قادرة على منافسة الحزب الحاكم بقوة. وبالتالي قد تقدم في الأشهر المقبلة على المطالبة بإجراء انتخابات نيابية مبكرة.

_ تعزيز مكانة رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو باعتباره أهم مرشح للرئاسة في المستقبل (في عام 2028)، فقد أظهر إمام أوغلو قدرةً على تجاوز الانقسامات الاجتماعية والسياسية المتأصلة التي تميز المعارضة.

_ عدم قدرة أردوغان على إقرار تعديل جديد للدستور، يُمكّنه بعد انتهاء ولايته من الترشح مرةً أخرى في حال أراد ذلك.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور