الجمعة 19 نيسان , 2024 02:17

عملية "عرب العرامشة" النوعية تنقل الجبهة اللبنانية إلى مرحلة جديدة

عملية عرب العرامشة

بدأت المقاومة في لبنان مرحلة جديدة من المعارك مع جيش الاحتلال التي يبدو أنها ستكون بسقوف أعلى من السابق وبقواعد اشتباك أكثر اتساعاً، وفي الوقت نفسه لا تتجاوز الخط الأحمر الاستراتيجي، وهدفها الرئيسي نقل إجراءات الإيلام التي كانت تطبقها في المراحل السابقة إلى إجراءات تهدف بحسابات المقاومة إلى قتل ما يلزم من جنود الجيش الإسرائيلي، لردعه عن أي مغامرات مدمرة جديدة قد تعود عليه بالويل.

اعتمدت المقاومة أسلوب القتل بالقتل المضاعف لوحدات واستعدادات حساسة في جيش الاحتلال، فطبقت ذلك عند استهدافها لمنظومتي القبة الحديدية في قاعدة بيت هيليل التابعة للدفاع الجوي والصاروخي حيث سقط قتلى وجرحى (جراحهم خطرة) وهكذا كادر عند الجيش دوره أساسي الآن في المعركة ومن الصعب إعداد كادر مشابه لمشغلي القبة الحديدية خلال أيام أو أسابيع. وأظهرت ردة الفعل الإسرائيلية على ضربة بيت هيليل المبالغ فيها والتي اقتربت من الجنون إلى حجم الأذى الذي أوقعته المقاومة بهذه العملية.

أتبعت المقاومة ضربتها لبيت هيليل بعملية أخطر وأدق في منشأة عرب العرامشة، وتسبب الهجوم المركب الذي نفذته المقاومة في 17-4-2024 على منشأة تستخدمها سرية استطلاع الفرقة 146 وقيادة كتيبة استطلاع اللواء 205 المدرع في عرب العرامشة بعدد من القتلى يتراوح بين الـ 8 و 12 قتيلاً، حيث إن هذه المنشأة كانت تضم على الأقل 40 ضابطاً ورتيباً متخصصاً في (التحليل الاستطلاعي - الجمع الحربي – الاستطلاع البشري والفني – السايبر – وقصاصي الأثر)، والأكيد أنه قُتل ما بين 8 أو 12 ضابطاً ورتيباً من هكذا اختصاصات حساسة يحتاج العدو إلى سنوات لتعويضهم، حيث يخضع الضابط الرتيب في هذه الاختصاصات من 36 إلى 48 شهراً ليصبح قادراً على العمل بدون أخطاء.

وقد أظهرت المقاومة لإسرائيل منذ بداية المرحلة الجديدة مجموعة مهمة من الإجراءات، في سياق استراتيجيتها لاستنزاف الجيش في الجبهة الشمالية أهمها:

- الإطباق المعلوماتي الميداني (وتجلى ذلك بضربتي تل إسماعيل في الضهيرة وعرب العرامشة المرتبطتين، فالتشكيل المستحدث الذي استهدف أمس بعملية مركبة في عرب العرامشة كان هدفه الإدارة الميدانية لعملية اختراق بري محدود طابعه أمني تقوم به قوة من لواء الغولاني ووحدة من الهندسة العسكرية اليهالوم، وتتولى إدارته ودعمه غرفة القيادة والسيطرة والاتصالات التي جرى بناؤها بسرعة لغرض إنجاح عملية الاختراق).

- الإشراف التعبوي على الميدان المستمد من الإطباق المعلوماتي والتفوق التكتيكي الفني على مدار الساعة ليلاً ونهاراً لمنع الاحتلال من تحقيق أي تغيير ميداني مهم في مناطق انتشاره (مسؤوليته)/ يمكن أن يستفيد منه في عمليات مستقبلية في منطقة العمليات المتاخمة لمنطقة مسؤوليته أو في المنطقة "المحرمة" كما تُعرف بالعلم العسكري وهي المنطقة الفاصلة بين منطقة مسؤولية العدو ومنطقة عملياته.

- إدخال المقاومة لنظام قتال الأسلحة المشتركة في تطبيقاتها القتالية لأول مرة منذ 8-10-2023 وهو ما يرفع الأذى للعدو بأضعاف ويحقق ما تتطلبه المرحلة الجديدة، كما يرفع مستوى الاستعداد المقاتل من فصائل وسرايا إلى أعلى من ذلك.

- بعدما كشف جيش الاحتلال علنًا عن فلسفته العسكرية من المس وتحييد كوادر في المقاومة، من استهداف ما يسميه "مراكز المعرفة المهنية العليا داخل الشبكة العملياتية للمقاومة الإسلامية"، أعطى ذلك بالمجان فرصة ذهبية لتطبيق نفس الامر على كوادر الكيان في المجالات الحساسة والأكثر تقدماً والتي تمس بعناصر "تفوقه" كما يعتقدها في المعركة.

حاولت "إسرائيل" مجدداً الاستفادة من فرصة ضرب إيران لها بالصواريخ والمسيرات لتعيد التصعيد بشكل غير مسبوق على الجبهة اللبنانية وصولاً إلى شرقي البقاع (النبي شيث – السفري)، وكشفت المؤشرات أنه عمد خلال التصعيدين إلى اتخاذ تدابير عملياتية تهدف إلى عزل الجبهة اللبنانية أو استفرادها عن باقي محور المقاومة، لينفّذ في الميدان اللبناني ضربة موازية معنوياً للضربة الصاروخية الايرانية. خاصة بعدما فشل في اقناع حليفته الرئيسية واشنطن بمساعدته في توجيه ضربة لإيران.


المصدر: مركز دراسات غرب آسيا




روزنامة المحور