الخميس 18 تموز , 2024 04:06

هل يمكن للحزب الديموقراطي استبدال بايدن بمرشح آخر؟

يعمل الرئيس الأميركي جو بايدن بجِدّ لإنقاذ ترشحه للانتخابات الرئاسية ولكسب تأييد الحزب الديموقراطي الكامل لخوض المنافسة. ومع تزايد دعوات الانسحاب والبحث عن مرشح بديل، باتت مسألة التنحي أمراً وارداً. وهذا ما يضيف تحدياً جديداً على تلك التحديات التي تواجه الحزب مع اقتراب انتهاء مهلة الترشيح من جهة -أي تجاوز قانون أوهايو-، وضيق الوقت أمام المرشح البديل لاستكمال حملته الانتخابية من جهة أخرى. أضف إلى ذلك، ضرورة التوصل لانسحاب مشرّف لبايدن الذي كان حتى الأمس القريب يحتفظ بتأييد واسع داخل الحزب ويصر على المضي قدماً. وقد يكون ذلك بإعلان الحزب عن ترشيحه لخوض السباق الرئاسي ثم انسحابه بشكل فردي وتقديم ذلك اعلامياً على أنه رغبة الرئيس الشخصية.

على الرغم من الدعوات المستمرة لبايدن بالانسحاب، والتي زادت حدتها بعد المناظرة التي أجراها مع المرشح دونالد ترامب، ثم محاولة الاغتيال التي طالت الأخير، لا يجزم أحد بأنه قد يُقدم على اتخاذ هذه الخطوة. لكن استطلاعات الرأي التي تُنبئ بسوء الواقع، فتحت الباب على مختلف الاحتمالات. اذ وجد استطلاع أن 56% من الديمقراطيين يقولون إنه يجب أن ينهي بايدن ترشحه، بينما يقول 42% إنه يجب أن يستمر في السعي لإعادة انتخابه.

يعقد المؤتمر الوطني للحزب الديموقراطي اجتماعه للإعلان عن مرشحه بشكل رسمي أوائل آب/ أغسطس القادم. وعليه، يكون المشهد أمام احتمالات ثلاث: أن يقرر بايدن الانسحاب قبل انعقاد المؤتمر تاركاً له اختيار البديل، أن يقرر الانسحاب بعد إعلان الحزب ترشيحه -مراعاةً لسمعته السياسية-، أو أن يقرر آخرين من الحزب الترشح ما يضعه في موقف حرِج -مع استبعاد هذا السيناريو-.

لا يمتلك الديموقراطيون كثيراً من الوقت لحل هذه المعضلة. اذ أن التصويت الافتراضي لن يبدأ إلا بعد الأول من آب/ أغسطس، وسيتعين الانتهاء منه بحلول السابع من الشهر نفسه، لتجنب المشاكل القانونية المحتملة بموجب قانون أوهايو الذي حدد هذا التاريخ كموعد نهائي للأحزاب لتقديم أسماء المرشحين لخوض الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/ نوفمبر القادم.

ينص قانون ولاية أوهايو على أن يتم التصديق على المرشحين للرئاسة -أي يجب إخطار الولاية بأن المرشحين قد تم ترشيحهم رسمياً- قبل 90 يوماً من الانتخابات العامة من أجل الحصول على البطاقة. وهذا ما يضع المؤتمر الوطني الديمقراطي تحت مقصلة الوقت.

وعلى الرغم من أنه قد يكون هناك طرق قانونية للاستحصال على بعض الاستثناءات، كالعام 2012. لكن الأمر يبدو أكثر تعقيداً، نظراً لرغبة الجمهوريين في عرقلتها خاصة وأنهم يمتلكون أغلبية ساحقة في مجلسي الهيئة التشريعية في أوهايو.

خلال المؤتمر، سيتعين على المرشحين المحتملين الحصول على تأييد 600 مندوب ليتم ترشيحهم. من المتوقع أن يكون هناك حوالي 4672 مندوباً هذا العام. وإذا لم يحصل أحد على أغلبية المندوبين، فسيكون هناك مؤتمر آخر يسمى "مؤتمر الوساطة"، يعمل فيه المندوبون كوكلاء ويتفاوضون مع قيادة الحزب للتوصل إلى مرشح. قد يستغرق الأمر عدة جولات من التصويت حتى يحصل شخص ما على الأغلبية وينال تأييد الحزب. كان آخر مؤتمر تم التوسط فيه عندما فشل الديمقراطيون في تسمية مرشح في الاقتراع الأول في عام 1952.

العقبة الأخرى أمام بديل بايدن، أنه سيتعين عليه استثمار حوالي 3 أشهر فقط للمضي بحملته الانتخابية وإقناع ناخبيه بالتصويت له وهزيمة ترامب الذي يتصدر نتائج استطلاعات الرأي.

من ناحية أخرى، فإن المشهد الدولي اليوم يفرض نفسه على أراء الناخبين وتوجهاتهم. خاصة وأن الشاب الأميركي الذي يبلغ من العمر 18 عاماً ومُنح حقاً بالتصويت كان يشاهد عن قُرب تلك الاحتجاجات التي جرت في جامعته، والتي تدين الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، والتي تعرضت لمختلف أنواع القمع لإسكات الصوت.

ووفق الإحصاءات الصادرة عن CIRCLE أن 40 مليوناً من الجيل Z (الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و27 عاماً) سيشاركون في انتخابات عام 2024 بما في ذلك 8.3 مليون شاب بلغ حديثاً عمر الـ 18. مع الإشارة إلى أن بايدن فاز بـ81 مليوناً من الأصوات، ما يجعل وزن الأصوات الشابة ذات قيمة لأي مرشح مفترض. بالتالي، فإن التعامل مع الحرب كقضية انتخابية هامة بات أمراً ضرورياً، قد يؤدي تجاهلها إلى ارتكاب خطأ يترجم بصناديق الاقتراع.

في حال استمر بايدن في ترشحه فإن سياسته الخارجية باتت معروفة، بعد أن أمضت إدارته 9 أشهر تعمل عن كثب لإنهاء الحرب دون أن تتمكن من ذلك. لكن كيف سيكون الأمر مع مرشح ديموقراطي آخر؟

تعد نائب الرئيس كامالا هاريس أحد أبرز الأسماء المطروحة على الطاولة. وعلى الرغم من أن سياستها قد تشبه إلى حد كبير سياسات بايدن دون تعديلات جوهرية، لكنها قد تكون أكثر حزماً بانتقاداتها العلنية للكيان. بعد أن سجلت أول تصريح علني رسمي وصف الظروف في غزة بأنها "غير إنسانية" أوائل آذار/ مارس الماضي. معلنة أنه "يجب على الحكومة الإسرائيلية بذل المزيد من الجهد لزيادة تدفق المساعدات بشكل كبير. دون أعذار". وكانت أول مسؤول كبير في إدارة بايدن يدعو علناً إلى وقف إطلاق النار. مؤكدة بالتوازي أنها مع تأمين الدعم الكامل لإسرائيل.

يعد وزير النقل بيت بوتيجيج اسماً مطروحاً أيضاً، غير أنه تميز بخطابه الأكثر انتقاداً للسلوك الإسرائيلي. في عام 2020، عارض ضم إسرائيل للمستوطنات في الضفة الغربية، مشيراً إلى علاقة إسرائيل بفلسطين على أنها "احتلال". كما أشار لاحقاً إلى أنه سيدعم المزيد من التدقيق بالمساعدات الأميركية لإسرائيل ويطالب بوضع مزيد من الشروط، وأعرب عن دعمه لآليات جديدة لضمان عدم توجيه الأموال الأميركية نحو تعزيز بناء المستوطنات أو الأنشطة التي لا تتوافق مع حقوق الإنسان.

من ناحية أخرى، ما يعطي بوتيجيج دفعاً في أوساط الشباب الديموقراطي، أنه أول وزير يجاهر بمثليته الجنسية في تاريخ الولايات المتحدة. حيث أعلن عام 2021 عبر شبكات التواصل الاجتماعي عن ولادة توأمه من زوجه تشاستن غليزمان بوتيجيج.

لم يتقدم أحد بترشيح نفسه علناً ضد بايدن بعد، كما يصر الأخير على استكمال سباقه الرئاسي. وعلى الرغم من كثرة الأسماء التي قد تكون بديلاً، إلا أن الأزمة الحالية داخل الحزب أكبر من الاتفاق على اسم المرشح، بل تعكس حالة التشرذم الداخلية على عكس الحزب الجمهوري الذي نجح بإظهار العكس أمام ناخبيه.


الكاتب:

مريم السبلاني

-كاتبة في موقع الخنادق.

-ماجستير علوم سياسية.




روزنامة المحور