الثلاثاء 03 أيلول , 2024 03:17

القسام تلوّح بالورقة الأقوى: نتنياهو أمام مأزق أكثر صعوبة!

اجتر رئيس الوزراء الإسرائيلي الكلام نفسه على مدى خمسين دقيقة دون أن يأتي بأي جديد، بطريقة عكست دوافعه من الشرح المطوّل على خريطة عرضها في الخلفية، وهو القلق الفعلي من مشهد 750 ألف متظاهر في شوارع تل أبيب. كان الهدف هذه المرة، إعادة جبهته الداخلية إلى المربع الأول، قبل التصعيد الذي انتجه خبر مقتل 6 أسرى. من جهة المقاومة في قطاع غزة، أهدت "القسام" بنيامين نتنياهو ما لم يكن يريده ليلة أمس بالتحديد: نشر فيديو مصوّر لأسيرة قتيلة، ثم تصريحات للناطق الرسمي أبو عبيدة يؤكد فيها على أن "الضغط العسكري بدلاً من إبرام صفقة يعني عودة الأسرى داخل توابيت".

وجهت حركة حماس ضربات متتالية بعيد كلمة نتنياهو، عكس حرصها على احباط مفاعيل أي محاولة لملمة الشارع الإسرائيلي، بل تزكية نار الانقسام الداخلي التي أشعلها مرة أخرى الإعلان عن مقتل الأسرى ومن بينهم أسير أميركي الجنسية وهو ما وصل صداه إلى عمق الولايات المتحدة أيضاً، وترك أثره على تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن الأخيرة، الذي أكد خلالها بأن "نتنياهو لا يبذل جهداً كافياً للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسرى في غزة" منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

بدأ نتنياهو مؤتمره الصحفي بطلب "العفو والصفح" من عائلات الأسرى الذين لقوا حفتهم، فيما خصص الجزء الأكبر لإثبات "أنه على حق". استعان نتنياهو بخريطة عرض عليها محور فيلادلفيا، مشيراً إلى أهمية السيطرة عليه، ومذكّراً بنصائحه المستمرة منذ عام 2005 عندما كان وزيراً في حكومة أرييل شارون، بضرورة عدم الانسحاب من المحور لأن "خروجنا منه كان بمثابة فتح الطريق لدخول الأسلحة إلى حماس"، ومؤكداً على وجوب البقاء فيه لأنه "أنبوب الأوكسيجين لحماس ويجب قطعه".

تولى المعارضون في الداخل مهمة تفنيد المؤتمر الصحفي. ولسوء حظ نتنياهو أنهم كُثر. وفي الوقت الذي اعتبر فيه زعيم المعارضة يائير لابيد أن "الحرب بدأت في 7 أكتوبر، وخلال 8 أشهر لم يكلف نتنياهو نفسه عناء إرسال الجيش إلى فيلادلفيا، ولم يكن هناك أي شيء يمكنه القيام به، وكل ما وصفه في مؤتمره هو فشله الشخصي والمحور لا يزعجه حقاً"، قال وزير الحرب السابق بيني غانتس، أن "أولئك الذين لا يعرفون كيف يلبّون الالتزام بالأهداف العامة للحرب، بما في ذلك إعادة الرهائن، لا يمكنهم قيادتها، فليعد المفاتيح ويترك القيادة لأولئك الذين يمكنهم مواجهة جميع التحديات".

وكان من اللافت ما أشار إليه الوزير المستقيل من مجلس الحرب الإسرائيلي غادي آيزنكوت، أن نتنياهو تجنب في خطابه ذكر التاريخ الذي وافق فيه جميع أعضاء المجلس على صفقة تبادل. وقال آيزنكوت إن نتنياهو ذكر كل التواريخ باستثناء 27 مايو/أيار الماضي، موضحاً أنه في هذا اليوم وافق جميع أعضاء المجلس على مقترح صفقة لإعادة الأسرى. وكان من بين التواريخ التي ذكرها -ما بين أيار/ مايو وتموز/يوليو- ما زعم نتنياهو بأن إسرائيل وافقت فيهم على مقترح صفقة في حين رفضت حماس ذلك.

وشدد آيزنكوت على أن نتنياهو رفض عرض المقترح على المجلس الوزاري الموسع بسبب اثنين من شركائه وصفهما بأنهما "يمسكانه من رقبته"، بإشارة إلى الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، اللذين رفضا الصفقة وطالبا بالاستيطان في غزة.

من جانبه هاجم رئيس مجلس الأمن القومي السابق، غيورا آيلاند، نتنياهو وتعنته في مسألة محور فيلادلفيا وقال: "يبدو أن المحور أكثر أهمية لنتنياهو من حياة المختطفين".

أكد نتنياهو مرات عدة على نيته "عدم تقديم أي تنازلات" واستمراره بخوض الحرب "لكسر حماس". لكن المتغيرات المتسارعة، خاصة تلك التي شهدها الشارع الإسرائيلي واضطر نتنياهو نفسه للمثول أمام الكاميرات في موقف التبرير، قد تنتج حالة مستجدة تدعو نتنياهو لإعادة التفكير ملياًّ في قرارته، كتلك التي أشار إليها رئيس الاتحاد العمالي الإسرائيلي، وهو "تفعيل الاضراب حتى تحقيق النتائج أي عقد صفقة تبادل الأسرى"، مذكراً بما جرى لاستعادة الجندي جلعاد شاليط من غزة.  


الكاتب:

مريم السبلاني

-كاتبة في موقع الخنادق.

-ماجستير علوم سياسية.




روزنامة المحور