عام 1934، كان يعلم رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل الأثر الكبير الذي يمكن أن تحققه الأفلام السينمائية في بناء الهوية والقومية البريطانية أولاً، ثم خلق رأي عام يؤيد خطوة مشاركة الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية. ولأجل ذلك استعان بأحد رواد السينما في هوليوود اليهودي ألكسندر كوردا لتصوير الحرب التي قادتها بريطانيا على انها لحماية استقلال لندن وانتصار لدول الحلفاء على الفاشية، والمشاركة في صناعة التفاهمات ضمن النظام العالمي الجديد في يالطا عام 1945. بعد 87 عاماً يخطو عبد الله بن زايد آل نهيان على خطى تشرتشل في اللجوء إلى البروباغندا والسينما لصبغ هزيمته في اليمن بصبغة هوليودية علّه يستعطف أحداً على جنوده الذي أرسلهم للموت بيديه.
بالتعاون مع شركة "ايه جي سي استوديوز" و "إيمج نيشن أبو ظبي" طرحت شركة "إيه جي سي إنترناشيونال" الإعلان الترويجي لفيلم "الكمين" وهو "فيلم حربي مستوحى من قصة حقيقية حصلت عام 2018، عندما تعرضت قوة إماراتية لكمين نصبه لهم عناصر من المتمردين الحوثيين في وادٍ جبليّ" حسب اعلان الشركة المنتجة. ويرتكز هذا الفيلم على الترويج لصورة الجيش الاماراتي من خلال تقديمه على أنه قوةّ مدربة تمتلك أحدث الأسلحة المتطورة، بينما يهاجمهم "متمردون" حفاة ويتعاملون معهم بشكل شرس مبالغ فيه.
وعلى طريقة تشرشل أيضاً، استعان بن زايد بفريق عمل أجنبي لإعداده، حيث سيشرف على الإنتاج كل من ديريك دواتشي وجنييفر روث، ومن كتابة كورتيس بيرتل. فيما ظهر الوجه الاماراتي أخيراً في التمثيل ربما لصعوبة استئجار ممثلين بإمكانهم أن يؤدوا دور القوات الإماراتية، من بينهم: خليفة الجاسم، عبدالله سعيد بن حيدر، محمد أحمد، مروان عبد الله صالح وخليفة البحري.
ولو أنهم لم يشرحوا عن سبب تواجد هذه القوات داخل اليمن أساساً، وما هو "الهدف النبيل" الذي كانت بصدد القيام به، إلا أن أبو ظبي وإضافة لفضيحة الهزيمة التي لا يمكن لها ان تخبئها في فيلم سينمائي، هي تفتقر للبنى التحتية للدخول في هذا العالم، بغية ترجمة رؤية الحكومة لأفلام، واللعب على صناعة الرأي العام خاصة جمهورها الداخلي الذي يدفع مباشرة فاتورة مغامرات حكّامه.
إذا ما كانت الامارات تبحث مرة أخرى عن مواضيع تتناولها في أفلام أخرى، فيمكنها الاستعانة بمشاهد وصول ميليشياتها إلى صافر عام 2015 برفقة طائرات الأباتشي وحاملات الجنود ومدرعات بغية السيطرة والاستيلاء على حقول النفط، ثم استهدافهم من قبل القوة الصاروخية للجيش واللجان الشعبية، موقعة في صفوفهم ما يقارب 189 قتيلاً من بينهم 67 إماراتياً. أو مشاهد انسحابهم من الحديدة مؤخراً وبشكل مفاجئ. فعلى بن زايد ان يدرك جيداً ان التاريخ والمعادلات الاستراتيجية على الساحة الدولية يكتبها المنتصر الفعلي لا البارع في السينما.
الكاتب: غرفة التحرير