عبثاً حاولت السعودية رص صفوف ميليشياتها في اليمن ولمّ شمل قياداتها تحت سقف المجلس الرئاسي الذي كشف عن حجم الاختلاف العميق المترسخ بين هذه الشخصيات، لحسابات تتعلق بالدرجة الأولى بتقسيم النفوذ وارضاء المرجعية التي تتبناه، وبشكل أساسي السعودية والامارات أصحاب اليد الطولى في دعم الجماعات المسلحة سياسياً ومالياً ولوجستياً والتي تعمل مؤخراً على تنظيم وتسوية الخلافات لنقل دفة الصراع -باعتقادها- إلى حالة تكون فيها يمنية-يمنية، كطريقة لإخراج نفسها من المستنقع التي تورطت فيه.
بدأ الشهر الثاني للهدنة بجملة من الأحداث، تصدر فيها ملف الأسرى اهتمامات كلا الجانبين، غير ان "تعنّت دول العدوان التي سيّست هذا الملفّ الإنساني وربطته بالملفَّين السياسي والعسكري" كان المسؤول عن تأخير إنجازه حسب وصف مسؤولين في صنعاء.
فبعد ان كان مقرراً الافراج عن 2223 أسيراً من الطرفين، ومن بينهم 1400 من أسرى الجيش واللجان الشعبية إضافة لـ 823 من أسرى الحكومة المدعومة من الرياض، أعلن التحالف عما سماها "مبادرة الافراج"، لإطلاق سراح 163 أسيراً من الجيش واللجان، وتم التنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر لإجراء الترتيبات اللازمة بهذا الخصوص.
غير ان اللجنة الوطنية اليمنية لشؤون الاسرى والمعتقلين، اكدت في بيان لها على انه "بعد ثلاثة أيام من الإعلان المزعوم التقينا بممثلي اللجنة الدولية للصليب الأحمر بعد زيارتهم المحتجزين الذي تبيّن أنّ عددهم 126 محتجزًا فقط وليسوا 163 كما أعلن النظام السعودي". مضيفةً "استلمنا منهم الكشوفات وقمنا بفحصها ومطابقتها مع قاعدة بيانات الأسرى والمعتقلين لدينا وتبيّن أنّ جميع المحتجزين ليسوا أسرى حرب، ما عدا خمسة منهم فقط، وأربعة مختطفين صيادين، تمّ اختطافهم من البحر الأحمر وبقية الأسماء غير معروفة لنا كلجنة وطنية لشؤون الأسرى". وأوضحت اللجنة في بيانها أنّ "من بين المحتجزين 9 أجانب يحملون جنسيات أفريقية لا علاقة لنا بهم".
اما على مستوى العسكري، فقد ارتكب التحالف بقيادة السعودية 167 خرقاً، خلال الـ 24 ساعة الماضية، 46 منها في أجواء محافظات مأرب وتعز والضالع وصعدة، في حين رصد 89 خرقاً بإطلاق النيران على منازل المدنيين ومواقع الجيش واللجان في تلك المحافظات أيضاً.
وهذا ما يؤشر على عدم وجود نية في الالتزام بالهدنة التي كانت قد أعلنت الرياض التزامها بها، وكما حفل الشهر بالخروقات فإن ذلك سينسحب على الشهر الثاني حتى انتهاء وقت الهدنة، فيما يرجح مراقبون أنها "غير قابلة للتمديد"، في ظل تشديد صنعاء على مطالبها برفع الحصار أولاً وفتح مطار صنعاء ومختلف الموانئ خاصة ميناء الحديدة، وما يقابله من تحشيد عسكري بغطاء سعودي، على جبهات مأرب تحديداً. حيث وردت معلومات عن زيارة رئيس ما يسمى بالمجلس الرئاسي رشاد العليمي إلى مأرب وسط إجراءات أمنية مشددة وسرية، منعاً لاستهدافه نظراً لخطورة تلك الجبهات وحجم انقسام الميليشيات على انفسهم واحتمالية تمرد الموالين لحزب الإصلاح، وهو ما وصفه مراقبون "التجهيز لما بعد الهدنة والتي غالباً ستبدأ من جبهات مأرب التي يتم الحشد فيها".
الكاتب: مريم السبلاني