أنيس النقّاش، مناضل لبناني، عمل منسقاً لـ "شبكة أمان للبحوث والدراسات الاستراتيجية"، كان مديراً وشريكاً مؤسساً في شركة "المشرقية لتكنولوجيا المعلومات". تميّز بالمواقف الداعمة للقضية الفلسطينية بكل محطاتها لا سيما أيام الانتفاضات، كما تميّز بالفكر المناهض للمشاريع الأمريكية - الاسرائيلية في المنطقة. وكان رافضاً لتخاذل الأنظمة العربية وتطبيعها وعلاقاتها مع واشنطن، بل يدعو الى وحدة في المواجهة. ويقول "أن النصر على الكيان الصهيوني وتحرير فلسطين سيكون نصراً على الامبريالية وعلى الرجعية العربية في آنٍ معاً".
الا أن هذه الرؤية والحماسة الثورية كانت نتيجة محطات عسكرية وعمل ميداني في تاريخ حياة النقّاش، وأبرزها:
_ بدأ اهتمامه السياسي يظهر من خلال التظاهرات الداعمة للجزائر وقضاياها.
_ في عام 1964، انتسب سراً إلى "حركة فتح" وأسّس "خلية المقاصد". كان في الرابعة عشرة حين أقنع الحركة بتأمين مضخة مياه لقرية عيناثا الجنوبية.
_ أضرب عن الطعام احتجاجاً على تخاذل الدولة والعرب، عندما استهدف كوماندوس الاحتلال الأسطول اللبناني في مطار بيروت عام 1969.
_ كان على علاقة بوديع حدّاد أحد مؤسّسي الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين ولعب دوراً في العمليّات الخارجيّة للمقاومة الفلسطينيّة لا سيّما في فترة السّنوات الـخمس الأولى من السبعينات حيث نفّذَت مجموعة من العمليّات ومنها خطفُ طائرات "العال" الاسرائيليّةِ وطائراتِ "بوينغ" التي تقلُّ إسرائيليّين، واستهدافُ "السّفارات الإسرائيليّة" في دول مختلفة، واختطاف جنود اسرائيليّين من أجل المبادلة، وعمليّةُ "ميونخ" عامَ 1972.
_ خلال الحرب عام 1973 كان من أوائل الذين شاركوا في مجموعات المقاومة التي استهدفت بالصواريخ الأولى مستوطنات الاحتلال.
_ في العام 1975 أوكلَ وديع حدّاد المناضل انيس النّقاش عمليّةَ الإشراف والتّنفيذ لعمليّة في فيينا، والتي أدت الى اختطاف 11 وزيراً في مؤتمر منظّمة "أوبك" النّفطيّة بتاريخ 21 كانون الأول.
_ كان له الموقف المعارض من انخراط لبنان في الحرب الأهلية بل كان "يسعى إلى توجيه البنادق إلى إسرائيل فقط".
_ انتقل بعدها الى العمل في جنوب لبنان عام 1978 حيث التقى بالقائد الشهيد عماد مغنية الذي كوّن معه علاقات وطيدة، كما شكّل مجموعات المقاومة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
_ تأثّر النقّاش بالانتصار الثورة الإسلامية في إيران وفكرها، فنسج العلاقات مع القيادة الإيرانية، ثم كان له دور التنسيق بينها وبين القيادات الفلسطينية.
_ حُكم بالمؤبد في فرنسا لكنه سُجن لمدة 10 سنوات فقط بعد محاولة اغتيال "شهبور بختيار" في العاصمة الفرنسية "باريس" عام 1980، وهو آخر رئيس وزراء في عهد الشاه محمد رضا پهلوي في إيران. وكان السجن أيضاُ مكانه النضالي حيث خاض الاضراب عن الطعام احتجاجاً على عدم شمول اسمه ضمن عفو صدر، بالإضافة الى أنه كان الفرصة للاهتمام بمطالعة مختلف المواضيع والتعمّق بها، وأصدر خلال فترة سجنه كتاب باللغة الفرنسية عام 1988 بعنوان " les banques des cheickh salama" وهو دراسة عن المصارف اللاربوية، لكنه لم يترجم الى اللغة العربية.
_ أفرج عنه في 27 تموز 1990، بقرار عفو وقّعه الرئيس الفرنسي السابق "فرنسوا ميتران".
_ انتقل النقّاش الى العمل السياسي وكان ضيف البرامج والمناظرات التلفزيونية مدافعاً عن فلسطين ومحور المقاومة بصفته باحثاً وكاتباً ومحللاً سياسياً واستراتيجيا.
وفاة النقاش
في الثاني والعشرين من شهر شباط عام 2021 توفي في دمشق عن عمر يناهز السبعين بعد تدهور في حالته الصحية. وكان النقّاش قد ولد في بيروت عام 1951، درس في مدرسة المقاصد الإسلامية في لبنان، حيث انخرط باكرا في التنظيمات الطلابية المؤيدة للقضية الفلسطينية. وتابع دراسته في هندسة الديكور، وافتتح مكتباً في المزرعة، كي يظلَّ ارتباطه بالثورة تطوعياً، وعاش منتقلاً بين لبنان وسوريا وإيران.
الكاتب: غرفة التحرير