بغاية الحسم والحزم بشكل لا يحتاج الى تفسير أو تحليل، جاء تعليق القائد العام لحرس الثورة الإسلامية اللواء حسين سلامي خلال مشاركته في تشييع المستشارين العسكريين في طهران، اللذين قضيا في سوريا إثر أحد الاعتداءات الإسرائيلية: "أقول جملة واحدة فقط: نحن سننتقم".
هذا التعهد ينبأ بأننا سنشهد في الفترة المقبلة عملية انتقام، تشبه بضراوتها الى حد كبير، استهداف المقر الاستراتيجي للموساد في أربيل منذ أشهر. لكنها ستكون بالتأكيد عملية مناسبة ومتناسبة، زماناً ومكاناً، بطريقةٍ تؤكد للكيان المؤقت بأنه لا يستطيع فرض شيء على محور المقاومة، لا لناحية قواعد اشتباك، ولا حتى في زمان ومكان بدء الحرب الكبرى الموعودة، كي يهربوا – أي الإسرائيليون - من مشاكلهم الداخلية وتصدّع كيانهم.
وهنا من المفيد الإشارة أيضاً الى بعض أسباب وعوامل تكرار العمليات العدوانية الإسرائيلية في الآونة الأخيرة، التي تستهدف الأراضي السورية وبنية الجيش السوري:
_الانشقاق العميق والحاد بين المستوطنين، الذي انعكس سلباً وبشكل خطير أيضاً على العلاقة مع أمريكا (ما بين الإدارة الأمريكية وحكومة بنيامين نتنياهو)، الأمر الذي يجعل من المستحيل سدّه أو التخفيف من حدّته، إلا من خلال مواجهة عسكرية كبيرة مع سوريا. لذلك يسعون من خلال التصعيد تحديد توقيت المواجهة في سوريا (بما يُفقد محور المقاومة عنصر المفاجأة). لكن محور المقاومة يدرس بدقة تلك العمليات، ويحدد قادته التوقيت المناسب للمواجهة بما يناسب المحور فقط.
_ تستهدف هذه الاعتداءات مساعي فك الحصار عن سوريا، من خلال الجهود العربية والإقليمية لإعادة علاقاتهم مع الدولة السورية، وبالتالي تعبّر عن الإحباط المتزايد داخل الكيان من خروج سوريا من العزلة.
_ القيام بدور مساعد لقوات الاحتلال الأمريكي في سوريا بعد أن تعرضت لهجمات من قبل المقاومة الشعبية.
_الإحباط الإسرائيلي المتزايد والكبير نتيجة التقارب الإيراني السعودي، وما تسبب به من خلل استراتيجي بالنسبة لأمن الكيان. فالكيان أكثر ما يطمح إليه، منطقة متفككة ومتحاربة، خاصةً بين الدول الكبرى فيه، والتي يحمل أي خلاف بينها طابع تقسيمي حاد عرقي ومذهبي.
_ تعتبر إسرائيل أن هناك جهود إيران متزايدة في تنفيذ عمليات ضدها، بحيث يزعم مسؤولوها السياسيون والعسكريون وحتى الأمنيون، بأن حرس الثورة الإسلامية من خلال قوة القدس بالإضافة الى حزب الله هم المسؤولين عن إمداد المقاومة الفلسطينية بالضفة الغربية بالمال وحتى بالسلاح، لتشجيعهم على تنفيذ عمليات.
وهذا ما بيّنه أيضاً المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل مؤخراً، حينما ربط بين "عملية مجدو" وزيادة وتيرة الهجمات الإسرائيلية على ما زعم بأنه أهداف للحرس الثوري الإسلامي في سوريا. ومن المهم الإشارة هنا، إلى أغلب ما يستهدفه جيش الاحتلال الإسرائيلي، هو منشآت للجيش السوري. فلم تستهدف اعتداءاته حتى الآن أي قيمة حساسة في نقل القدرة العسكرية للمقاومة في لبنان كما يدّعي الإسرائيليون دائماً.
أما بالنسبة للوجود العسكري الإيراني، فهو محصور ضمن أطر الدولة السورية عبر مستشارين فقط، للمساعدة في المحافظة على الاستقرار، وأي عمل ينفذوه يتم تحت اشراف الدولة السورية.
الكاتب: غرفة التحرير