الأحد 17 أيلول , 2023 02:30

الأعياد اليهودية: كل تصعيد سيقابله ما يناسبه من معادلات محور المقاومة

اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى

يشهد المسجد الأقصى والقدس المحتلة اليوم، عدواناً إسرائيلياً جديداً، مرشّح لكافة احتمالات التصعيد، بالتزامن مع إحياء مستوطني الكيان المؤقت، لما يُعرف بـ"الأعياد اليهودية" و"رأس السنة العبرية".

فقد اقتحم المستوطنون صباح اليوم الاحد، باحات المسجد الأقصى في القدس المحتلة، بحماية مشددة من قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي ترتكب أبشع الانتهاكات بحق المرابطين هناك، وتؤمن الغطاء لاستفزازات المستوطنين، مع إدراكها بأن هناك معادلات ردع رسمها محور المقاومة والقدس، لن يسهل على كيانها أن يتجاوزها.

وعلى الرغم من فرض قوات الاحتلال لإجراءات مشددة في محيط الأقصى، بغية إعاقة وصول المصلين والمرابطين إليه، حتى تحولت مدينة القدس القديمة الى ثكنة عسكرية. إلّا أن المقدسيين استطاعوا بالرغم ذلك، التصدّي بقوة لاعتداءات المستوطنين، الذين اقتحموا بمجموعات متتالية باحات المسجد الأقصى، وأدوا طقوسًا تلمودية بلباس الكهنة التوراتي وقاموا بـ"السجود الملحمي" واستفزاز المصلّين والمتواجدين في المسجد. فكان لافتاً مشهد تكبيرات المرابطين بوجه مستوطن، قام بنفخ البوق عند أحد أبواب المسجد الأقصى الذي يسمى "باب السلسلة". ولسان حالهم كالذي قاله المرابط المسن والمبعد أبو بكر الشيمي الذي أصيب بجراح في رأسه بعد اعتداء جنود الاحتلال عليه: "سنبقى حراساً للمسجد الأقصى وسندافع عنه طوال حياتنا"، وكمثل ما قالته المرابطة نفيسة خويص: "لن نكلّ ولن نملّ وسنواصل الرباط على أبواب الأقصى حتى نعود إليه".

حماس: إسرائيل تسعى لصورة انتصار

وقد اعتبر الناطق باسم حركة حماس عن مدينة القدس محمد حمادة اقتحامات المستوطنين هذه، بأنها تمثّل استمراراً للعدوان والتغول على المسجد الأقصى، مضيفاً بأن كيان الاحتلال يريد من خلالها انتزاع صورة انتصار له في القدس. وأكد حمادة على أن الشعب الفلسطيني موحّد في الدفاع عن الأقصى ومواجهة العدوان، ولا يمكن لإسرائيل أن تنجح في كسر المعادلة، بأن تجعل الاقتحامات عادة طبيعية. مشدداً على أن المقاومة مستمرة حتى زوال الاحتلال.

تصاعد الخطر

ولا بد الانتباه الى أن اعتداءات اليوم لن تكون الأخيرة، لأن الفترة المقبلة ستشهد العديد من الأعياد اليهودية، والتي من المرجّح أن يتخللها الكثير من استفزازات المستوطنين.

فبعد "عيد رأس السنة العبرية" سيليه ما يسمى بـ"أيام التوبة" الذي عادةّ ما يتخلله انتهاك المستوطنين الأقصى بالثياب البيضاء التوراتية، وصولًا إلى العيد اليهودي الثاني الذي يسمى "عيد الغفران" التوراتي ويحلّ في الـ 25 أيلول / سبتمبر، الذي يسعى المستوطنون الى محاكاة القربان ومحاولة نفخ البوق في المدرسة "التنكزية، والى تسجيل رقم قياسي للمقتحمين فيه للمسجد وفي اليوم التالي له.

أمّا المناسبة الثالثة في الـ 29 من أيلول / سبتمبر، فهي ما يسمى "عيد العرش أو المظلّة"، وهو أحد أعياد الحج التوراتية الذي يرتبط بالـ "الهيكل المزعوم"، ويستمر 8 أيام. وسيحاول فيه المستوطنون إدخال القرابين إلى المسجد الأقصى، ورفع أعداد المقتحمين لما يتجاوز 1500 مقتحم على مدى أيام متتالية، إحياءّ لذكرى سكن اليهود في الخيم وتحت المظلات، خلال تيههم في صحراء سيناء.

وينتظر المستوطنون خلال الفترة القادمة، مرور 4 أشهر حتى بلوغ البقرات الحمراء التي استقدموها من أمريكا سن الثانية، وذلك لذبح إحداها واستخدام رمادها في عملية "تطهيرهم"، ومن ثم السماح لكافة اليهود باقتحام المسجد الأقصى، باعتباره وفقاً لمعتقداتهم هو "المعبد".

كما تجري كل هذه الأحداث، بالتزامن مع انعقاد انتخابات الحاخامية الكبرى، التي تحاول جماعات الهيكل أن توصل شخصيات مؤمنة بتوجهاتها إلى منصب الحاخامية الكبرى، لمضاعفة أعداد المقتحمين للمسجد الأقصى بشكل كبير (الحاخامية الحالية ما زالت متمسكة بفتوى تحريم ومنع اليهود من دخول المسجد).

محور القدس متأهب

بالرغم من كل ما سبق، سيبقى المرابطون هم في الخطوط الأمامية للمواجهة مع كيان الاحتلال ومستوطنيه، ويدعمهم في ذلك العمليات المتوقعة للأسود المنفردة في مقاومة الداخل الفلسطيني المحتلّ، وهذا ما يحسب له الكيان المؤقت الحساب جيداً. حيث تستعد الأجهزة الأمنية للأخير، لمواجهة عمليات هجومية تقدّر بنحو 200 إنذار يومياً، وهو ما يشكّل رقماً خطيراً عليهم من دون شكّ.

ومن خلف مقاومة الداخل، يتحسّب كيان الاحتلال أيضاً، لردّات فعل وتصعيد حركات المقاومة في ساحات محور القدس العديدة، في حال ارتكابه لأي حماقة. فهو يعلم بأن كلّ جبهات المحور تراقب ما يجري من تطورات عن كثب، من الضفة الغربية الى قطاع غزة (قصف الاحتلال بالأمس مراصد فارغة للمقاومة معتبراً إياها رسالة تحذير)، وانتقالاً الى لبنان وغيره من الساحات.

وهذا ما عبّر عنه قائد جهاز الاستخبارات العسكرية – أمان السابق الجنرال في الاحتياط عاموس يدلين والعقيد في الاحتياط أودي أبينثال، اللذان يقدران حصول 5 سيناريوهات أمنية خطيرة قد يواجهها الكيان في السنة الجديدة: استقرار الوضع الأمني الداخلي، والتصعيد في الضفة والقدس وغزة، وتزايد التوتر مع المقاومة الإسلامية في لبنان، والمواجهة في عدّة ساحات (أخطرها مع حزب الله)، وصولاً إلى حرب شاملة.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور