كيف يختبر الأميركيون أشكالاً متعددة من الموت؟

الجريمة في الولايات المتحدة

نجحت الحملة الانتخابية التي حملت عنوان "حان الصباح مرة أخرى في أميركا" بإعادة انتخاب الرئيس رونالد ريغان عام 1984، والتي كانت تقوم على فكرة الترويج للرخاء والوصول إلى حياة سعيدة. بعد حوالي 30 عاماً، كان شعار حملة الرئيس السابق دونالد ترامب "حداد مرة أخرى في أميركا" يجنّد عدداً كبيراً من الناخبين في المناطق ذات أعلى معدلات الوفيات، وخاصة بين الناخبين البيض من الطبقة العاملة، الذين زادت معدلات وفياتهم، نتيجة الإهمال والسلاح المتفلت وتعاطي المخدرات وجرائم القتل. أدرك ترامب بأن الاستثمار في هذه القضية ستحشد عدداً مهماً من المؤيدين، في ظل الأزمة التي تعيشها الولايات المتحدة اليوم، مع استحواذ الشباب على معدلات مرتفعة من نسب الوفيات.

تظهر بيانات مكتب التحقيقات الفدراليFBI، أنّ الولايات المتحدة سجلت أكثر من 21,500 جريمة قتل في 2020، أو ما يعادل حوالى 59 جريمة في اليوم. وبحسب الإحصاءات فإن الغالبية العظمى من عمليات إطلاق النار الجماعية خلفت حوالي 10 قتلى.

ترتكب 75% من جرائم القتل في الولايات المتحدة بأسلحة نارية، فيما تستمر مبيعات المسدسات والبنادق وسواها من الأسلحة النارية آخذة في الارتفاع، والتي وصلت إلى بيع أكثر من 23 مليون قطعة سلاح عام 2020، وأكثر من 20 مليون في 2021. وتذكر الإحصاءات ان هذه الأرقام لا تشمل "الأسلحة الشبح" أي تلك التي تباع كقطع منفصلة، دون أرقام تسلسلية والتي تلقى رواجاً في أوساط الجريمة.

في عام 2020، توفي أكثر من 19000 شخص جراء جرائم القتل، وفقًا لمركز السيطرة على الأمراض، ويمثل الرقم زيادة بنسبة 34٪ عن عام 2019، وزيادة بنسبة 75٪ على مدار العقد السابق.

اللافت ان الوفيات غالباً ما يكونوا شباباً تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً، وهو الرقم الذي يشكل 3 اضعاف معدل الوفيات في بريطانيا مثلاً. وتعود الأسباب الرئيسية إلى ارتفاع معدل الجريمة -القتل بالأعيرة النارية- والتي بلغت 22 ضعف المعدل في الاتحاد الأوروبي عام 2019. إضافة للموت بالجرعات المخدرة، والتي بلغ عددها أكثر من 650 ألف شخص خلال 25 عاما. كما أودت حوادث السير بحياة 43 ألف شخص خلال العام الماضي، وتبلغ حوالي 4 أضعاف المعدل في ألمانيا.

وتقول مجلة ذا ايكونوميست في هذا الصدد، "اختر أي نوع من الموت الكارثي تفضل -الغرق والحريق وحوادث العمل - يبدو سجل أمريكا رهيباً.

المشكلة ليست فقط أن الولايات المتحدة أصبحت أقل أماناً، -تقول المجلة في تقرير بعنوان (أعداد مرعبة من الأمريكيين لن تصل إلى الشيخوخة)-، بل ان دولاً أخرى قد تحسنت في هذا المضمار، ولم تتحسن أمريكا.

أضف إلى ذلك، ان احتمالية تعرض الأميركيين للموت ليس متساوياً. اذ ان الفقراء معرضون للقتل او الموت المبكر بمعدلات أعلى من أولئك الذين يعيشون حياة الرفاهية.

ومع غياب التغطية الصحية لأكثر من 30 مليون أميركي، يجادل خبراء متابعون أهمية العمل على كبح هذه الأعداد المرتفعة في ظل عدم القدرة على ضبط معدلات الوفيات الناتجة عن أسباب طبيعية، كان على الولايات المتحدة، كدولة متقدمة، ان تكون قد تعافت منها.  


الكاتب:

مريم السبلاني

-كاتبة في موقع الخنادق.

-ماجستير علوم سياسية.




روزنامة المحور