مع قرب الإعلان عن توقيت دخول الهدنة حيز التنفيذ، يتعرض المستويين السياسي والعسكري الإسرائيلي لانتقادات لاذعة عما أسماه المستوطنين "تنازلاً ليس من مصلحة إسرائيل". وتشير صحيفة يديعوت أحرنوت إلى هذا الإخفاق في تقرير ترجمه موقع "الخنـادق" وتقول "يجدر بنا أن نسأل الجنود في غزة إلى أي مدى خدعنا السنوار منذ إطلاق سراحه من السجن".
النص المترجم:
في 7 أكتوبر/تشرين الأول، هاجم زعيم حماس يحيى السنوار إسرائيل بشكل وفاجأ جيشها الذي تجاهل أو أخطأ في قراءة علامات التحذير التي نقلها الجنود على الأرض، حيث راقب القادة ما اعتقدوا أنه الصورة الكبيرة، وهو خطأ سيتم التحقيق فيه في وقت لاحق، وكانت الحكومة مشغولة بأمور تبدو اليوم سخيفة.
لكن الحكومة والقيادة العسكرية ما زالتا تصران على إبعاد أعينهما عن الواقع. في مجلس الوزراء الحربي وهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، لا يوجد حتى صوت واحد يتحدى المفهوم الخاطئ الذي قادنا إلى الكارثة التي نحاول الآن إنقاذ أنفسنا منها.
نفس الحكومة المسؤولة عن أكبر فشل في تاريخ البلاد تدفع بالصفقة، التي تقول إنه ليس لديها خيار سوى قبولها. حتى لو كان أشخاص مثل رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي ورئيس الشاباك رونين بار، وكلاهما رجلان يستحقان الثناء والقمة، يقفون بالكامل وراء الصفقة، فليس من المؤكد أنه يمكن فصل مسؤوليتهم عن إحساسهم المبرر بالذنب.
من الواضح أنه بدون دعم بالإجماع من مسؤولي الأمن، لم يكن هناك اتفاق. ويقول أعضاء مجلس الوزراء الحربي إن الدفعة القوية للاتفاق جاءت من هؤلاء المسؤولين، وليس من بعض الوزراء المرتبطين بالصفقة.
يجدر بنا أن نسأل الجنود في غزة إلى أي مدى خدعنا السنوار منذ إطلاق سراحه من السجن في إطلاق سراح السجناء عام 2011 مقابل جلعاد شاليط الذي احتجزته حماس لمدة خمس سنوات. لم يكن الحجم الهائل للمدينة تحت الأرض التي بناها في غزة معروفاً لأيّ مسؤول استخباراتي إسرائيلي.
قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر، لم يدرك أحد أن الاحتجاجات الفلسطينية على حدود غزة كانت بمثابة إلهاء عن الهدف الأكبر، وهو غزو البلدات الإسرائيلية القريبة من الحدود مع القطاع والسيطرة عليها.
وبنت إسرائيل جداراً حدودياً ادّعت أنه سيدافع عن الحدود فوق وتحت الأرض، لكن حماس تدربت أمام أعين الجنود البالغين من العمر 18 عاماً الذين نقلوا ما رأوه، فقط حتى يتمكن قادتهم من وصفهم بأنهم نساء هستيريات. كنا نظن أن تدفق الأموال القطرية إلى غزة والسماح للعمال الفلسطينيين بدخول إسرائيل يشير إلى أن حماس أصبحت حركة سياسية، في حين أنها أعدت هزيمة حاسمة لنا. بطريقة ما، لا يكفي أن نتعلم درسنا: الجميع يعزفون نفس النغمة.
قصة واحدة تلخص كل شيء: شكّل وزير الدفاع يوآف غالانت، الذي كان في منصبه أثناء الكارثة، فريقاً مكلّفاً بتحدي الأفكار والاستراتيجيات التي اقترحها الجيش من خلال طرح أسئلة صعبة والتفكير العكسي. لكن من ترأس الفريق؟ اللواء (احتياط) تامير هيمان، الرئيس السابق للمخابرات العسكرية، الذي غاب عن التحذير من هجوم حماس في مايو/أيار 2021.
في ذلك الوقت، كرر المسؤولون أيضا العبارة السحرية: "حماس تم ردعها". من المستحيل التمييز بين هيمان والرئيس الحالي للمخابرات العسكرية اللواء أهارون هليفا، فلماذا لم يتم طرح الأسئلة الصعبة؟
ورداً على القلق من أن الصفقة ستوقف الحرب تماماً، قيل للجمهور إن هناك التزاماً بتجديد القتال بعد أربعة أيام. ولكن مرة أخرى، العدو هو لاعب غير عقلاني، قاتل لا يرحم، وشخص يعرف كيف يستغل ضعف المجتمع الإسرائيلي.
ومثلما حددت حماس الأزمة الداخلية في إسرائيل بشأن تشريع نتنياهو القضائي، كفرصة للهجوم، فإنها تستخدم الرهائن لحشد الدعم العلني الإسرائيلي للصفقة بينما تستعد لاتخاذ إجراءات مستقبلية.
بطريقة ما، سيحصل الوحش الذي أرسل الإرهابيين لذبح الإسرائيليين على الشرعية بعد إطلاق سراح 50 أسيراً من أصل أكثر من 200، مما يساعده على تأمين وقف كامل لإطلاق النار. ستستخدم حماس صور الجثث المدفونة تحت الأنقاض في غزة لحشد الدعم العالمي لمنع إسرائيل من مواصلة الحرب.
وحتى في هذه الأيام الأربعة المتفق عليها من التوقف عن القتال، سيتوقف الزخم الهجومي ل "جيش الدفاع الإسرائيلي"، مما يسمح للسنور بإعادة تجميع صفوفه وشن هجوم محسّن.
وفي الوقت نفسه، فإن الاتفاق على وقف مؤقت لنشاط الطائرات دون طيار لعدة ساعات في اليوم في غزة يشكّل خطراً على قوات الجيش الإسرائيلي، ويجب على الإسرائيليين أن يشككوا فيما يقوله الجنرالات السابقون وغيرهم من المحللين عندما يحاولون الادعاء بوجود حلول بديلة. الحقيقة بسيطة: لا يوجد.
وفي الوقت نفسه، ستضطر القوات على الأرض، في ذروة جهودها الهجومية، إلى التوقف، وسيتعين على القادة تجنب الرضا عن النفس والتعامل أيضاً مع الصعوبة العقلية للعودة إلى القتال الكامل إذا انتهى وقف إطلاق النار بعد أربعة أيام. وماذا ستفعل القوات إذا تم إطلاق النار عليها؟ أو إذا تم إطلاق الصواريخ من قبل فصائل أخرى في غزة؟ هل سيكون هناك رد قوي على الرغم من الخطر على عودة الأسرى؟
يركز الاتفاق على غزة ولكن ماذا عن الجبهة الشمالية؟ وواصل حزب الله إطلاق الصواريخ والطائرات دون طيار. في الواقع، قد يكون هذا هو الوقت الذي يستغل فيه زعيم حزب الله حسن نصر الله ما قد يعتبره ضعفاً.
الجيش الإسرائيلي جيش قوي، والجنود يقومون بعمل ممتاز ومستعدون لدفع حياتهم ثمنا لتحقيق أهداف الحرب، بما في ذلك إعادة الأسرى الإسرائيليين إلى ديارهم. ولكن في ظل الظروف الحالية، قد تفوّت إسرائيل فرصة تاريخية لتغيير غزة بشكل جذري، سواء من خلال دفع أرواح الجنود أو من خلال تفويت صفقة أفضل.
المصدر: يديعوت أحرنوت