الجمعة 01 كانون الاول , 2023 04:15

طوفان الأقصى تؤكد: الرهان هو على التعبئة

التعبئة أساس محور المقاومة

أعادت معركة طوفان الأقصى إلقاء الضوء، على جانب مهم من الحروب والمعارك العسكرية، وهو الأهمية الكبيرة للعنصر البشري المقاتل، سواء لدى حركات المقاومة أو عند عدوها جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل خاص. فلا غنى عن الجندي المقاتل، مهما تطورت الإمكانيات. لأن توسّع الساحات وميادين المواجهات، وتطوّر التحديات التي ترقى الى درجة التحديات الوجودية، تتطلب الآلاف بل ومئات الألوف وربما الملايين من الجنود والمقاتلين، وما يعرف في ثقافة محور المقاومة بالشخص التعبوي.

وهذا ما لحظ أهميته منذ عقود، مفجر الثورة الإسلامية الإمام روح الله الموسوي الخميني منذ انتصار الثورة، والدعوة الى تشكيل التعبئة (يُصادف يوم التعبئة من كل عام في الـ 26 من تشرين الثاني / نوفمبر).

وعليه فإنه أمام تحدّيات محور المقاومة الحالية، بوجه كيان الاحتلال الإسرائيلي وبوجه الولايات المتحدة الأمريكية، سيكون لتيار التعبئة الممتدّ في منطقة غرب آسيا، الدور الأساسي في التصدي للمشاريع الأمريكية الإسرائيلية، وبكافة أشكال وأساليب المواجهة، من العسكرية وصولاً للتحركات الشعبية الاحتجاجية وغيرها، وفقاً للظروف ومقتضيات المرحلة ومعطيات الميدان، أي بشكل رئيسي وضع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.

وقد أشار قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي الى أهمية التعبئة في وقتنا الحالي في خطابه الأخير بمناسبة يومها، حينما قال بأن "نوى المقاومة هي التي تقرر الآن مصير هذه المنطقة"، مبيناّ بأن التعبئة تشمل كل هذه الحركات.

شواهد الأهمية

يمكن ملاحظة أهمية مفهوم التعبئة من خلال الشواهد التالية العسكرية وغيرها من الجوانب:

_ استدعى الكيان المؤقت بعد عملية طوفان الأقصى ما مجموعه 360 ألف جندي من أصل 9 ملايين مستوطن أي ما نسبته 12 %، لمعرفتها بمدى حاجتها لهم في جبهة قطاع غزة، وفي جبهة الشمال أمام حزب الله، وحوالي 100 ألف منهم كقوة احتياط. وقد ألحقت هذه الخطوة بالخسائر الكبيرة لدى الكيان، خاصة على صعيد اليد العاملة في القطاع الزراعي والتكنولوجي.

_ لا تقتصر التعبئة على الجانب العسكري، بل يلزم أيضاً التعبئة في بعض المجالات الحيوية الأخرى مثل الصحية والإغاثية والصناعية والإنتاجية. فخلال الحروب والمعارك، تحتاج هذه المجالات لأكبر عدد من الطاقات البشرية، لكي ترفد الجبهات بما تحتاجه من دعم مختلف، وأيضاً لتأمين حاجات المجتمع الحياتية والصحية وإعادة الإعمار.

وإذا نظرنا الى حزب الله في لبنان كمثال، فقد استطاع خلال عشرات السنين تأمين هذه الشمولية في صفوف تعبئته، بحيث باتت تضم عشرات الآلاف.

_ إن المعيار الأساسي في التعبئة هو التكوين الفردي لعنصرها، وهو ما لحظه الشهيد القائد الحاج عماد مغنية، عندما عدّد مواصفات المجاهد المطلوبة (أي التعبوي والعنصر النظامي في المقاومة)، في مرحلة ما بعد حرب تموز 2006:

1)التخصص العسكري: فلم يعد التعبوي هو من يجيد القتال الفردي فقط، بل بات لديه تخصصاً عسكرياً محدداً.

2)التنوع والشمولية: لا تمنع الخاصية الأولى من أن يكون للتعبوي إطلاع شامل، على باقي الاختصاصات ومختلف المهارات، لأن ظروف الحرب لا يمكن معرفتها بدقة.

3)الوعي والثقافة السياسية: هذا ما يميّز المقاومين عن غيرهم، بأن لديهم وعي سياسي بأنهم يقاتلون في إطار محور كامل بمواجهة جبهة طويلة من الأعداء.

4)شخصية متوازنة من جميع الجوانب، بحيث لا يطغى الجانب العسكري على الجانب الروحي، أو الجانب العقائدي على الجانب البدني.

5)الرغبة والحب: هي أصل المواجهة والعامل الأساسي الذي سيصنع الفارق الميداني.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور