تواجه الإدارة الأميركية جملة من التحديات بما يتعلق بتقديم الدعم العسكري واللوجستي لكيان الاحتلال في حربه على قطاع غزة. اذ أن تأمين التمويل اللازم في ظل التضخم بميزانية الدفاع، "بدا وكأنه مقترن بالفوضى التشريعية"، بحسب مسؤولين أميركيين. تهدد استراتيجية التمويل المتبعة، الذي اقترحها رئيس مجلس النواب، والتي تنتهي في 2 شباط/ فبراير، بإبقاء الانفاق عند مستويات العام السابق، مع تزايد الطلب واستمرار الحرب على غير جبهة، في فلسطين والبحر الأحمر وبقية دول المنطقة، وهذا يعني بحسب صحيفة ذا هيل الأميركية، أن "الدولارات المخصصة لتدريب القوات وجهود الاستعداد الأخرى قد تلقت ضربة قوية".
في الساعات القليلة التي تبعت عملية "طوفان الأقصى"، أعطيت التوجيهات لحاملات الطائرات، "دوايت أيزنهاور"، للتوجه إلى خليج عدن، و"جيرالد آر فورد"، إلى شرق البحر الأبيض المتوسط. كان هذا القرار هو المثل الأبرز على التكاليف المباشرة التي لم يتم التخطيط لها مسبقاً، إضافة للكم الهائل من الأسلحة والذخائر.
لم تصدر وزارة الدفاع بعد تقديراً للتكلفة الإجمالية للدعم الأميركي لإسرائيل، ولكن من المتوقع أن يكون الثمن مرتفعاً. ويعلّق مستشار الكونغرس السابق في قضايا الدفاع، ماكنزي إيغللن: "أنا متأكد من أن الوضع فوضوي للغاية في مكتب المراقب المالي في الوقت الحالي."
أقر قانون تفويض الدفاع الوطني NDAAالذي تبلغ قيمته 886.3 مليار دولار للسنة المالية 2024 الأسبوع الماضي وينتظر توقيع الرئيس الأميركي جو بايدن. في حين أن التشريع المكون من 3.100 صفحة تقريباً يحدد سياسة وزارة الدفاع ويأذن بالإنفاق، لا يمكن للبنتاغون الحصول على سنت واحد حتى يمرر مجلسا النواب والشيوخ ويوقع بايدن على مشروع قانون مخصصات الدفاع المالية.
يتمحور التأخير في هذا التشريع حول قانون المسؤولية المالية (FRA)، الذي وافق عليه المشرعون هذا العام. ينص القانون على أن الحكومة الفيدرالية يمكنها إنفاق 1.59 تريليون دولار فقط في السنة المالية 2024، والتي بدأت في 1 أكتوبر، مع 69 مليار دولار أخرى في اتفاقيات جانبية. لكن رئيس مجلس النواب مايكل جونسون، الذي لم يتم يشارك في محادثات FRA، قاد الجمهوريين في مجلس النواب في الضغط لإعادة التفاوض على الصفقة.
وسط دعوات متزايدة من جناحي الكونغرس لكبح المساعدات المالية والعسكرية للكيان، تتزايد التكاليف مع استمرار الحرب دون أفق.
ويأتي التحالف العسكري لمعالجة "التهديدات" في البحر الأحمر والخليج، والذي أطلق عليه "حارس الرخاء"، على رأس المهام التي تثقل كاهل وزارة الدفاع الأميركية.
ووفقاً للوزارة، نفذ اليمن 100 هجوم بطائرات مسيّرة وصواريخ باليستية منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، استهدفت سفن شحن ترفع أكثر من 35 علماً من دول مختلفة في البحر الأحمر، بما في ذلك مدمرات البحرية الأمريكية. وقد تم اعتراض معظمها، على الرغم من أن بعضها أصاب أهدافها، مما تسبب في إصابات وأضرار.
الواقع، ان هذه الهجمات تسببت بمنع نحو 10 مليارات دولار من البضائع يومياً، وما نتج عن ذلك من ارتفاع في الأسعار. من ناحية أخرى، فإن واشنطن التي تحمل لواء "المدافع الرئيسي عن ممرات الشحن العالمية" مضطرة لدفع تكاليف مضاعفة. اذ ان التصدي لعملية يمنية واحدة تكلف ما بين 1 مليون دولار و 4.3 مليون دولار ولا يمكن للسفن إعادة التحميل في البحر وسيتعين عليها العودة إلى الميناء (قد يكون جيبوتي) لإعادة التحميل إذا استمر النشاط العسكري لفترة أطول، وفقا للخبراء الذين تحدثوا إلى Responsible Statecraft.
أنفق البنتاغون 12.3 مليار دولار على برامج الدفاع الصاروخي في عام 2022 و24.7 مليار دولار على صواريخه وذخائره. ربما لا تكون التكلفة هي الشاغل الأكبر. وبحسب الخبراء أنفسهم، فإن الولايات المتحدة على وشك الانخراط في حرب شاملة في البحر الأحمر في وقت تستنزف فيه طاقتها ومواردها في أوكرانيا وفي إرسال كل ما تطلبه إسرائيل في صراع غزة.
يستغل المرشحون للانتخابات التمهيدية هذا الوضع في حملاتهم. ومنهم من اعتبر انه يجب اخطار الشعب الأميركي عن كل تلك النفقات وسؤالهم عما اذا كان ذلك يصب في "المصلحة الوطنية". خاصة أن القرار اليمني الذي أعلنت عنه صنعاء متعلق برفع الحصار عن قطاع غزة لوقف العمليات ضد السفن، وهذا يعني أن هناك مليارات الدولارات إضافية على وشك أن يتم صرفها.
الكاتب: غرفة التحرير