السبت 03 شباط , 2024 04:56

بريت ماكجورك..العرّاب الأميركي لصفقة التطبيع

بريت ماكجورك

 أربعة مسؤولين أساسيين يرسمون سياسة الشرق الأوسط في الوقت الحالي، وهم جو بايدن، ووزير الخارجية، انتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، أما الأخير الذي يتمتّع بتأثير كبير على الثلاثة المذكورين هو بريت ماكغورك منسق شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "مجلس الأمن القومي". يتصدر حالياً عملية التخطيط الأميركية لمستقبل الحرب في غزة ويدفع في اتجاه استمرار العدوان الإسرائيلي الوحشي على القطاع.

وصفت شبكة " هافينغتون بوست" الإخبارية منسق البيت الأبيض لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بريت ماكجورك، بأنه أحد أقوى الأشخاص في الأمن القومي الأميركي إلى جانب 3 شخصيات أخرى. وقد انخرط ماكغورك في السياسة منذ عهد الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش، وأيضاً خلال ثماني سنوات من عهد الرئيس باراك أوباما، والرئيس دونالد ترمب، وتألّق نجمه، بشكل كبير، في عهد الرئيس الحالي جو بايدن.

وصف بعض المسؤولين الذين عملوا مع ماكغورك، بأنّه ذو أسلوب "فظ"، مشيرين إلى أنه ينجح في استبعاد كلّ من يخالفه الرأي عن دائرة صنع القرار، ويقوّض حتى سلطة وزارة الخارجية الأميركية في بعض المسائل، ولا سيما فيما يتعلّق بالملف الفلسطيني. وفي أعقاب تعيين ماكغورك في منصبه الأخير، بعدما كان من المسؤولين الأميركيين القلائل الذين عملوا مع أربعة رؤساء على التوالي، من الحزبين الجمهوري والديموقراطي، رأى البعض أنّه، في عهد بايدن، أصبح أقوى من أيّ وقت مضى؛ فهو يحدد، حالياً، لجو بايدن الخيارات التي يجب العمل بها، ويتحكم فيما إذا كان سيُسمح للخبراء في الشؤون الدولية - بمن فيهم الموظفون الأكثر خبرة منه في البنتاغون ووزارة الخارجية - بأن يكون لهم أي تأثير على سياسات واشنطن.

ماكغورك معروف بأنه ينظر إلى مبادئ حقوق الإنسان، والقيم الأساسية التي تُجاهر بها الولايات المتحدة في العلن، على أنّها، مسائل ثانوية. وقد عرّضه ذلك لانتقادات واسعة، ولا سيما خلال الجهود التي كان يبذلها للتوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، بعدما جعل من هذه المهمة أولوية للسياسة الأميركية في المنطقة، قبل أن تنقطع جهوده بعد عملية طوفان الأقصى.

لم يكن ماكغورك دبلوماسياً أو خبيراً في منطقة الشرق الأوسط بثقافتها ولغاتها، وإنما اجتذبه جورج بوش الابن من عمله السابق محامياً وأكاديمياً في مجال القانون، بعد كتابات وتنظيرات ورؤى نشرها في مجال كيفية قيادة الحرب على الإرهاب، ولم يكن في مجال كتاباته واهتماماته ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والتوسط لحل للصراع العربي الإسرائيلي، على خلاف مَن سبقوه ممن تولوا هذا المنصب.

تمكّن ماكغورك بمجرد دخوله السِّلك الدبلوماسي والسياسي، من الترقي وظيفياً، حيث عمل في بغداد عام 2004 في ظل عهد الرئيس جورج بوش، واكتسب ثقة في أوساط تلك الإدارة التي شكّل العراق محوراً مهماً في سياستها الخارجية، ودفعت به هذه الخبرة في الساحة العراقية للانضمام إلى مجلس الأمن القومي الأميركي وإدارة الشرق الأوسط.

توثقت علاقة ماكغورك بنائب الرئيس في عهد الرئيس باراك أوباما، الذي كان يشغله جو بايدن، وكان مسؤولاً في إدارة أوباما عن ملف العراق، وجرى ترشيحه لتولّي منصب السفير الأميركي في بغداد منذ 2012 إلى 2015، ثم تولي منصب المبعوث الرئاسي الخاص للتحالف العالمي لمواجهة تنظيم "داعش".

انتقادات وشكاوى بشأن ماكغورك

واجه ماكغورك انتقادات كبيرة منذ أن أصبح منسقاً للبيت الأبيض لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بعد تولي بايدن منصبه الرئاسة الأميركية في عام 2021.

ويعتبر المنتقدون أن ماكغورك ركز بشكل خاطئ على سياسة بايدن في الشرق الأوسط القائمة على تعميق العلاقات الأميركية مع المملكة العربية السعودية، وقال مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون إن ماكغورك يتمتع بنفوذ كبير على الرئيس وأسهم بتهميش الخبراء من أفراد الأمن القومي الآخرين في وكالات مثل وزارة الخارجية والبنتاغون. ورغم الحرب المستمرة على قطاع غزة، فإن ماكغورك ضاعف من فكرة التوصل إلى صفقة سعودية إسرائيلية باعتبارها السبيل لإحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط.

ويرى مصدر أميركي أن المخاوف بشأن تعامل ماكغورك مع الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي وأزمة غزة ليست سوى أحدث جانب من سجله الذي يزعج بعض المراقبين. وهو واحد من مجموعة صغيرة من المتخصصين في مجال الأمن القومي غير المهنيين المكلفين بسياسة الشرق الأوسط في عهد أربعة رؤساء من أحزاب مختلفة.

هذه المسيرة الطويلة تدفع العديد من محللي مستشاري بايدن، إلى التشكيك في الاستراتيجية القديمة التي يصرّ ماكغورك على الاستمرار فيها، في منطقة ارتكبت فيها واشنطن "أخطاء قاتلة ومزعزعة للاستقرار، ولا سيما في العشرين عاماً التي كان يصعد، خلالها، ماكغورك إلى السلطة"، طبقاً لموقع "هافينغتون بوست" الأميركي، وفي السياق، يقول أحد المسؤولين في البيت الأبيض، في حديث إلى الموقع نفسه: "إنه يفكر بعقلية تشبه إلى حد كبير تلك التي كانت سائدة خلال إدارة بوش"، والتي "لم تتغير خلال الـ25 عاماً الماضية".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور