الإثنين 01 تموز , 2024 03:12

ماذا يعني أن يصل اليمين الفرنسي المتطرف إلى السلطة؟

للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية، يقترب اليمين الفرنسي من الفوز لتشكيل حكومة متطرفة في انتخابات مبكرة دعا إليها الرئيس ايمانويل ماكرون. ذهبت انتخابات الجمعية الوطنية لجولة ثانية يوم الأحد المقبل، لحسم الفائز في غالبية المقاعد الـ 577. وعلى الرغم من أن النتائج مفتوحة على احتمالات عدة، إلا أن المشهد الأولي الذي حصد فيه اليمين 12 مليون صوت، أي ما يزيد عن 8 ملايين صوت أكثر مما حصل عليه قبل عامين، يعكس واقعاً جديداً لم يكن يتوقعه ماكرون نفسه، وعلى ما يبدو أن باريس ستكون أمام مرحلة جديدة، ليس فقط بما يتعلق بوضعها الداخلي، ولكن بالسياسة الخارجية أيضاً.

تجري الانتخابات على 577 مقعداً في الجمعية الوطنية. وفي الدوائر الانتخابية التي لا يفوز فيها أي مرشح فوزاً صريحاً في الجولة الأولى، ينتقل المرشحان الأولان، وكذلك أي مرشح يحصل على أكثر من 12.5% من مجموع عدد الناخبين المسجلين في تلك الدائرة، إلى جولة ثانية.  ومن يفوز بأكبر عدد من الأصوات في الجولة الثانية يفوز بالمقعد.

وقد أدت النتائج إلى تقريب اليمين المتطرف من أبواب السلطة أكثر من أي وقت مضى. اذ تظهر النتائج الرسمية أن حزب "التجمع الوطني"، برئاسة جوردان بارديلا، وقيادة مارين لوبان حصل على 33٪. كما حصلت الجبهة الشعبية الجديدة، التحالف اليساري في البلاد، على 28٪ من حصة الأصوات. وجاء تحالف إيمانويل ماكرون الوسطي في المركز الثالث بنسبة 20٪.

كما بلغت نسبة إقبال الناخبين أعلى مستوى لها منذ أربعة عقود، حيث بلغت 65.8٪ - مقارنة بـ 47.51٪ في الجولة الأولى من الانتخابات الأخيرة في عام 2022.

 لم يفكر ماكرون بالاستقالة من منصبه كرئيس، بل دائماً ما يعبر عن إصراره بالبقاء في منصبه حتى تنتهي ولايته عام 2027، لكن هذه النتائج قد تكون كارثية سياسياً بالنسبة لما تبقى له في السلطة.

قد يستطيع حزب "التجمع الوطني" المتطرف أن يستحوذ على أكبر كتلة في البرلمان، وهذا ما يعطيه القدرة على منع أو تعديل مقترحات الحكومة.  كما أن حصوله على الأغلبية في المجلس، سيعطيه الأفضلية في حصوله أيضاً على رئاسة الوزراء (الذي يسميه رئيس الجمهورية)، لأنه قادرة على الضغط وبالتالي اجبار أي حكومة لا يتفق معها على الاستقالة.

من ناحية أخرى، من غير المحتمل أن تحصل أي من التيارات الثلاثة (اليمين المتطرف والوسطيين واليسار) على ما يكفي من الأصوات للحكم بمفردها، أو التوصل إلى اتفاق ائتلافي مشترك.  وفي مثل هذه الحالة، قد تصاب باريس بالشلل السياسي، وهذا يعني المضي بعدد قليل من التشريعات، وحكومة انتقالية تدير الشؤون اليومية الأساسية.

يشير كاتب العمود في صحيفة لوموند الفرنسية، فيليب برنارد، إلى أن هناك تشابه بين العواقب المحتملة لوصول حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف إلى السلطة والأضرار الناجمة عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وما خلّف ذلك من تداعيات اقتصادية خطيرة. خاصة وأن لوبان تصف هذه الخطوة بـ " أهم حدث تاريخي في أوروبا منذ سقوط جدار برلين"، وتحشد عدداً من القضايا للعمل عليها، لا تتوافق مع البقاء في الاتحاد أيضاً.

عام 2015، طردت لوبان والدها من الحزب بعد تصريحات اعتبر فيها المحرقة التي تعرض لها اليهود على أنها "تفصيل في التاريخ" وغيرها من العبارات التي اعتبرت معاداة للسامية. وقامت بتغيير اسم الحزب إلى "التجمع الوطني" عام 2018 بعد أن كان يعرف بـ "الجبهة الوطنية". وعلى الرغم من محاولتها تحييد صفة "التطرف" عن الحزب، إلا أنها لم تنجح جلّ بعد.

نصبت لوبان نفسها كمدافعة عن إسرائيل، خاصة منذ 7 أكتوبر.  بينما اتهمت اليسار باستخدام الحرب بين إسرائيل وغزة كفرصة لمهاجمة اليهود. كما توقفت عن الحديث عن مغادرة الاتحاد الأوروبي، وكتمت إعجابها بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتخلت عن تعهدها بإلغاء زواج المثليين. فيما شكّل وجود بارديلا (الذي يمتلك شعبية واسعة) على رأس الحزب دفعاً قوياً باتجاه اكتساب مزيد من أصوات الناخبين.


الكاتب:

مريم السبلاني

-كاتبة في موقع الخنادق.

-ماجستير علوم سياسية.




روزنامة المحور