الإثنين 15 تموز , 2024 02:59

موقع حدشوت بزمان: غزارة محتوى ينتقد تسوية سياسية مع لبنان

موقع حدشوت بزمان

ازداد الاهتمام بمعرفة ردود الفعل الصادرة عن الجهات الإعلامية في الكيان المؤقت، في مرحلة ما بعد 7 أكتوبر.  ومنذ شهور تسعة، يتابع البعض صفحة إخبارية عبرية على موقع تلغرام، لم تكن رائجة من قبل، اسمها "حدشوت بزمان" وتهتمّ بمتابعة الأحداث التي تجري في الشمال الفلسطيني أكثر من الأحداث الأخرى، حتى تحوّلت إلى واحدة من المصادر الإعلامية العبرية، التي تعطي فكرة واضحة عمّا يدور في المجتمع الإسرائيلي من آراء وصراعات وأزمات وتحوّلات، على المستويات السياسية والأمنية والمجتمعية.

في هذا المقال، تحليل لهذه الجهة الإعلامية، شكلاً ومضموناً وتوجّهاً، في الفترة الممتدة من 1إلى30 حزيران 2024، وهو تحليل اعتمد على ترجمة معظم المحتويات من العبرية إلى العربية، مع الإشارة إلى أن الصفحة ترسل تحديثات إخبارية كل عدة دقائق، إلى درجة أن مجموع المنشورات اليومية يتراوح بين الـ400 أو 600 منشور، وهذه غزارة في المعطيات والتعليقات والمنشورات قلّ نظيرها.

المحتوى الذي تركّز عليه الصفحة بحسب ترتيب الأولويات

- رصد الواقع الأمني الداخلي والحدودي:

تشكّل المواضيع الأمنية حجر الأساس الذي تقوم عليه المواد الإخبارية في موقع "حدشوت بزمان"، وهي مواضيع أمنية مختلفة المستويات، فقد تكون عن حوادث الجريمة والعنف/حوادث السير والطرقات/ حرائق أو حوادث سقوط/ اكتشاف جثة لمفقود/ شابة غرقت في بحيرة طبريا/ عصابات المراهقين/ مجموعة متهمة بالتحرش الجنسي والاعتداء على القاصرين..

- العداء لنتنياهو:

يكاد يخيّل للمتابع أن أودي مزراحي أنشأ هذه الصفحة للتهجّم على نتنياهو فقط. ذلك أن تحليل المضمون الكمّي، يعطي نتنياهو العدد الأكبر من مجموع التكرارات الإحصائية. لا تتوقف عبارات التهجّم على الشق السياسي فقط، بل تذهب نحو الشقّ الشخصي.

- العداء لبن غفير والشرطة:

لا يختلف الموقف من نتنياهو رئيس الوزراء عن الموقف من وزير الأمن القومي إيتان بن غفير. يمتلك الموقع وصاحبه كمية هائلة من الكراهية والضغينة والتحامل عليهما. فهو يرى نتنياهو منفصلا عن الواقع ومخرّفا وجباناً وثرثاراً، ويصف بن غفير ب "المجرم المدان بالإرهاب.

- تغييب الإنسان الفلسطيني والتحريض ضدّه:

من النادر جداً أن ينشر الموقع أي خبر عن الحرب الدائرة في غزة. ولو حاولنا إحصاء تكرار كلمة فلسطيني أو فلسطينيين، لما تجاوز الرقم العشرة.

- حزب الله ونصر الله:

ينتمي هذا الموقع الإخباري وصاحبه إلى الجهة التي لا تؤمن أبدأ بالحلول السياسية مع أعداء الكيان. فهو ينادي علناً بضرورة إكمال الحرب ورفض التسوية والتنازلات "سأنتقد من يدعو إلى حلّ الصراع مع حزب الله عبر التسوية السياسية" وفي منشور صريح وواضح يقول" حزب الله أكثر وحشية من حماس، إذا لم نذبحهم فسوف يذبحوننا!".

- الهجوم على بيروت:

يروّج الموقع كثيرا لتوسعة الحرب ضد لبنان. ويشارك في الحماس لهجوم يطال بيروت وباقي المناطق. "فقط الاعتداء الشديد على سيادة لبنان كدولة سيغير المعادلة".

- المتديّنون الحريديم:

يتبنّى الموقع وصاحبه سياسة العداء للمتديّنين الحريديم، بسبب قانون التجنيد وعدم انخراطهم في القتال إلى جانب أفراد الجيش الذي يدافعون عن الكيان. وغالباً ما ينشر بعض الصور الساخرة منهم، أو يكتب تعليقات تندد بمواقفهم.

نتائج

- يعطي الموقع صورة واضحة جدا عن التباين في المواقف بين شرائح المجتمع الإسرائيلي، بحيث زادت الخلافات وخرجت من حيّز الكلام الشفوي إلى حيّز السلوك الفعلي (ضرب الشرطة للمتظاهرين/ اعتداءات...)

- لا يهتم الموقع أبداً بأي خبر عن الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين، ولا كأنّ إبادة تجري هناك. إن وجدت بعض الأخبار فللشماتة والتشفي، مع الإشارة إلى الحرص على عرض صور القتلى الإسرائيليين الذي سقطوا على الجبهة.

- إلقاء الثقل الإخباري على ما يقوم به نتنياهو أو بن غفير، مقابل ذكر قليل لوزير الحرب أو لقائد أركان الجيش مثلا.

- الإضاءة على الصراعات السياسية الإسرائيلية، مع تبنّي الموقع خيار التعبئة التحريضية ضد إيقاف الحرب وضد التسويات.

- يضيء هذا الموقع -كغيره من المواقع الإخبارية- على قيمة المنصات الفردية في الدينامية الاجتماعية الصهيونية (وغير الصهيونية)، كونها سحبت البساط الإعلامي والإخباري بهدوء شديد، من تحت أرجل شبكات البث العملاقة والقنوات الفضائية ذات التاريخ المهني الطويل، وباتت منافسة قوية لها.

- إنّ حجم المتابعة وعدد المتابعين بالأرقام، ينمّ عن انزياح جزء من الجمهور عن وسائل الإعلام التقليدية وتحوّله نحو الإعلام الرقمي الحديث، مع كل ما يوفّره ويتيحه من خيارات المتابعة والمشاركة والتعليق والتفاعل.

- إن متابعة هذا الموقع بكل ما يرد فيه من سُباب وشتائم وتخوين واتهامات لرموز (الدولة) وقياداتها ومسؤوليها، يعطي انطباعاً أيضا، بمدى الحرية الإعلامية "الممنوحة والمسموحة" للجميع! فمن المعلوم أن المسّ بالأخبار العسكرية والشؤون الأمنية خط أحمر ودونه قرارات منع، لكن على ما يبدو فإنّ المنع لا يسري على الأمور السياسية، بسبب كثرة الصراعات السياسية الحالية التي أوصلت الأمور إلى حالة من التخبّط والتفلّت.





روزنامة المحور