حملت السياسة الإعلامية في بداية تأسيس الكيان الإسرائيلي طابع الإعلام الدفاعي، لكسب الأنصار وتشويه الجانب العربي الفلسطيني تحديداً، ثم حدثت تغييرات في السياسة الإعلامية الإسرائيلية بدايةً من العام 1956.
حيث اتجه الإعلام الإسرائيلي نحو الضغط لاستمرار الهجرة إلى فلسطين، والتركيز على إسرائيل ككيان قائم لا يمكن إزالته، واستمر الحال إلى ما بعد حرب عام 1974، فحاول هذا الإعلام إقناع العالم بأن ما حققته "إسرائيل" من احتلالٍ يجب حمايته لمصلحة جميع شعوب المنطقة، ليعود بعد حرب تشرين ويعيد تنظيم نفسه في مواجهة الانتقادات الدولية للحرب، ويستحدث مناصب جديدة في الإعلام الحربي، كمنصب الضابط المسؤول عن الإعلام في الجيش الإسرائيلي، بسبب تشتّت الرواية الرسمية الإسرائيلية ومحاولة ضبطها، وبسبب وجود الصحافة الأجنبية بحرية شبه مطلقة في تلك الفترة الزمنية".
هذا الإعلام نفسه، كان يقف للمراجعة والنقد الذاتي خلال وعقب الأحداث التي كانت تشكّل انعطافه في تاريخِهِ السياسي أو العسكري، منذ السبعينات والثمانينات في نهاية القرن العشرين، وصولاً إلى ختام الربع الأول من القرن الحالي. فالإعلام الإسرائيلي في زمن انتفاضة الحجارة ليس نفسه الإعلام الذي انشغل بحدث الخروج من لبنان في أيار من العام 2000، ولا في 2006، ولا في حروب غزة المتتالية وصولاً إلى اليوم.
بمعنى أن طبيعة كل معركة تفرض نوعية التعاطي الإعلامي معها، من جهة الإعلان والإخفاء، أو من حيث التوجيه والتحريض والتضليل، ليكون الإعلام مساهماً فعّالا في إدارة المعركة وتأثيراتها ونتائجها. سنعدد في هذا الملخّص خصائص الإعلام الإسرائيلي ونقاط الخلاصات والنتائج التي توصّلت إليها الدراسة أدناه حول قناة "مكان" العبرية الناطقة باللغة العربية، يمكنكم تحميلها بشكل كامل في آخر المخلّص، وهي تحت عنوان "هيئة البثّ الإسرائيلية قناة "مكان" نموذجا".
خصائص الإعلام الإسرائيلي
للإعلام الإسرائيلي خصائص، تعكس طبيعة كيانه الاحتلالي من حيث ظاهرة التعددية الإثنية، أهم هذه الخصائص:
- التعددية الإعلامية: من خلال تعدد وسائل الإعلام واللغات وأعداد وسائل الإعلام في الكيان.
- سيطرة الأحزاب السياسية على الصحف.
- سيطرة الإشكناز (اليهود الغربيون) على وسائل الإعلام ومؤسساتها.
- الاهتمام الكبير بالأخبار الإقليمية والعالمية.
- الرقابة العسكرية على وسائل الإعلام.
قناة "مكان" الفضائية التابعة لهيئة البث الإسرائيلي، تعتبر مذياع الكيان الإسرائيلي. هي نموذج عن القنوات الإسرائيلية الناطقة باللغة العربية الموجهة للشعب العربي في أراضي 1948، وقد زاد في الآونة الأخيرة الاعتماد على التلفزيون الإسرائيلي الناطق بالعربية مكان، أكثر من باقي وسائل الإعلام التقليدي، لقدرته العالية على تقديم الرسائل الإعلامية للجمهور العربي وتحديداً للفلسطينيين في أراضي 1948 بسبب الدعم المالي الحكومي له. وبرغم الخلافات الداخلية الإسرائيلية كالتعددية الفكرية والاختلافات الأيدولوجية، لم تشكّل أيّ عائق تجاه الرسائل الإعلامية الموجّهة للشعب العربي بالعموم والشعب الفلسطيني في أراضي1948، لما تعتبره أهمية في تجسيد المشروع اليهودي على أرض الواقع.
نتائج وخلاصات تتعلق بـ هيئة البثّ الإسرائيلية قناة "مكان"
- الأخبار المبثوثة هي نفسها (وبشكل حرفي تقريباً) مع الصور والمشاهد على فيسبوك وتويتر.
- حضور أخبار المجتمع الفلسطيني والمواطن الفلسطيني، حامل الجنسية الإسرائيلية، كشريك في البلاد.
- لا يوجد خطاب تحريضي ضد العرب بل اهتمام بأمورهم وحياتهم ومشاكلهم في الضفة ومناطق 48 وليس غزة، كأن الاحتلال يعتبر نفسه مسؤولا عنهم.
- العمل بقوّة وجهد لإظهار سلبيات المجتمع الفلسطيني وخصوصاً على مستوى العنف والجريمة.
- تغطية كمّية وعددية لافتة للأخبار المتعلّقة بالعنف والجريمة وحوادث القتل والثأر بين الشرائح العربية.
- لا تمجيد بأي من الزعامات والقيادات الإسرائيلية الحالية، ما يدلّ على أثر الحرب والتشرذم الاجتماعي والسياسي الذي تركته.
- اعتراف بالخسائر البشرية شبه اليومية، من الجنود والرتباء ومخالف الرتب العسكرية.
- تخبّط بين القبول بالحرب أو الرغبة بإنهائها.
- تغطية مقبولة لأخبار المظاهرات والاحتجاجات الطلابية العالمية الداعمة لفلسطين! (على عكس استراتيجية صفحة إسرائيل بالعربية التي غيّبت الموضوع بشكل كامل).
- محاولة التأثير على الخصوم والمنافسين لتغيير طريقة تفكيرهم، عبر تمرير أخبار معيّنة مع ذكر مصادرها الأصلية كمحاولة لزيادة الإقناع.
- تغييب الحديث عن المرأة الإسرائيلية وقدراتها، وعن الإنجازات العلمية، والاكتشافات الأثرية التي تشكّل أولويات في صفحة إسرائيل بالعربية كنموذج.