بعد مرور 224 يوماً على اندلاع حرب طوفان الأقصى، وصمود الشعب الفلسطيني والقيادة العسكرية لحركة حماس، ومواصلة المقاومة تصديها البطولي واستهدافها لقوات جيش الاحتلال ومراكزه وآلياته، وفي ظل سعي الكيان الدائم للتوجه نحو فتح معارك جديدة بحجة تحقيق "النصر الكامل" الذي يدّعيه نتنياهو، يظهر جليًّا فشل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في تحقيق أهدافها وجدواها كما وفي تحرير معظم الأسرى.
يعاني الكيان من أزمات داخلية منها الأزمة الاقتصادية والهجرة المعاكسة والمظاهرات وارتفاع أعداد القتلى الإسرائيليين، والفشل في ردع حزب الله في الجبهة الشمالية مع تكثيف عملياته في الأيام الأخيرة، واستخدامه لتكتيكات وأساليب جديدة في الأسلحة المستخدمة ونوعية الأهداف، الأمر الذي دفع إلى بروز إجماع إسرائيلي على الإخفاق في تقييمهم لنتائج الحرب. وقد برزت العديد من التحليلات والتصريحات التي أشارت إلى الفشل الإسرائيلي في هذه الحرب وصعوبة تحقيق أهدافها، لا سيما تلك المتعلقة في القضاء على حركة حماس وبنيتها التحتية في ظل استمرار المعارك الصعبة والعنيفة داخل أحياء غزة ومدنها، كما وعلى مختلف الجبهات.
أبرز عناوين الفشل في غزة
- غياب خطة "اليوم التالي للحرب": ليس لدى الكيان إلى الآن أيّ تصور حول خطة إستراتيجية للحل في غزّة، في هذا السياق، قال معهد فان لير الإسرائيلي "إن هدف القضاء على حماس وحكمها في غزة بالوسائل العسكرية ليس ممكنًا. في الواقع، لا تملك إسرائيل حلاً حقيقياً لمشكلة غزة؛ وليس لديها خطة لليوم التالي، باستثناء الشعارات الرنانة الداعية إلى إنشاء وإنشاء قوة بديلة تحكم غزة بدلاً من حماس". كما قالت القناة 12 في سياق الحديث عن اليوم التالي وغياب أي استراتيجية للحل "إن العمى السياسي الذي تعانيه حكومة نتنياهو طوال الحرب، ولا سيّما الآن، بعد وقوعها في قبضة بن غفير وسموتريتش اللذين يمنعان التوصل إلى حلّ سياسي في غزة، يجعل إسرائيل تغرق في الوحل الغزّي".
- العزلة الدولية: سبّبت هذه الحرب العزلة الدولية للكيان، بالإضافة إلى توتر في علاقاته مع حلفائه لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية. في هذا الإطار قالت القناة 12 الإسرائيلية "دول العالم كلها ابتعدت عنا، حتى الولايات المتحدة أيضاً، العمود الفقري لإسرائيل، فهي توشك على منعها من استخدام سلاحها، الأمر الذي سيعرّض هذه الأخيرة لخطر وجودي حقيقي".
- افتقاد الأفق الزمني والأمني في ظل الفشل في الحسم العسكري للمعركة: كتبت صحيفة يديعوت أحرونوت مقالاً بعنوان "الجيش الإسرائيلي ينتقد الحكومة في ظل الفشل بحسم الحرب على غزة" ويتحدّث عن توتر بين الحكومة والجيش في إسرائيل على خلفية استمرار الحرب "في ظل الفشل في حسمها".
- الفشل الجوهري واسع النطاق: شكّلت هذه الحرب أكبر كارثة بالنسبة للكيان وفشلًا جوهريًا، ذريعًا وواسع النطاق، هذا ما خلص إليه وزير العدل الاسرائيلي السابق حاييم رامون، حيث كتب في تغريدة له على "X" قال: "عندما يكون الفشل في الحرب واسع النطاق وجوهريًا جدًا، فإن الخطوة الضرورية والآنية هي استبدال رئيس الوزراء الذي فشل". وتابع "الفشل الذريع في 7 أكتوبر والفشل الذريع في إدارة الحرب (على قطاع غزة) منذ ذلك الحين، قولان صحيحان بشكل مضاعف، لكن هذا الفشل الكارثي ليس بذمتكم فقط، بل أيضاً بذمة غالانت وغانتس، رئيس الأركان وكبار أعضاء هيئة الأركان العامة الذين خططوا للتحرك العسكري وقادوه، عليهم أيضاً أن يتحملوا المسؤولية ويستقيلوا فوراً".
- الفشل في إدارة الحرب: اعتبر الجنرال والخبير العسكري الإسرائيلي "إسحاق بريك" بأن فشل رئيس الأركان في إدارة الحرب وعدم وجود خطط حربية لا في الدفاع ولا في الهجوم سيجلب إلى "إسرائيل" انهيار الجيش والاقتصاد والعلاقات الدولية والمجتمع".
الفشل في الجبهة الشمالية مع حزب الله
لم تستطع إسرائيل منع حزب الله من توجيه ضرباته اليومية على مدن وقرى ومواقع الاحتلال في الشمال، واستخدامه لأسلحة نوعية ومفاجآت على صعيد الأسلحة المستخدمة ومكان الاستهداف، ومن الجدير ذكره، في الأيام الأخيرة استخدم حزب الله تكتيكات مختلفة وأساليب جديدة في هجومه على أهداف عسكرية مثل استخدامه للمرة الأولى مسيرة مسلحة بصاروخ من طراز "أس 5" وهو صاروخ جو - أرض، واستهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية غربي مدينة طبريا تبعد نحو 35 كلم عن الحدود مع لبنان، بعد أن كان شعاع الاستهداف بحدود 20 كلم منذ بداية المعركة، واستهداف منطاد "SKYDEW" الاستراتيجي في قاعدة إيلانيا شمال إسرائيل. يمكننا القول بعد هذه النقلات في الأساليب العسكرية أن حزب الله يتحكّم بمجريات الأحداث على الجبهة الشمالية. وبحسب ضابط احتياط في "جيش" الاحتلال إن "حزب الله يحفر في الوعي الإسرائيلي دماراً".
بالإضافة إلى كل ما سبق، يعاني الكيان من أزمات داخلية منها الأزمة الاقتصادية والهجرة المعاكسة والمظاهرات وارتفاع أعداد القتلى الإسرائيليين والانقسام الداخلي على صعيد المجتمع الإسرائيلي بعد إطالة أمد الحرب، وتصدّع واضع داخل الحكومة الإسرائيلي بين أقطاب القيادة السياسية والعسكرية.
ختاماً، لخّص عاموس هارئيل الكاتب في صحيفة هآرتس حال الكيان بالقول "هذه السنة كانت الأكثر صعوبةً وكآبةً في تاريخ إسرائيل. يجب علينا أن نشعر بالحزن، ونطالب بالتغيير".
الكاتب: غرفة التحرير