تلقي الأوضاع الأمنية في كيان الاحتلال عقب عملية طوفان الأقصى على كاهل السكان الإسرائيليين، وأحدثت تحولاً في ظاهرة الهجرة المعاكسة لليهود من فلسطين، فقد انعكست حالة الهلع التي يعيشها المستوطنون على أعداد الذين يغادرون الكيان، بالتوازي مع استمرار الحرب وافتقاد الشعور بالأمن تحت تأثير التهديد والخطر.
ووصل عدد الإسرائيليين الذين غادروا دولة الاحتلال، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حتى الآن إلى أكثر من 470 ألفاً بحسب موقع "زمان إسرائيل". من بين الفئات التي سافرت خارج إسرائيل ورفضت العودة اليها هم الشباب الذين تم استدعاؤهم للتجنيد في جيش الاحتلال للمشاركة في حرب غزة لكنهم رفضوا العودة.
ومع إخلاء المستوطنين في غلاف غزة وفي شمال فلسطين المحتلة، بعيداً عن خطوط المواجهة ثمة 400-500 ألف مستوطن فقدوا مراكز استقرارهم، وفقدوا الشعور بالأمن، وتحولوا إلى عبء كبير على الحكومة الإسرائيلية (بحسب أ. د. محسن محمد صالح). وهذا يشير إلى أن أزمة حقيقية يعانيها الكيان في توفير الأمن لمستوطنيه، وهي أزمة إن طالت ستفقد الكيان أهم أساس قام عليه وهو توفير "الملاذ الآمن" لليهود.
ومن مؤشرات قياس الهجرة العكسية من إسرائيل إلى باقي دول العالم، عدد الرحلات اليومية في مطارات إسرائيل، فبحسب موقع "فلايت رادار 24"، بلغ عدد الرحلات الجوية من مطار بن غوريون لوحده 120 رحلة يومياً وبمعدل 24 ألف مسافر، وهو المعدل الأكبر المسجل في المطار على مدى الأشهر والسنوات الأخير. هذا من غير احتساب الرحلات الجوية من مطاري إيلات وحيفا، والمغادرين عن طريق البحر من ميناءي حيفا ويافا، فإن المجموع يصبح نحو 40 ألف مسافر مغادر يومياً. بالإضافة إلى ذلك، بحسب موقع "the marker" الإسرائيلي بلغ عدد الإسرائيليين ممن يحملون جوازات سفر إسرائيلية ويقيمون بصورة دائمة تقريباً في دول عدة ولا يرغبون بالعودة إلى إسرائيل 800 ألف.
في هذا الصدد، اشارت القناة ال12 الإسرائيلية إلى أن عدداً كبيراً من الإسرائيليين قدموا طلبات لجوء إلى البرتغال بعد إعلانها السماح لليهود بالحصول على تأشيرات اللجوء، شرط حيازتهم على جواز سفر إسرائيلي. وبالمقابل كشف موقع أخبار تأشيرة شنغن الأوربي، عن ارتفاع طلبات الحصول على الجنسية من قِبل الإسرائيليين ومنها: البرتغالية بنسبة 68%، والفرنسية بنسبة 13%، والألمانية بنسبة 10%، والبولندية بنسبة 10%.
وفي خطوة تستند إلى الاهتمام المتزايد بالهجرة إلى إسرائيل من اليهود في الدول المؤهلة بعد 7 أكتوبر، أعلن وزير الهجرة والاندماج الإسرائيلي أوفير صوفر ووزير المالية بتسلئيل سموتريش يوم الأربعاء 14/2/2024 عن خطة لتقديم مكافآت مالية للمهاجرين الجدد "أوليم" الذين يستقرون في المناطق الحدودية الجنوبية أو الشمالية لإسرائيل أو في الضفة الغربية. في هذا السياق، يُشير استطلاع للرأي بحسب ما نقله موقع الجزيرة إلى أن حوالي 33% من الإسرائيليين يفكرون فعلياً بالهجرة بسبب سياسات حكومة نتنياهو. علماً أن نصف سكان الكيان ما زالوا يحملون جوازات سفر بلدانهم الأصلية "أشكيناز"، وبالتالي هم جاهزون لاستخدامها في حال اندلاع أي أزمة (عسكرية أو أمنية)، وهذا الأمر مرشح للتفاقم مع استمرار حرب غزة وتجاوزها الشهر السابع.
الكاتب: غرفة التحرير