حاول العدو بعد فتحه محوراً جديداً في منطقة الشاليهات في جنوب شرق الخيام، توسيع نطاق مناورته بعدما تلقّى ضربات عديدة في محوري تقدمه من وطى الخيام وخلة العصافير. ومستفيداً من المناطق المفتوحة في منطقة الشاليهات حاول رفع استعداد قواته العاملة داخل لبنان إلى ما يوازي الكتيبة المدمجة (سرية دبابات – سرية مشاة محمولة – سرية قوات خاصة) انطلاقاً من مستعمرتي المطلة وكفر يوفال باتجاه أطراف الخيام الجنوبية، مستفيداً من وجوده في تلة الحمامص التي تمنحه رؤية وإشراف على الجهة الغربية وكامل الجهة الجنوبية من الخيام، من المعتقل نزولاً باتجاه قرية الماري. هذا التكتيك الذي استخدم البارحة هدف إلى توسيع المناورة النارية في منطقة تبعد أكثر من 1 كيلومتر عن منطقة التأثير على الاستعدادات القتالية التي زج بها العدو في هذا الاتجاه وهذا ما يقدم للعدو ميزتين:
الأولى: تكثيف الطاقة النارية واستخدام أسلحة غير تقليدية (كالفوسفور الابيض – والقذائف الانشطارية – والصواريخ الحرارية والارتجاجية التي يطلقها طيرانه – امكانية مناورة أكبر بسلاح الدبابات).
الثانية: الابتعاد عن منطقة تأثير الطاقة النارية التي تم وسيتم استخدامها ضد دفاعات المقاومة في هذا المحور.
إلا أن حساب العدو لم يتطابق مع حساب البيدر ومع القدرات والكفاءات الاعجازية التي أثبتها حزب الله في الميدان، فرغم كل ما أسلفناه عن الاستهداف الناري الذي تلقوه فقد استفاد مجاهدو المقاومة من انتشارهم في منطقة أعلى من العدو ليستخدموا في الدفاع نوعين من تكتيكات المناورة النارية:
الأولى: استخدام ميزة الانتشار في مكان مرتفع لاستخدام النيران الحاصدة.
الثانية: الاستفادة من إبعاد العدو عنهم في التكتيك الجديد لتنسيق قصفات مدفعية وصاروخية كثيفة بطاقة تفجيرية كبيرة ضد قوات واستعدادات العدو وتمكنوا من استهداف دبابة وآلية هامر مصفحة بصاروخين موجهين.
تحليل تكتيكات وأداء المقاومة في 31-10-2024
التكتيكات:
- التركيز الناري (الخيام ووطى الخيام): لوحظ تركيز ناري مكثف في منطقة الخيام ووطى الخيام (المحور الخامس - الفرقة 210) باستخدام مزيج من الصواريخ، وقذائف المدفعية، والصواريخ الموجهة. يشير هذا إلى محاولة لإرباك العدو وتشتيت قواته في تلك المنطقة، بهدف إلحاق خسائر فادحة. كما أن تكرار استهداف العدو في هاتين النقطتين يشير إلى أكثر ذلك. قد يكون الهدف هو:
- استنزاف قوات العدو: إجبار العدو على نشر المزيد من القوات والموارد في هذه المنطقة.
- التشويش: محاولة اختراق خطوط الاندفاع الإسرائيلية في هذه المنطقة من خلال التشويش على حركتها بمناورتي النار والحركة بشكل مستقل من خلال الضربات المتكررة بأسلحة المناورة النارية (الصواريخ – المدفعية – الصواريخ المباشرة – والرمايات الثقيلة) على التجمع وبعمليات التعرض الهجومي والالتحام القريب والصد المباشر كعناصر لمناورة الحركة.
- قطع خطوط الإمداد: تعطيل حركة القوات والإمدادات للعدو في المنطقة.
- ردع تحركات العدو: منع العدو من القيام بعمليات هجومية في هذه المنطقة.
تنويع الأهداف: تنوعت الأهداف بين تجمعات الجنود، الآليات العسكرية، الثكنات، والمستعمرات. هذا التنوع يعكس رغبة المقاومة في استهداف مختلف مكونات الوجود العسكري والمدني الإسرائيلي. كما يظهر تنويع الأهداف استراتيجية متعددة الأبعاد تهدف إلى:
- شل القدرات العسكرية: استهداف الثكنات والمواقع العسكرية لتدمير المعدات وقتل الجنود.
- تشتيت الانتباه: جعل العدو ينشر قواته على نطاق واسع لحماية الأهداف المختلفة. كما أن تنويع الأهداف يصعب على العدو تحديد أولويات الدفاع ويشتت جهوده.
- إضعاف الروح المعنوية: ضرب أهداف عسكرية وحيوية في مناطق مدنية (المستعمرات) يؤثر على معنويات المستوطنين والجيش.
- الضغط السياسي: زيادة الضغط على الحكومة الإسرائيلية من خلال إظهار قدرة المقاومة على ضرب أهداف مختلفة.
استخدام المسيّرات (هجومية): استخدام مسيّرة انقضاضية ضد مستعمرة شوميرا يشير إلى:
- زيادة دقة الضربات: المسيرات الانقضاضية تسمح باستهداف دقيق للأهداف.
- تقليل المخاطر: استخدام المسيّرات يقلل من خطر تعرض عناصر المقاومة للخطر.
الدفاع الجوي (هرمز 450): نجاح المقاومة في التصدي لمسيّرة هرمز 450 في القطاع الغربي يدل على:
- تحسين قدرات الرصد: امتلاك أنظمة لرصد تحركات طائرات العدو.
- تطوير وسائل الاشتباك: امتلاك أسلحة فعالة للتصدي للطائرات بدون طيار.
- حماية الأجواء: منع العدو من جمع المعلومات الاستخباراتية عن مواقع المقاومة.
الضربات في العمق (كرمئيل، الكريوت، يركا): استهداف هذه المواقع في العمق له دلالات استراتيجية:
- توسيع نطاق العمليات: إظهار قدرة المقاومة على ضرب أي مكان داخل الأراضي المحتلة. كما أنه يُصعّب على إسرائيل حماية جميع مواقعها ويُجبرها على توزيع مواردها الدفاعية على مساحة أكبر.
- استهداف مراكز لوجستية: تعطيل سلسلة إمداد الجيش الإسرائيلي فاستهداف مخازن الوقود أو الذخيرة في العمق يُمكن أن يُؤثر بشكل كبير على قدرة إسرائيل على القتال ويقلل من الجهوزية والاستعداد.
- رفع التكلفة على العدو: جعل الحرب أكثر كلفة على إسرائيل لدفعها نحو التفاوض أو التراجع.
الأداء:
السرعة والوتيرة: الوتيرة العالية للعمليات تشير إلى تخطيط دقيق وتدريب مكثف لعناصر المقاومة. كما أنها تُظهر قدرة على التكيف السريع مع الظروف المتغيرة في ساحة المعركة.
التنسيق: التنسيق بين المحاور المختلفة يشير إلى قيادة مركزية فعالة. ويؤكد فعالية منظومة القيادة والسيطرة التابعة للمقاومة على المستويات التكتيكية والتعبوية (العملياتية)
الدقة: دقة بعض الضربات تدل على استخدام معلومات استخباراتية جيدة وتدريب عالي. كما أن زيادة دقة الضربات يقلل من الوقت المطلوب لتحقيق الأهداف ويُعظم من تأثير العمليات.
عمليات 31-10-2024 تُمثل تصعيداً مُهماً في نشاط المقاومة، هذا التصعيد يُمكن أن يُؤدي إلى تغييرات في مُعادلات الصراع ويُؤثر على العمليات المستقبلية للعدو. كما يُشير إلى زيادة ثقة المقاومة بنفسها وقدرتها على مُواجهة إسرائيل. ومن المتوقّع استمرار وتيرة العمليات وتنويعها. وتركيز أكبر على الضربات في العمق لاستهداف مواقع استراتيجية. وبالتالي مُحاولات إسرائيلية للتصعيد رداً على عمليات المقاومة.
الكاتب: غرفة التحرير