لطالما اعتبر موقف حزب الله من تطورات الأحداث في أي مرحلة سياسية يمر بها لبنان والمنطقة أمراً هاماً يساعد في فهم المشهد ويساعد في وضع نقاط أولية لما ستؤول إليه الأمور، نظراً لثقله السياسي والاقليمي. ونظراً لحساسية المرحلة بعد الحرب واسقاط النظام في سوريا، كانت كلمة الأمين العام للحزب منتظرة، الذي أكد فيها على تقييم الوضع بعد الحرب وتقدير الموقف للمرحلة المقبلة، والتي تتلخص بمد الجسور والثبات على مبدأ الحوار الوطني.
تناول الشيخ قاسم أربع نقاط، تنقسم بين الشأن الداخلي اللبناني (وضع المقاومة بعد الحرب والعلاقة مع بقية المكونات خاصة الجيش ورؤيتها للمرحلة المقبلة) وتقييم الأوضاع في سوريا.
النقطة الأولى تقييم الأحداث والعدوان على لبنان ووضع المقاومة الحالي والمستقبلي:
تركزت النقطة الأولى على الاجابة عن "ماذا أنجز العدو من عدوان على لبنان؟". وبكل وضوح قال الشيخ قاسم أن العدو أنجز قتل القيادات في حزب الله وعلى رأسهم سماحة سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله وعدد من القيادات والمجاهدين وأنجز الاختراقات لشبكة الاتصالات وتفجير البايجر والأجهزة السلكيّة. لكن، لم يحقّق أهدافه في هذه العمليات.
في المقابل أنجزت المقاومة منع العدو من القضاء على المقاومة وسحقها، ومن التقدّم في الميدان وكانت صواريخها تصل إلى الجبهة الداخلية وهجّرت أكثر من 200 ألف مستوطن تقريبًا. وكذلك قتلت المقاومة مئات الجنود وجرحت المئات من الجنود أيضًا وحصل أضرار اقتصاديّة واجتماعية وأضرار بأنواع شتى في الداخل الاسرائيلي.
بالنسبة للاتفاق، أوضح الشيخ قاسم أن الإتفاق أتى به هوكشتاين وهو مُتّفق عليه بين إسرائيل وأمريكا وعرضه علينا من خلال عرضه على الدولة اللبنانية وعلى الأستاذ نبيه برّي كانت هناك ملاحظات عند الرئيس بري، وكانت هناك ملاحظات لدينا عدّلنا ما استطعنا في هذا الاتفاق وبالتالي هو الذي أتى بالاتفاق ونحن وافقنا ضمن تفاصيل أوردناها في داخل الإتفاق ما الذي جعل العدو يذهب إلى الاتفاق؟ ويوقف هذا العدوان ثلاثة عوامل للقوة والصمود يئست العدو ومن وراءه من الإستمرار.
العامل الأوّل هو صمود المقاومين الأسطوري في الميدان
العامل الثاني دماء الشهداء والتضحيات وعلى رأسهم دماء سيد شهداء المقاومة السيد حسن نصر الله رضوان الله تعالى عليه الذي أعطى الحافز الكبير لشبابنا وأمتنا وأهلنا للصمود والتصدي
العامل الثالث هو الإدارة السياسية والجهادية المتكاملة والفعالة في إدارة معركة أولي البأس بطريقة أوصلت إلى هذه النتيجة.
هذا الإتفاق هو لايقاف العدوان وليس لإنهاء المقاومة وهو اتفاق تنفيذي مستمد من القرار 1701 ويرتبط بجنوب نهر اليطاني حصرًا بحيث تنسحب اسرائيل إلى الحدود اللبنانية وينتشر الجيش اللبناني كسلطة وحيدة تحمل السلاح فلا يتواجد المسلحون والأسلحة في هذه المنطقة ولا علاقة للاتفاق بالداخل اللبناني وقضايا الداخل اللبناني وعلاقة المقاومة بالدولة والجيش ووجود السلاح وكل القضايا الأخرى التي تحتاج إلى حوار ونقاش.
ثانيًا مستقبل المقاومة في لبنان:
أوضح الشيخ قاسم أن هذه المقاومة لا تربح بالضربة القاضية على عدوّها، هذه المقاومة تربح بالنقاط، هي تأخذ جولة وتنتكس في جولة، المهم هو استمرارها والمهم هو بقاؤها في الميدان مهما كانت إمكاناتها محدودة عندما تقدّم المقاومة التضحيات، هذا لا يعني أنّها خسرت بل دفعت ثمن استمراريّتها.
مشدداً على فكرة هي ركيزة الحوار الوطني في جانب من جوانبه، في أن الحزب لا يقول "تعالوا إلى المقاومة لنُنشئها، نحن نقول تعالوا إلى مقاومة أُنشأت وأثبتت جدواها وبيّنت أن هذا العدو لا يمكن أن ينحسر ولا يمكن أن يخرج من الأرض إلا بواسطة المقاومة،". موضحاً أن لكلّ مرحلة طُرقها وأساليبها وليس للمقاومة دائمًا شكل واحد من المواجهة".
ثالثًا برنامج عمل حزب الله للمرحلة القادمة:
يلخص الشيخ قاسم برنامج العمل الذي سيعمل عليه الحزب بـ5 نقاط ليكون شركاء أساسيين في بناء الدولة:
أولًا: تنفيذ الإتفاق في جنوب نهر الليطاني
ثانيًا: إعادة الإعمار بمساعدة الدولة المسؤولة عن الإعمار والتعاون مع كل الدول والمنظّمات والأشقّاء والأصدقاء الذين يرغبون في مساعدة لبنان على الإعمار
ثالثًا: العمل الجاد لانتخاب الرئيس في 9 كانون الثاني لتنطلق عجلة الدولة
رابعًا: المشاركة من خلال الدولة ببرنامج إنقاذي إصلاحي إقتصادي إجتماعي مبنيٌّ على المواطنة والمساواة تحت سقف القانون واتفاق الطائف وفي مواجهة الفساد ومحاسبة المفسدين
خامسًا: الحوار الإيجابي حول القضايا الإشكالية، ما هو موقف لبنان من الإحتلال الإسرائيلي لأرضه؟ كيف نقوّي الجيش اللبناني ليكون دعامة حماية لبنان؟ ما هي استراتيجيّة لبنان الدفاعيّة للإستفادة من المقاومة والشعب سندًا للتحرير؟ هذه أسئلة وغيرها تحتاج إلى حوار بين اللبنانيين.
رابعًا الموقف من التطوّرات السورية:
كما أوضح الشيخ قاسم أن دعم الحزب لسوريا كان لأنها في الموقع المُعادي لإسرائيل وساهمت في تعزيز قدرات المقاومة عبر أراضيها للبنان وفلسطين، أمّا الآن فقد سقط النظام على يد قوى جديدة، نحن لا يمكننا الحكم على هذه القوى الجديدة إلا عندما تستقر وتّتخذ مواقف واضحة وينتظم وضع النظام في سوريا". مشيراً إلى رغبة في الحزب بأن يكون خيار النظام الجديد والشعب السوري هو التعاون بين الشعبين وبين الحكومتين في لبنان وسوريا على قدر المساواة وتبادل الإمكانات ومشاركة كل الأطراف في سوريا وكلّ الطوائف وكل المكوّنات في صياغة الحكم الجديد وفي المشاركة في الحكم الجديد حتّى يكون الحكم في سوريا على قاعدة المواطن السوري وليس على مقاعدة فئة دون أخرى، وأن تعتبر هذه الجهة الحاكمة الجديدة إسرائيل عدوًا وأن لا تطبّع معها".
وبالاشارة إلى طريق الامداد العسكري عبر سوريا، اوضح الشيخ قاسم أن هذه الخسارة تفصيل في العمل المقاوم يُمكن أن يأتي النظام الجديد ويعود هذا الطريق بشكل طبيعي، ويمكن أن نبحث عن طرق أخرى المقاومة مرنة لا تقف عند حد مُعيّن المهم استمراريّة المقاومة".