لم يعد الخلاف بين الأطراف الدولية المتورطة في الحرب على اليمن خافياً، خاصة بين رأس الحربة "السعودية" والمحرك والداعم لها الولايات المتحدة حول كيفية إنهاء الحرب، ففي الوقت الذي تسعى فيه الرياض للخروج من هذا المستنقع الذي بات يكلفها الكثير اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، تريد واشنطن استغلال هذا الواقع لتحقيق المكاسب وتحجيم ولي العهد محمد بن سلمان. ويأتي هذا بالتوازي مع تقدم الجيش واللجان الشعبية على تخوم مدينة مأرب ومديرية الوادي، الأمر الذي اضطر الأفرقاء السياسيين -أدوات السعودية والامارات- لتحريك المسار السياسي والتوجه نحو صنعاء، تماماً كما الأفرقاء الدوليين الذين باتوا يعلمون أن أي حل قادم يجب ان يمر من خلال حكومة صنعاء وقائد حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي.
عضو مجلس الشورى والناطق الرسمي للقوات الجوية سابقاً اللواء ركن طيار عبد الله الجفري أكد في حوار خاص مع "موقع الخنـادق" ان "مدينة مأرب أصبحت منطقة ميتة وقد سقطت عسكرياً بيد الجيش واللجان الشعبية، وفي الأيام القريبة جداً ستسمعون أخباراً تسر كل مواطن يمني شريف، وكل أحرار العالم"، مؤكداً ان "إيران مستعدة للعب دور الوساطة".
وحول المبادرة التي أطلقها السيد عبد الملك الحوثي لأبناء القبائل في مأرب يؤكد اللواء الجفري ان "هناك مبادرة تقدم بها قائد الثورة من 9 نقاط ترد الاعتبار لأبناء مأرب وعلى امتداد فترة طويلة من الزمن والذين حرموا منها أثناء فترة النظام السابق، وأحد بنودها ان تدار هذه المحافظة من قبل أبنائها الشرفاء والمشاركة الفعلية في العمل السياسي وفي المجالس المحلية لهذه المدينة وتأمنيها وترتيب أوضاعها. هذه المبادرة كانت من منطلق وطني حقيقي، وهي لا زالت قائمة وهي تدار من خلال بعض التفاهمات واللقاءات والوساطات عبر شخصيات اجتماعية من أبناء مأرب لتجنيب المدينة ويلات الحروب. لكن كأمر واقع ان استجابوا لهذه المبادرة كان بها، وان لم يستسلموا فخيار الحسم العسكري وارد وهي مسألة ضرورة وطنية لتحريرها. خاصة ان حزب الإصلاح والتنظيمات الإرهابية يتخذون من أبناء القبائل دروعاً بشرية، على قاعدة انا ومن بعدي الطوفان".
وعن انتقال المعركة إلى باب المندب بعد مأرب يشير اللواء الجفري أن "معركتنا ليست في مدينة مأرب فقط أو الساحل الغربي، بل بكافة الجبهات. انا في اعتقادي ان بعد تحرير مدينة مأرب ستسقط كل المشاريع الخارجية، لأن الرهان اليوم على هذه المدينة، حتى المجتمع الدولي أيضاً يتدخل مباشرة من خلال البيانات والتصريحات التي يطلقها، وان ما اسماهم بالـ "حوثيين" أصبحوا يشكلون مصدر قلق بسبب تقدمهم على جبهات مأرب، وكأن مأرب ولاية من ولايات أمريكا او مقاطعة من مقاطعات بريطانيا، وبالتالي ستنتقل المعارك بعد تحرير مأرب، إلى الساحل الغربي وغيره من الجبهات الأخرى".
وفي ظل الحراك السياسي الذي تشهده المنطقة وعن تموضع اليمن ضمن هذه الجولات، يقول اللواء الجفري ان "السيد حسن نصرالله عندما طلب منه ان يلعب دور الوساطة، أكد ان إيران ردت على المملكة السعودية بأن أي توافق وأي حل سياسي يجب ان يكون مع اليمنيين، وهذا ما دار أيضاً في مباحثات العراق. كما ان إيران صرحت بالقول انه إذا طلب منها أي مساعدة أو وساطة في سبيل وقف العدوان ورفع الحصار فهي مستعدة، إضافة لتقدم الجيش واللجان على تخوم مدينة مأرب حيث أصبحت مدينة محسومة عسكرياً، ولكن ما هو حاصل اليوم يدار بمسار سياسي ليس على مستوى اليمن بل اقليمياً".
أما على المستوى الداخلي: "في المسار السياسي، تحدثت وسائل الاعلام ان حزب الإصلاح أرسل وفداً إلى محمد العماد الذي يلعب دور الوساطة بينه وبين قيادة الثورة، وقدموا بعض البنود، منها كان ضمن إطار المبادرة التي أطلقها السيد عبد الملك الحوثي، ومنها لم يكن كذلك، ولم يصدر رأي رسمي من صنعاء حول هذه المبادرة بعد".
ويشير اللواء الجفري الى انه "بالنسبة للانتقالي المدعوم اماراتياً، هو يراهن على المحافظات الجنوبية وما شهدناه مؤخراً من انسحاب عسكري لأكثر من 38 لواء يتبعون لطارق عفاش في الساحل الغربي، والوصول إلى المنطقة الجنوبية، في المخا وباب المندب... هذا التطور اللافت حصل بعدما وصول وفد من الأمم المتحدة إلى تعز ولأول مرة بعد 7 أعوام، وهذا ما يدل ان هناك صفقة سياسية تدار وان هناك تدخلات دولية لم يتم التصريح عنها، خاصة بعد إعلان رأس الهرم الأميركي انه يريد وقف الحرب والتوقف عن امداد السعودية بالأسلحة".
وفي ظل الحادثة الأخيرة التي شهدتها جبهات مأرب عن قيام طائرة هليكوبتر بقصف قوات تابعة لما يسمى بالـ "الشرعية" يكشف اللواء الجفري ان "التحالف كان يستخدم كل قوته لحماية قوات ما يسمى بالـ "الشرعية"، لكن ما حصل على أرض الواقع من تغيير لهذه المعادلة وكل شيء وارد، فهذه العملية اتت لإيجاد الذرائع وحتى يروج في وسائل الاعلام التابعة لهم ان "الحوثيين" يمتلكون تلك الطائرات لإثارة حفيظة ما يسمى بالمجتمع الدولي لاتخاذ مزيد من القرارات القاسية والصارمة وخاصة ان اليمن تحت البند السابع/2216، وانه رغم الحصار لا زال الجيش واللجان يمتلكون الأسلحة، ولذلك لا نستبعد ان تكون هذه العملية في إطار مسرحية يراد من خلالها المزيد من التدخل الدولي وبعد الفشل الذريع بأنهم لم يستطيعوا تحقيق أي شيء على الأرض للعام السابع".
مشيراً إلى ان "طائرات التحالف غالباً ما تستهدف عدداً كبيراً من المواقع والألوية العسكرية للمرتزقة ويتم قصفهم بذريعة المعلومات والضربات الخاطئة، لكن ما تم اكتشافه هو ان هذه الضربات التي ينفذها التحالف ضد هؤلاء المرتزقة هي بسبب هروب عدد كبير من الألوية والوحدات العسكرية التابعة لهم، لأن بقواعد العملية العسكرية عندما يفر المقاتل يشكل انتكاسة وانهيار ويعتبر عمل خائن، ويجب تنفيذ حكم الإعدام بحقه مباشرة. وبالتالي لا خيار امام هؤلاء اما القتال إلى جانب التحالف أو ان يتم قتله. ولا نستبعد أيضاً ان تكون تابعة لحركة أنصار الله رغم انه لم يصدر أي بيان رسمي".
الكاتب: غرفة التحرير