الجمعة 28 كانون الثاني , 2022 03:08

التعاون الصيني-الايراني-الروسي: قلق اسرائيلي وأميركي مزدوج

ايران وروسيا والصين

مع وصول الرئيس الأميركي جو بايدن إلى البيت الأبيض، بدأت الولايات المتحدة بتطبيق استراتيجية تعتمد فيها على صياغة تحالفاتها بما يتلاءم مع هدفها الجديد نحو مسار أكثر مواجهة مع كل من روسيا والصين، ولأجل ذلك اعتبرت أنه من سلم أولوياتها الانسحاب من عدد من الدول على رأسها أفغانستان، وإنهاء عقود من الاحتلال، إضافة لعقد اتفاق نووي مع إيران "لتقويض" نشاطها النووي والعسكري حسب زعمه. على الضفة الأخرى، كان هناك حلف آخر يوطد علاقاته على كافة المستويات وطبق ذلك عملياً خلال عقد اتفاقيات طويلة الأمد تصل إلى ربع قرن من الزمن. وهو تحالف "القوى الشرقية"- طهران وموسكو وبكين.

طيلة السنوات الماضية و"إسرائيل" تعرب عن قلقها من التقارب الصيني الروسي الإيراني والتي عملت جاهدة على توتير الأجواء بين هذه الأطراف. حيث شنت هجمات بحرية وصلت إلى ذروتها خلال العامين الماضيين لأجل زعزعة الأمن بما يحيط خطوط التجارة المتعلقة مباشرة ببكين وطهران.

وضمن هذا الاطار، يبرز تصريح رئيس برنامج الأمن الدولي بجامعة حيفا دان شيفتان، الذي اعتبر ان "الاتفاق الاستراتيجي الذي عقد بين طهران وبكين في الأيام الأخيرة الماضية، يذكر الإسرائيليين بتهديد سابق وهو ما قام به الرئيس المصري جمال عبد الناصر، حين ما قدم له الاتحاد السوفياتي الدعم اللازم ليرسخ الهيمنة الإقليمية وبالتالي تهديد "إسرائيل" لأكثر من عقد من الزمن. وقتها، أدت المحاولة الأميركية لاسترضائه لتفاقم هذا التهديد الذي اندلع منصف عام 1967". مؤكداً ان "الاتفاق الموقع بين الجانبين تناول التدريبات العسكرية المشتركة والتعاون في الصناعات العسكرية وبأسعار منخفضة، ومثل هذه الاتفاقيات تعمل على تحييد الضغط الاقتصادي الأميركي كما تعمل على تعزيز الموقف التفاوضي الإيراني. وهذا ما قد ينذر بزخم متجدد لجهود الهيمنة الإيرانية في المنطقة، لأن ذلك سيؤثر بشكل مباشر على العلاقات الأميركية الصينية". محذراً ان مثل هذه الاتفاقيات بين الصين وإيران "نتيجتها على "إسرائيل" تبدو مأساوية".

مقابل هذا القلق، يسير التحالف الذي يجمع بين الدول الثلاث الى الامام بخطى ثابتة بعد سلسلة اتفاقيات عقدتها هذه الدول فيما بينها، وعلى عدد من المستويات كانت من أبرز تجلياتها المناورة البحرية الأخيرة المشتركة التي استولت على الاهتمام العالمي نظراً لتزامنها مع انعقاد جولة المفاوضات النووية في فيينا كرسالة وجهت إلى واشنطن والدول الأوروبية ان علاقة إيران مع حلفائها لن تتأثر بما ستؤول إليه نتائج المباحثات.

كما تجدر الإشارة إلى ان ايران التي تعاني من الحصار الأميركي الذي استهدف مجمل قطاعاتها وهو الأمر الذي أثر على موازنتها السنوية واقتصادها بشكل أو بآخر، استطاعت من خلال هذه الاتفاقيات التي عقدتها مع الصين وستعقدها مع روسيا أثناء الزيارة المرتقبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى طهران، تحقيق خرق قوي في فعالية الحصار والتخفيف من وطأته.

حيث ان الاستثمار في قطاع الطاقة في طهران سيحظى بحصة الأسد من الاستثمارات التي تقدر بـ 400 مليار دولار في الاتفاقية الاستراتيجية مع الصين. إضافة لقطاع المواصلات التي تعتمد عليه حركة التجارة ونقل البضائع الإيرانية إلى الخارج وهو أحد المحاور الأساسية في الاتفاقيات ضمن مبادرة "حزام واحد، طريق واحد" وهو الأمر الذي ينسجم مع أولويات إيران التنموية.

في الوقت الذي تبحث فيه "إسرائيل" ومن خلفها الولايات المتحدة عن سبل لعزلة إيران عن محيطها الدولي وتجريدها من أوراق القوة لإخضاعها في المفاوضات النووية لكسب اتفاق أكثر انحيازا لمصالحها، حرّكت ايران حجرين مهمين على رقعة الشطرنج أولهما انضمامها إلى منظمة شانغهاي في أيلول عام 2021، والثاني توقيعها اتفاقيات تعاون مع العملاق الاقتصادي في العالم الصين والقوة العسكرية الدولية الوازنة روسيا على مختلف المستويات لفترة قد تتعدى عمر "اسرائيل".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور