رداً على الاستفزازات الأميركية، أجرت الصين بالأمس الجمعة، مناورات عسكرية حول تايوان، ردا على زيارة وفد الكونغرس الأميركي لها. وكشف المتحدث باسم الجيش الصيني، أن الجيش أرسل فرقاطات وقاذفات قنابل وطائرات مقاتلة إلى بحر شرق الصين والمنطقة المحيطة بتايوان. مشيراً إلى أن هذه العملية تأتي ردا على ما وصفه بإرسال إشارات خاطئة على نحو متكرر من أمريكا بخصوص تايوان في الآونة الأخيرة.
ففي مطلع الشهر الحالي، وافقت واشنطن على صفقة أسلحة هي الثالثة من نوعها لتايوان، في عهد الرئيس "جوزيف بايدن"، والتي تتضمن أيضاً معدات وخدمات تدريب وعناصر أخرى لدعم منظومة الدفاع الجوي "باتريوت Patriot -" بقيمة 95 مليون دولار لتايوان.
وفي شباط/فبراير الماضي أيضاً، وافقت الإدارة الأمريكية على صفقة مماثلة لتزويد تايوان بتجهيزات وخدمات عسكرية بقيمة 100 مليون دولار، مخصّصة لمنظومات الدفاع الجوي والصاروخي. أما الأولى فكانت في آب/أغسطس الماضي، حينما تم تسليم تايوان 40 مدفعاً ذاتي الحركة
وتنتقد الدولة الصينية مبيعات الأسلحة الأميركية هذه لتايوان، وترى بأنها تهدد استقرار مضيق تايوان وتقوض سيادة الصين، التي تعتبر تايوان جزءا لا يتجزأ من أراضيها.
ولم تقتصر الاستفزازات الأمريكية على الصفقات العسكرية فقط، بل تعدّته لإرسال القوات الأمريكية قطعاً بحرية الى تلك المنطقة. مثلما حصل في شهر آذار/مارس الماضي، عندما مرت المدمرة الأميركية "رالف جونسون" في مضيق تايوان، لتكون بمثابة رسالة دعم إلى الدول المؤيدة لما يسمى بـ"استقلال تايوان".
فما هي علاقة العملية الروسية العسكرية بهذه القضية؟
وقد جددت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا النقاش، في أوساط الإدارة الأمريكية حول ماهية رد فعل واشنطن، إذا ما أقدمت الصين على خطوة مشابهة للخطوة الروسية. خصوصاً مع إحجام إدارة "بايدن" من التدخل العسكري في أوكرانيا، ورفضها القيام بأي خطوات قد تراها موسكو تصعيداً، مثل فرض منطقة حظر طيران أو إمداد سلطات كييف بطائرات مقاتلة. ما زاد الشكوك حول أن إدارة "بايدن"، ستكرر ذلك في تايوان أيضاً. لا سيما وأن واشنطن حتى الآن لا تعترف بها كدولة مستقلة، حتى أنها لا تقيم علاقات دبلوماسية رسمية معها.
التأييد الصيني للعملية العسكرية الروسية
من جهة أخرى، تراهن الإدارة الأمريكية الحالية على دق إسفين ما بين الصين وروسيا، خصوصاً فيما يتعلق بالعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، على غرار ما حصل في سبعينيات القرن الماضي مع الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون، حينما استطاع تحييد الصين عن الإتحاد السوفياتي.
لكن الواقع الجيوسياسي الحالي الآن، مغاير تماماً لما قد حصل في ذلك الوقت. ففي شباط/فبراير الماضي، التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ، ووقعوا بيانًا مشتركًا، كان بمثابة بيان واقعي حول إنشاء نظام عالمي جديد، وقطبية أوراسية جديدة، لا يمكنها فقط الصمود أمام الهيمنة الأمريكية القائمة على العقوبات، لكن وقادرة أيضاً على السيطرة على الاقتصاد العالمي، وكل القطاعات التي لا يمكن للتهديد بالعقوبات ولا القوة العسكرية أن يؤثر فيها.
ولطالما أعلنت سلطات بكين رفضها للسياسات الأمريكية، وهيمنتها على مؤسسات القرار الدولي، وتدخلها في كل القضايا مستأثرة بدور الدفاع عن الديمقراطيات. لكنها من خلال ذلك تحاول فرض نفوذها، وفرض طوق مناهض للصين وروسيا وكل الدول التي تقف بوجهها. وتعزيز ودعم خيار انفصال تايوان عن الصين، ما دفع بأحد المسؤولين الصينيين إلا التعليق على ذلك ذات مرّة، بأن قضية تايوان هي أكبر برميل بارود بين بلاده وأمريكا، وأنه إذا استمرت السلطات التايوانية، بتحريض من واشنطن، في السير على طريق الانفصال، فمن المرجح أن تدخل هاتان الدولتان (الصين وأمريكا) في صراع عسكري.
لذلك لا مجال للشك في مدى اتحاد روسيا والصين حول الكثير من القضايا المشتركة، التي تبدأ عند مطالبهم بالسيادة ومجالات النفوذ في تايوان وأوكرانيا، ولا تنتهي عند كسر الهيمنة الأمريكية بكافة إشكالها.
الكاتب: غرفة التحرير