الثلاثاء 10 أيار , 2022 04:45

عندما تتعارض سياسة الفاتيكان وأمريكا

الأسقف كارلو فيغانو

لا يوافق العديد من الشخصيات السياسية والدينية، على ما تسبب به المعسكر الغربي، من اندلاع للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وعلى رأسهم رجال الدين والكنيسة. فبعد بابا الفاتيكان فرنسيس، الذي رأى في مقابلة له مع صحيفة إيطالية، أن أحد أسباب النزاع في أوكرانيا هو غضب موسكو الذي سهله ما وصفه بـ"استفزاز حلف شمال الأطلسي على باب روسيا". تبرز مواقف رئيس الأساقفة الكاثوليك وسفير الفاتيكان السابق في واشنطن "كارلو فيغانو"، التي يهاجم فيها بوضوح دول المعسكر الغربي، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. وفي الوقت عينه، يبرر الأسقف "فيغانو" للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ما يأخذه من قرارات، يرى بأنها تهدف الى حماية شعبه وبلاده.

وقد عبر الأسقف "فيغانو" عن هذه الأفكار بوضوح، خلال مقالة افتتاحية مطولة له على موقع LifeSiteNews، حينما شرح فيها رأيه فيما يحصل ما بين روسيا وأوكرانيا، والذي اعتبره مؤامرة عالمية "لتأسيس نظام استبدادي عالمي جديد".

واللافت أنه بدأ مقالته هذه، بالتأكيد على وجود تضليل وتزوير جسيم، تمارسه وسائل الإعلام الرئيسية. متهماً إدارة بايدن وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي بأنهم يريدون الحفاظ على حالة من عدم التوازن الواضح، لجعل أي محاولة للتوصل إلى حل سلمي للأزمة الأوكرانية مستحيلة، ما يستفز روسيا لإثارة الصراع. معتبراً أن هذا الأمر هو مكمن خطورة المشكلة. حيث وصفه بالفخ الذي تم وضعه لكلا البلدين، حيث سيتم استخدام كل منهما لتمكين النخبة العالمية من تنفيذ خطتها الإجرامية.

مجسات "الأوليغارشية"

وأشار "فيغانو" أيضاً الى المؤسسات التي شبهها بمجسات الأوليغارشية، مثل الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي والمنتدى الاقتصادي العالمي والاتحاد الأوروبي، مضيفاً اليها المنظمات التي تدّعي بأنها خيرية كمجتمع "جورج سوروس" المفتوح ومؤسسة بيل وميليندا غيتس.

وأكد على أن تصوير وسائل الإعلام الإخبارية الزائفة لأوكرانيا على أنها بطولية، ولروسيا على أنها همجية هو تحريف للحقائق. مبيناً أنه منزعج من النفاق الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي وأمريكا، في دعمهما غير المشروط للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. كاشفاً أن حكومة الأخير استمرت طوال 8 سنوات حتى الآن، في اضطهاد الأوكرانيين الناطقين باللغة الروسية، حتى أنها حظرت عليهم التحدث بلغتهم الخاصة، وبالرغم من ذلك استطاعت الإفلات من العقاب. مضيفاً بأن هناك صمت مخز عن استخدام الجيش الأوكراني للمدنيين كدروع بشرية، وتثبيته لمواقع مضادات الطائرات داخل التجمعات السكانية والمستشفيات والمدارس ورياض الأطفال على وجه التحديد، كي يتسبب تدميرها في وفيات بين السكان.

وتحدّث الأسقف "فيغانو" أيضاً، عن الأحداث التي أدت الى التمهيد لحصول هذه العملية، من خلال الانقلاب الذي تم عبر الثورة الملونة في العام 2014، والتي أعقبها إنشاء حكومة موالية للناتو، أعضاؤها هم شخصيات دربهم المنتدى الاقتصادي العالمي وجورج سوروس، وتهدف إلى تهيئة الظروف لإخضاع البلاد للناتو، وإزالة النفوذ الروسي منها. موضحاً بأنه من أجل تحقيق هذه الغاية، التزم الجميع الصمت بشأن جرائم الميليشيات النازية الجديدة، التي يمولها نفس الأشخاص الذين يرعون "زيلينسكي".

هذه الأفكار وغيرها، تظهر بأن هناك الكثير من الآراء لشخصيات بارزة، تحجبها الوسائل الإعلامية الغربية، بعكس ما يدعيه معسكرها من حرية للتعبير، وابتعادهم عن حروب البروباغندا. كما تؤكد ما قد سبق أن ذكره الصحفي فيكتور غيتان في كتابه "دبلوماسيو الله.. البابا فرانشيسكو ودبلوماسية الفاتيكان وهرمجدون الأميركية". والذي كشف فيه بأن دبلوماسيو الفاتيكان يجدون أنفسهم في كثير من الأحيان، في صراع مع السياسة الخارجية الأمريكية. مبيناً أن الفاتيكان يرى بأن الغطرسة الأمريكية تأتي بنتائج عكسية في الشرق الأوسط وروسيا والصين.


الكاتب: علي نور الدين




روزنامة المحور