يعيش حزب الله أجواء أربعين عاماً على انطلاقه (أربعون ربيعاً)، واستغل هذه المناسبة ليستذكر الطلقة الأولى وأصحابها وبداية العمل العسكري المنظّم لمواجهة كيان الاحتلال ووضع رؤية تحرير كل شبر من الأرض في لبنان وفلسطين في صلب عقيدته العسكرية. وكان الاستشهاديون هم أصحاب هذه الطلقة الأولى النوعية التي كسرت مزاعم هذا الكيان الذي اعتبر أنه يمكن لفرقة موسيقية في الجيش أن تحتل لبنان.
في يوم 19 أب / أغسطس من العام 1988، كان جيش الاحتلال على موعد مع عملية للاستشهادي هيثم دبوق التي علّق وزير حرب الاحتلال آنذاك إسحاق رابين عقبها بالقول "إننا نواجه موقفاً صعباً".
فمن هو الشهيد دبوق؟
ولد هيثم صبحي دبوق في مدينة صور الجنوبية بتاريخ 4/9/1968. وتميّز في طفولته بالذكاء والهدوء في تصرفاته، وكان يميل إلى المطالعة. تأثر دبوق بانتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1978، واختار على إثرها دراسة العقيدة الإسلامية والعلوم الدينية.
عاصر دبوق مراحل تنكيل الاحتلال بجنوب لبنان وأهله وكان له وعائلته نصيباً، اذ دمّر الاحتلال منزله عام 1978 فانتقل من مدينة صور للسكن في مدينة معركة الجنوبية حيث بدأ يتردد الى المسجد وهناك تعرّف على بعض المجاهدين ثمّ التحق بصفوف المقاومة التي عرف فيها باسمه الجهادي "عبد الرؤوف".
ما هي تفاصيل عمليته؟
منذ بداية عمله في المقاومة خطط لتنفيذ عملية استشهادية وهو في العشرين من عمره الى أن حُدّد زمان ومكان التنفيذ. فعلى طريق تل النحاس ـ مرجعيون الحدودي اقتحم الاستشهادي دبوق خمس آليات عسكرية تابعة لجيش الاحتلال مفجراً سيارته من نوع "رينو 5" المجهّزة بأكثر من 100كيلو غرام من مادة c4، وهي مادة شديدة الانفجار ذات قدرة كبيرة على تدمير الدروع، ويقدّر خبراء عسكريون أن 2 كيلو غرام منها تعادل عند انفجارها قوة 10 كيلو غرام من مادة TNT.
وأصدرت المقاومة بياناً قالت فيه "الأولى إلّا عشر دقائق ظهر يوم الجمعة في تاريخ 7 محرم 1409، الموافق لـ 19 آب 1988، وبنداء يا أبا عبد الله الحسين(ع)، اقتحم مجاهد من أبطال المقاومة الإسلامية - لم يتجاوز العشرين من عمره - بسيارته المفخخة، قافلة للعدو الإسرائيلي على طريق تل النحاس المحاذية لفلسطين المحتلة، قرب بلدة مرجعيون، وتمكن من تفجير سيارته وسط القافلة في أثناء عودتها من الشريط الحدودي إلى فلسطين، وهي تضم ٣ شاحنات تتقدمها سيارة جيب في حين تسير في مؤخرتها ملالة تؤمن الحماية الخلفية. وقد أسفرت العملية الاستشهادية حسب المعلومات الأولية الواردة من شهود عيان في المنطقة، عن خسائر جسيمة في صفوف العدو تقدر بما لا يقل عن ثلاثين صهيوني كانت أشلاء جثثهم تغطي أرض العملية، وتدمير معظم آليات القافلة واحراقها. إن هذه العملية الجريئة التي اختار لها الشهيد السعيد هيثم صبحي دبوق الملقب بـ عبد الرؤوف". واعتبرت المقاومة أن هذه العملية هي "أول الغيث في زمن اسقاط مشاريع الصلح مع العدو الصهيوني وحفظ أمنه وأمن مستوطناته" متوعدةً أن "تستمر مسيرة المقاومة الإسلامية حتى تحرير كل الأرض الإسلامية المحتلة".
وعلى الرغم من أن الاحتلال لم يعترف سوى بـ 3 أصابات في صفوف جنوده الا أن لم تُحسب العملية بعدد قتلى، إنما بقدرتها على اختراق أمن الاحتلال وفي توقيتها الذي تزامن مع مرحلة كان الاحتلال فيها يحاول السيطرة على البلدات اللبنانية وتثبيت مواقعه العسكرية على الأطراف والتلال والقرى الاستراتيجية.
الكاتب: غرفة التحرير