حقّقت عملية الشهيد رعد حازم في شارع "ديزينغوف" الاستراتيجي في "تل ابيب" ضربة مهمة لكيان الاحتلال، ليس فقط في عدد القتلى والاصابات، بل في تداعياتها على مستويات الاحتلال السياسية والأمنية والعسكرية التي لا تزال تسعى بعد مرور أكثر من 5 أشهر على العملية "للانتقام" من عائلة الشهيد ومن مخيم جنين.
اقتحمت قوات الاحتلال في تمام الساعة التاسعة من صباح اليوم المخيم وحاصرت منزل الشهيد ضمن عملية عسكرية ضد جنين ادعى جيش الاحتلال أن هدفها استهداف أخ الشهيد ووالده الذي بات مطارداً منذ تاريخ العملية. ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية عن مصادرها عسكرية أن القوات الخاصة التي شاركت في الاقتحام هي وحدة المستعربين (يماس) ووحدات من لواء "ناحال".
كتيبة جنين وكتائب شهداء الأقصى على جهوزية
لكنّ كتيبة جنين (سرايا القدس) كانت على جهوزيتها المعتادة بوجه كلّ اقتحام، وبادرت الى الاشتباك مع قوات الاحتلال، واعترفت الصحيفة بأن المجاهدين "أعدوا كمينًا للجنود عبر عبوة شديدة الانفجار على مدخل البيت المستهدف"، وأنهم "فجروا العبوة على مقربة من جنود القوة دون وقوع إصابات، فيما سمع دوي انفجار عنيف خلال دخول القوة الخاصة منطقة المنزل المستهدف". ما اضطر الاحتلال لاستقدام التعزيزات من دبابات وطائرات استطلاع محملة بالصواريخ حلّقت فزق جنين خلال الاشتباكات، وفق ما ذكرت القناة 14 العبرية.
وقد امتدت الاشتباكات الى عدّة نقاط، فقد أعلنت الكتيبة عن استهداف قوات الاحتلال في شارع الناصرة بـ "صليات من الرصاص"، كما أعلنت عن "إعطاب آلية عسكرية بعد استهدافها بعبوة متفجرة بشكل مباشر". ولم تغب كتائب شهداء الاقصى في جنين عن الرد على عدوان الاحتلال فاستهدفت الجنود في محيط منزل الشهيد بالعبوات المتفجرة، والرصاص الكثيف محققة الإصابات وفق ما ذكرت. وبذلك رسمت من جديد الفصائل مشهد الوحدة من جهة والانتفاض على ممارسات السلطة الفلسطينية وخياراتها.
هذه السلطة التي نزلت الى الشارع في نابلس لقمع المظاهرات الشعبية المندّدة باعتقال الشاب مصعب اشتيه، لم تحرّك ساكناً أمام عدوان الاحتلال على جنين وقتله للشهداء الأربعة محمد ألونة، محمد أبو ناعسة، أحمد علاونة، عبد الرحمن خازم، بالإضافة الى إطلاقه النار المباشر على مدرسة في جنين وإصابة الأطفال بالخوف والهلع، واكتفت بمناشدة المجتمع الدولي، وشعارات رئيسها محمود عباس في الجمعية العامة للأمم المتحدة التي لم تخلّص يوماً الشعب الفلسطيني من معاناة الاحتلال. الا أنه تجدر الإشارة الى أن هذه السلطة باتت منعزلة عن خيارات قاعدتها الشعبية وبعض المنتسبين لأجهزتها الأمنية الذين أدركوا أن لا خيار أمام هذا الاحتلال سوى العمل المسلّح.
شيّعت الضفة الغربية شهدائها في جنازات حاشدة وسط هتافات وشعارات تدعم الاستمرار في العمليات والانتقام، كذلك أعلن الاضراب وإغلاق المحال التجارية والمؤسسات التعليمية وغيرها حداداً على أرواح الشهداء في كلّ من جنين ونابلس والخليل والبيرة ورام الله وطولكرم وإقليم أريحا والأغوار في إطار "التأكيد على وحدة الصف في مواجهة سياسيات الاحتلال العدوانية"، كما دعت القوى والهيئات الفلسطينية الى "الزحف نحو نقاط التماس وفاء لشهداء جنين".
والى جانب كلمات فتحي حازم، والد الشهيد رعد، الذي حثّ المجاهدين على الوحدة وقال إن "المخيم ووحدة الفصائل أمانة في أعناقكم" وأن "الاحتلال هدم بيتي لكنه لم يهدم عزيمتي"، مثّل ذلك استفتاءً واضحاً على خيار المقاومة واستمرار الضفة في المواجهة والتصعيد.
الاحتلال يقلق من نموذج جنين
اعتبرت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أن الجريمة التي ارتكبتها قوات الاحتلال اليوم في جنين خطوة تصعيدية شديدة الخطورة، تخطوها في إطار ما يسمى حملة "كاسر الأمواج"، والتي يحاول الاحتلال من خلالها تقويض الإرادة الوطنية لشعبنا، وقطع الطريق على الانتفاضة الناهضة في أنحاء الضفة الفلسطينية بما فيها مدينة القدس المحتلة. وفي هذا السياق زعم الجنرال احتياط بقوات الاحتلال، يوآف غالنت، أنه "على الجيش والشاباك الاستعداد لما سيأتي بسبب الحاجة إلى عملية عسكرية واسعة تنهي وجود المسلحين من شمال الضفة الغربية".
اذ إن الاحتلال "منزعج من نموذج جنين وتصاعد مقاومتها الممتدة، وحولها حاضنة شعبية مساندة لها بكل الطرق حتى أصبحت عاصمة للمقاومة في الضفة"، وفق ما شدّد الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم.
الكاتب: مروة ناصر