مَن يعرف اليمن ما قبل عام 2011 ، يُدرك مدى التغير الكبير الذي طرأ على الساحة اليمنية لجهة الإنتقال من ضفةٍ إلى أخرى، وإملاءات كانت فُرضت على الشعب اليمني طيلة عقود فيما يخص موقف هذا البلد من القضية الفلسطينية والقدس.
طيلة نحو 20 عاماً، حاولت الدول المؤثرة على الساحة اليمنية، وعلى رأسها السعودية، طمس حقيقة تأييد الشعب اليمني للمقاومة الفلسطينية، من خلال التضييق على الأحزاب القومية منذ مطلع سبعينات القرن الماضي، مروراً بتورطها باغتيال الرئيس اليمني ابراهيم الحمدي عام 1977، الذي عمل على تعزيز الوحدة اليمنية، وصولاً إلى الحرب الأخيرة التي تشنها الرياض في محاولة منها لإحكام السيطرة على القرار اليمني.
في تلك الحقبة، اقتصر دعم القضية الفلسطينية على الجمعيات الخيرية، وصناديق لجمع التبرعات لفلسطين، ولم تكن صنعاء تشهد مسيرات مؤيدة لها، إلا بهامش بسيط، أما اليوم فقد طرأ تغيّر جذري على المشهد، حيث يقول الشعب اليمني كلمته المساندة لفلسطين في أصعب الظروف التي تمر على هذا البلد.
صنعاء اليوم، ليست كغيرها من العواصم العربية، فهي مختلفة ومتميزة عن باقي المدن، مسيرات وتظاهرات تضامنية في يوم القدس كل عام، بحضور حاشد يُقدّر بمئات الآلاف، ما يعكس حجم التحول السياسي والثقافي الكبيرين في اليمن.
دلائل إحياء يوم القدس في صنعاء
مع هذا الحشد الكبير في بلد يتعرض للعدوان والقصف الممنهج المستمر والحصاء والتجويع، منذ أكثر من 6 سنوات، ثمة دلائل ورسائل عدة، هي:
- تموضع اليمن إلى جانب فلسطين، والهوية العربية للمنطقة، وأنه شعب لا يمكن ان يتخلى عن اعتقاداته ومسؤولياته تجاه الأمة العربية والإسلامية.
- إنهاء جهود "الوهبنة" التي كان يعمل على مأسستها النظام السابق طيلة عقود.
- لن يجد الشعب اليمني نفسه اليوم ضمن محور التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، ما جعل طريقة تعاطي دول "التحالف" أكثر عدائية بتنفيذ الغارات وارتكاب المجازر بحقه، والذي تشارك فيه طائرات إسرائيلية كما أشار اليه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطاب له عام 2017.
وأضاف السيد نصر الله "في اليمن، في مدينة صنعاء، مئات الآلاف، رجال، نساء، صغار، كبار، تحت الشمس، وممكن في أي لحظة يتعرضون لقصف جوي، وترتكب فيهم مجازر، وصائمون، من أجل ماذا؟ من أجل فلسطين ومن أجل القدس، وتأكيداً لهذه البيعة، لا يوجد داعي لأتكلم أكثر عن اليمن، يكفي أن تشاهدوا هذه المسيرة، لتحكموا، انه يساوي فشل الهدف المركزي السعودي الاسرائيلي في المنطقة".
ويحيي اليمنيون يوم القدس العالمي هذا العام كما كل عام بحضور مليوني غير مسبوق، وتشارك فيه 12 محافظة هي: صنعاء، صعدة، الحديدة، ذمار، إب، ريمة، المحويت، تعز، عمران، حجة، الجوف، البيضاء، الضالع.
وكانت الجمهورية الإسلامية أول من دعا لإحياء هذا اليوم، حيث أطلق الإمام الراحل روح الله الخميني، الدعوة للناس، وجعل يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان يومًا للقدس، وقال: "إنني أدعو المسلمين في جميع أنحاء العالم لتكريس يوم الجمعة الأخيرة من هذا الشهر الفضيل من شهر رمضان المبارك ليكون يوم القدس، وإعلان التضامن الدولي من المسلمين في دعم الحقوق المشروعة للشعب المسلم في فلسطين".
الكاتب: غرفة التحرير