يدخل كيان الاحتلال مرحلةً جديدة أكثر تطرفاً بسبب نتائج انتخابات "الكنيست" الخامس والعشرين حيث حجزت كتلة اليمين المتطرّف 64 مقعداً، وحظيت أحزاب بزعامة شخصيات معروفة بتصرفاتها المتطرفة مثل ايتمار بن غفير و بتسلإيل سموتريش، على 14 مقعداً (أحزاب الصهيونية الدينية) الى جانب حزب "شاس" بزعامة أرييه أدرعي الذي حصل على 8 مقاعد. ما يعني أن الحكومة الجديدة التي سيشكلها زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو سترتكز على تحالفات يمينية تنسجم بسياساتها العدائية وستحمل تداعيات على الكيان.
رأى الصحفي الأمريكي توماس فريدمان أن عودة اليمين المتطرّف الى الحكم في كيان الاحتلال سيغّير من وجه هذا الكيان، واعتبر في مقاله في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تحت عنوان " إسرائيل التي نعرفها ذهبت" أن "الائتلاف الذي يركب على ظهره نتنياهو في عودته للحكم، هو الائتلاف الموازي الإسرائيلي للكابوس الأمريكي الذي يتناول سيناريو عودة انتخاب دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024".
وأوضح أن "ائتلاف نتنياهو حقيقي، وهو حلف جامح من زعماء الجمهور الديني والسياسيين المتطرفين قوميا، ومن بينهم بعض المتطرفين اليهود العنصريين الذين يكرهون العرب، والذين في السابق اعتبروا خارج المعايير والحدود السياسية الإسرائيلية، وكون نتنياهو عمليا لا يستطيع أن يشكل ائتلاف أغلبية دون دعم هؤلاء المتطرفين، وبعضهم سيتولى مناصب وزارية في حكومة إسرائيل القادمة".
وأشار إلى أن "اليهود في العالم سينشغلون بسؤال: "هل سنؤيد إسرائيل كهذه أم لا؟ هذا السؤال سيلاحق الطلاب المؤيدين لإسرائيل في الجامعات، وهو سؤال إشكالي بالنسبة لحلفاء إسرائيل العرب؛ استنادا إلى اتفاقات التطبيع، وهم بالإجمال أرادوا إقامة علاقات اقتصادية مع إسرائيل، دون أي نية للوقوف للدفاع عن حكومة تتبع سياسة تمس بعرب إسرائيل".
تحدي العلاقات مع واشنطن
وأما حول علاقة هذه الحكومة المرتقبة مع الولايات المتحدة لا سيما في ظل الإدارة الديمقراطية الحالية فإنه "سيصعب على الدبلوماسيين الأمريكيين الذين دافعوا بصورة تلقائية عن إسرائيل، كما ستدفع أصدقاء تل أبيب في الكونغرس إلى التملص من كل مراسل سيسأل، إذا كان من الواجب على الولايات المتحدة مواصلة نقل مساعدات بمليارات الدولارات لحكومة ترتكز على المتدينين المتطرفين".
حذّر بدروه رئيس لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، بوب مننديز (ديمقراطي)، من نتنياهو، لأنه "في حال شكل حكومة تضم متطرفين من اليمين، هذا يمكن أن "يعمل على تآكل بشكل جدي الدعم الذي تحصل عليه إسرائيل من الحزبين في واشنطن"، وعلق فريدان على ذلك: "هذا يمكن أن يحدث الآن".
فيما اعتبرت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية أنه قد تؤدي الاختلافات في المقاربات والمواقف بين إدارة بايدن والحكومة المقبلة، بشأن القضايا الأساسية لكلا الجانبين، إلى تحدي العلاقات بين الطرفين.
أسباب تصاعد اليمين المتطرّف
شرحت "نيويورك تايمز" أن "نتنياهو نفسه قام بتعزيز التحالف بين بن غفير، الذي تمت إدانته في 2007 بالتحريض على العنصرية، ودعم منظمة إرهابية يهودية، وسموتريتش، وهذه الثقافة حولتهم إلى الحزب الثالث من حيث حجمه في إسرائيل، ومنحت نتنياهو الحلفاء الحيويين لحزب "الليكود" كي يحصل على الأغلبية في الكنيست". ولفتت الى أن "اليمين واليمين المتطرف راكموا القوة، بسبب الخوف" من فلسطيني 48 كما من الفلسطينيين في الضفة الغربية، وبسبب أن "خصومهم في الوسط والوسط – يسار لم يرسلوا أي رسالة مضادة منطقية تثير الإلهام".
لذا كانت هذه العودة نتيجة "مشاعر الخوف من حصول تغيير في هوية إسرائيل اليهودية بعد الاضطرابات التي وقعت في اللد ومناطق أخرى بين اليهود والعرب العام الماضي، والتي أثرت بشكل ملحوظ على توجهات الناخبين الإسرائيليين مدفوعة أيضا بمشاركة تحالف أحزاب عربية في حكومة يائير لابيد".
وأضافت الصحيفة أن المظاهرات التي قادها فلسطينيو الـ 48 داخل الأراضي المحتلة خلال شهر أيار/ مايو 2021 (خلال معركة "سيف القدس) ساعدت في إنهاء حكومة نتنياهو آنذاك، فيما ساعدت تداعيات نفس الاضطرابات، بعد 17 شهراً في إعادته إلى السلطة.
وكان رئيس حكومة الاحتلال السابق نفتالي بينيت قد شكّل ائتلافا منافسا مع نواب "الوسط" واليساريين والعرب الذين أطاحوا بنتنياهو من منصبه في حزيران/ يونيو الماضي، في محاولة منهم لمعالجة الانقسامات في الكيان. وادعت الصحيفة أن "الناخبين اليهود اليمينيين عاقبوا بينيت على هذا القرار لأنهم يعتقدون أن ما قام به يمثل خيانة للهوية اليهودية لإسرائيل".
ورأت الصحيفة أن هذا الوضع "خطير" وسيزيد من حدّة الصراع بين الفلسطينيين والاحتلال. وبحسب الفيلسوف اليهودي موشيه هلبرتال، "خلال عشرات السنين آمن الجمهور اليميني، الذي في معظمه هو صقري في شؤون الأمن، بأن الفلسطينيين لن يوافقوا ولن يسلموا في أي يوم بالدولة اليهودية إلى جانبهم، لذلك، يجب على إسرائيل اتخاذ كل الوسائل العسكرية الحيوية للدفاع (الحرب)". وشرح هلبرتال بأن "الموقف الصقري من الفلسطينيين يتحول الآن إلى شيء جديد، نوع من "القومية المتطرفة الشاملة"، التي ليس فقط ترفض فكرة الدولة الفلسطينية، بل أيضا تعتبر كل عرب الداخل (يحملون الجنسية الإسرائيلية) إرهابيين محتملين، وهذا الأمر سيؤثر بشكل عميق على العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل"
الكاتب: غرفة التحرير