سرايا القدس هي الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، نشأت في مطلع الثمانينيات.
تدرجت العمليات العسكرية لسرايا القدس من عمليات فردية عبر الطعن بالسكاكين في العامين 1982 و1983 وصولاً إلى تشكيل مجموعات عسكرية، والتي نفذت العديد من الهجمات المسلحة بالقنابل والذخيرة الحية ضد الاحتلال الإسرائيلي.
تأسست سرايا القدس على يد القيادي في حركة الجهاد محمود عرفات الخواجا، وكانت في البداية تُعرف باسم "كتائب سيف الإسلام" والتي تحولت لاحقًا الى "القوى الإسلامية المجاهدة" واختصارها "قسم".
ومنذ انطلاقتها تبنّت السرايا التوجه الإسلامي تأسّيًا بحركة الجهاد، كما وضعت نُصب أعينها تحرير فلسطين من الاحتلال وعودة المهجّرين الفلسطينيين إلى وطنهم، كما عُرفت بمعارضتها الشديدة لاتفاق أوسلو الذي وقّعته منظمة التحرير الفلسطينية مع كيان الاحتلال في واشنطن عام 1993، والذي يعترف بـ "إسرائيل" على أنها دولة على 78% من الأراضي الفلسطينية.
خاضت سرايا القدس عشرات العمليات العسكرية ضد الاحتلال وتنوعت بين عمليات استشهادية، إطلاقٍ للصواريخ، قنص للجنود الإسرائيليين، تفجير دبابات إضافة إلى عمليات اقتحام للمستوطنات. في السياق نفسه، فقد نفذت السرايا عمليات عسكرية في العمق الإسرائيلي ومن أبرزها بيت ليد، كفار داروم، ديزنقوف، نتساريم وغيرها...
ولم تثنِ حملة الاعتقالات الواسعة التي تعرض لها قيادي حركة الجهاد وسرايا القدس عن مواصلتهم للعمليات العسكرية، خاصة بعد أن تمكن ستة من عناصرها من الهرب في العام 1987 من السجن في غزة. وبعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى ازداد نشاطها تحديدًا مع معركة مخيم جنين التي خاضتها سرايا القدس والتي ألحقت خسائر كبيرة بكيان الاحتلال بعد تفجيرها لعبوات ناسفة في المخيم الذي كان مكتظًا بالجنود.
وتجدر الإشارة إلى أن مخيم جنين هو مركز قيادة سرايا القدس والذي تعرض بدوره لعدة اجتياحات أبرزها في العام 2002، حيث قامت قوات الاحتلال باجتياح في الضفة الغربية تحت ما سُمّي "عملية السور الواقي" والذي أسفر عنه استشهاد أكثر من 45 مقاتلا من سرايا القدس.
إضافة إلى حملات الاعتقال، تعرض عدد من قادة السرايا للاغتيال ومن أبرزهم قائد السرايا في غزة خالد الدحدوح "أبو الوليد" الذي اغتيل في آذار 2006 بتفجير سيارة كانت على مقربة منه في مدينة غزة. كما اغتالت "إسرائيل" القائد العام للسرايا في شمال الضفة الغربية حسام جرادات في آب 2006 على يد وحدة خاصة من جيش الاحتلال كانت قد اقتحمت مخيم جنين. وكانت آخر الاغتيالات لقائد سرايا القدس في غزة بهاء أبو العطا الذي استشهد وزوجته عبر قصف إسرائيلي استهدف منزله في حي الشجاعية شرق مدينة غزة عام 2019.
القدرات العسكرية
نظرًا لاعتبارها حركة مقاومة مسلحة، فإن المعلومات حول الأسلحة والعتاد التي تمتلكها سرايا القدس ضئيلة جدًا.
في 15 تشرين الثاني 2002 أطلقت سرايا القدس أول صاروخ لها محليّ الصنع والذي وصل لقلب مدينة عسقلان، سُمّي بصاروخ جنين، ثم تم تطويره وتغيير اسمه إلى صاروخ "قدس" وكان القيادي الميداني رامي عيسى قد لعب دورًا كبيرًا في صناعة هذا الصاروخ فيما تكفّل القائد الميداني الآخر محمود جودة وبمساعدةٍ من عدنان بستان في تطويره.
وفي العام 2006، قام القيادي عمر عرفات الخطيب بتهريبِ أول صاروخ "جراد" إلى قطاع غزة، حيث استعملته حركات المقاومة هناك ضدّ جيش الاحتلال. وبعد ست سنوات على امتلاكها لصاروخ جراد، أطلقت سرايا القُدس صاروخًا من طراز "فجر 5" في 15 تشرين الثاني 2012 حيث استهدفت به مدينة تل أبيب وتحديدًا مبنى للاتصالات لا يبعدُ كثيرًا عن مقر قيادة جيش الاحتلال الاسرائيلي.
وعن عدد الصواريخ التي تمتلكها سرايا القادس، أعلن أبو إبراهيم -أحد أبرز قادة سرايا القدس- في العام 2012 "أن السرايا تمتلك آلاف الصواريخ وهي قادرة على استهداف مدن في العمق الإسرائيلي في حالِ قامت إسرائيل بعمليات اغتيال جديدة في قطاع غزة"، كما أكد على "أن قدرات السرايا العسكرية زادت تطورًا كمًّا ونوعًا، وأن هذه الصواريخ تتمتع بدقة كبيرة بفضل السلاح المتطور والذي بُرمج للإفلات من نظام الاعتراض الإسرائيلي".
وكانت السرايا قد أعلنت في تمّوز 2014 عن قصف المفاعل النووي الإسرائيلي "ستوراك" جنوب تل أبيب بصاروخ بعيد المدى من نوع "براق 70" إضافة إلى قصف ميناء أسدود بصاروخ جراد. في 15 تشرين الثاني 2019 أعلنت سرايا القدس عن صاروخ "براق 120" محلّي الصنع والذي يصل مداه لـ 120 كيلومتر، وفي أيار من العام نفسه أعلنت السرايا عن صاروخ "بدر 3 "محليّ الصنع والذي استخدمته لأوّل مرة خلال تصعيد بين جيش الاحتلال وفصائل المقاومة في قطاع غزة في نفس الشهر.
الكاتب: غرفة التحرير