انتخب أسرى حركة الجهاد الإسلامي في سجون الاحتلال، الأسير أنس جرادات أميرًا عامًا للهيئة القيادية العليا لأسرى الحركة لدورة 2023 – 2025، والتي حملت هذه المرّة اسم الشهيد الأسير خضر عدنان الذي استشهد في معركة الأمعاء الخاوية في الثاني من شهر أيار / مايو 2023. وقد اختار الأسرى الأمير العام بالإضافة الى أعضاء الهيئة، من بين "كوادر وقيادات الحركة في سجون الاحتلال، الذين أمضوا سنوات طويلة في الأسر امتدت لأكثر من 20 عامًا، ولا يزالون يمارسون حياتهم الإدارية والتنظيمية والفكرية والثقافية، ويحافظون على تماسك أبنية ومؤسسة هذه الحركة رغم الضربات الكثيرة والتحديات المتلاحقة التي يتعرضون لها".
سيرة الأسير أنس جرادات
ولد الأسير القائد أنس غالب جرادات بتاريخ 7/12/1981، في بلدة "سيلة الحارثية" قضاء مدينة جنين. رغم صغر سنّه شارك الأسير بفعالية عالية في أحداث الانتفاضة الفلسطينية الأولى. تابع الأسير أنس نشاطه خلال الانتفاضة الثانية. الا أنه في هذه الفترة تأثر بخاله الأسير القائد بسرايا القدس سامي جرادات، والتحق بحركة الجهاد الإسلامي.
في البداية برز دور الأسير في مواجهة قوات الاحتلال على الطرق الالتفافية في مدينة جنين، ثمّ كلّفت سرايا القدس بأن يكون أحد قادتها الميدانيين في المدينة. وعمل الى جانب قادة سرايا القدس في الضفة الغربية، من أبرزهم الشهداء نعمان طحاينة، خالد زكارنة وإياد صوالحة.
العمليات الاستشهادية النوعية
شارك القائد جرادات برفقة الشهيدين صوالحة وزكارنة في التجهيز لعملية الاستشهادي محمد حمدية، وكانت مهمة الأسير جرادات توصيل الاستشهادي الذي نفذ عمليته في مدينة العفولة المحتلة بتاريخ 20/5/2002.
وتابع الأسير جرادات بعدها العمل على تجهيز العمليات الاستشهادية من بينها: عملية مفرق "كركور" الاستشهادية ردًا على مجزرة ارتكبها الاحتلال في مخيم جنين خلال شهر نيسان / ابريل 2022. نفّذت سرايا القدس العملية رغم التعقيدات الأمنية، وأسفرت عن مقتل 17 جندياً صهيونياً وإصابة العشرات بتاريخ 5/6/2002.
وتلاحمًا مع قطاع غزّة حيث ارتكب الاحتلال مجزرة والتي أدت لاستشهاد القائد العام لكتائب القسام صلاح شحادة والعديد من الأطفال، شارك القائد جرادات الى جانب القادة طحاينة وصوالحة وسعيد الطوباسي بالتخطيط والتجهيز لعملية نوعية بسيارة مفخخة بحوالي الـ 400 كيلو غرام من المتفجرات.
كذلك كان للأسير جرادات بصمات مهمة في العملية المزدوجة عند "مفترق كركور". اذ اشترى "جيبًا" من أجل استخدامه في العملية، ونجح في تمرير السيارة المفخخة رغم إجراءات الاحتلال الأمنية المشدّدة. كما استقطب اثنين من المجاهدين للمساعدة في العملية. أدت العملية الى مقتل 14 جنديًا وإصابة 50 آخرين.
قائد سرايا القدس في جنين
بعد شهادة القائد، صوالحة وأسر الطوباسي وقبل شهادة طحاينة عيّن الأخير الأسير جرادات قائدًا لسرايا القدس في جنين. فعمل الأسير جرادات على إعادة هيكلية وترتيب سرايا القدس وبدأ بتقسيم المجموعات والخلايا العسكرية كل حسب تخصصه.
كذلك أراد الأسير جرادات أن تتمدّد المقاومة وتجربة مخيم جنين بعد الانتصار في المعركة في نيسان / ابريل عام 2002. فطور العمل العسكري ووسع دائرة التعاون مع خلايا سرايا القدس في مدينة طولكرم، وزودهم بكمية متفجرات وعتاد وذخيرة، كما ساهم في تبادل الخبرات والمعلومات مع المجاهدين.
في هذه الفترة، وبعد العمل الجهادي للقائد جرادات، كثّف الاحتلال ملاحقته لمجاهدي سرايا القدس، وعندما لم يصل اليه هدم الاحتلال منزل عائلته واعتقل أشقاءه للضغط عليه. لكن القائد تابع عمله، بل وخطّط لعملية استشهادية استهدفت مستوطنة "شاكيد" تاريخ 19/4/2003، وأدت لإصابة 3 جنود. وقد تبناها القائد وأعلن اسم منفذها.
الاعتقال واستمرار الإرادة
في الحادي عشر من شهر أيار / مايو من العام 2003، رصد "شاباك" الاحتلال مكانًا تواجد فيه القائد جرادات مع مجاهدين آخرين. فاعتقلهم وأحالهم الى التحقيق. ثمّ حكم الاحتلال عليه بـ 35 مؤبداً بالإضافة إلى 35 عاماً أخرى، بتهمة الانتماء والعضوية في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وجناحها العسكري سرايا القدس، ومسؤوليته عن أبرز عمليات سرايا القدس التي أدت الى مقتل 31 جنديًا اسرائيليًا.
أصرّ القائد جرادات على الحفاظ على عمله التنظيمي الجهادي وتابع عمله في الحركة ضمن إطار السجون، فاهتم في نسج العلاقات الاجتماعية مع أكبر شريحة ممكنة من الحركة الأسيرة ومن كافة الفصائل. وشارك في الإضراب الكبير والجماعي عن الطعام في العام 2017.
تعرّض القائد جرادات للعزل في السجون وهو يعاني من وضع صحي، لكن أعلنت حينها حركة الجهاد الإسلامي النفير العام في صفوفها ووصلت الرسالة للاحتلال، ففك الأخير عزل القائد وحوّله للعلاج.
لم يمنع السجن القائد من مواصلة تقدّمه الأكاديمي فحصل على شهادة البكالوريوس في التاريخ، الى جانب لعديد من الشهادات في قضايا ثقافية ودينية مختلفة.
الكاتب: غرفة التحرير