الإثنين 11 أيلول , 2023 04:27

من المستفيد من إعادة فتح ملف كركوك من جديد؟

كركوك

شهدت محافظة كركوك منذ مدّة اضطرابات، ما زالت تداعياتها تنذر باحتمال وقوع أحداث أمنية في الفترة المقبلة ستهدد استقرار البلد، بما يخدم مصلحة أعدائه، أي أمريكا والكيان المؤقت، ويفيد أيضاً مصالح حزب البرزاني في فترة ما قبل انتخابات مجالس المحافظات.

فبعد تحرك قوات البشمركة التابعة لمسعود البارزاني، بهدف السيطرة على مقر قيادة العمليات المشتركة، وهو ما زعم الحزب الديمقراطي الكردستاني بأنه يتمّ بعد اتفاقات حدثت بين حكومة إقليم كردستان وحكومة بغداد، حول اعادة وضع المحافظة الى ما قبل عام 2017 (تاريخ انهاء القوات العسكرية العراقية لتمرد البارزاني الانفصالي حينها). وهو ما يرفضه بشكل واسع كلاً من تركمان وعرب المحافظة، الذين حذروا من عودة الاضطرابات الى المحافظة في حال اقدام الحكومة على هذه الخطوة، مهددين باتخاذ مواقف تصعيدية بهذا الجانب.

ماذا حصل في العام 2017؟

في العام 2017، أقدم مسعود بارزاني بتحريض أمريكي وتشجيع إسرائيلي، على اجراء استفتاء انفصال إقليم كردستان ومحافظة كركوط عن العراق، بعد أشهر من التمرد على قرارات الحكومة المركزية. وهذا ما دفع بحكومة رئيس الوزراء آنذاك حيدر العبادي الى تحريك قوات من الجيش العراقي والشرطة الاتحادية والحشد الشعبي، وفرض سيطرتها على المحافظة، التي كانت تستغيث من ممارسات الجهات الانفصالية في كركوك. اذ مارست هذه جهات الانفصال عمليات اغتيال وتهجير وقتل بحق المكونات الاخرى، في عملية وصفت بانها محاولة لتكريد "كركوك"، بهدف ضمها في المستقبل الى الاقليم لما تتمتع به هذه المحافظة من ثروات طبيعية واقتصادية كبيرة.

لكن الطبيعة الديمغرافية لهذه المنطقة لا تتيح لهذه الجهات السيطرة أصلاً على هذه المحافظة، لأنها مكونة بما نسبته 32٪ من العرب، و32٪ من الكرد، و32٪  من التركمان، فيما تشكل بقية المكونات ما نسبته 4 ٪. وفي السياق نفسه، فإن اهل هذه المحافظة متحابون ومتناغمون فيما بينهم منذ عقود، وهو ما يشهد له من خلال الاستقرار المجتمعي والمني هناك. لذلك فإن أي محاولة لتسلط مكون على المكونات الأخر سيدق اسفيناً في هذا التناغم وسيزعزع امن المحافظة.

مصلحة أمريكية في التوتر

ولا يختلف اثنان، على أن الإدارة الأمريكية ترى في كل خلاف او اختلاف سياسي يصنع ارض خصبة لتحريك الازمات وخلط الأوراق، لا سيما مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ورغبة الحزب الديمقراطي في الفوز بولاية جديدة. وبالتالي فإن أي مكاسب لحلفائها خاصة في الحزب الديمقراطي الكردستاني ستنعكس لدى أنصار الحزب.

أهمية كركوك في نفطها

لا يخفى على أحد أن من أهم أسباب الصراع على كركوك كونها  تمتلك ثلاثة حقول نفطية مهمة، أنتجت لوحدها خلال العام 2022، أكثر من مليون برميل بقيمة تجاوزت المليار و 784 الف دولار، وتتوزع على الشكل التالي:

1)حقول كركوك التي تضم 196 بئر نفطي.

2)حقل باي حسن الذي يضم 35 بئر.

3)حقل جمبور الذي يضم 16 بئر.

ويتميز نفط هذه المحافظة بأنه من أفضل الخامات النفطية في العالم، لذلك يسعى الديمقراطي الكردستاني الهيمنة على حقولها.

لكن ماذا عن مطالبة البعض بتطبيق المادة 140 من الدستور العراقي؟

تنص المادة 140 من الدستور العراقي على آلية تعالج فيها جذرياً مشكلة هذه المحافظة، وتضم ثلاث مراحل: أولاها التطبيع، ويعني علاج التغييرات التي طرأت على التركيبة السكانية في كركوك والمناطق المتنازع عليها في عهد نظام صدام حسين وبعده، والثانية الإحصاء السكاني في تلك المناطق، وآخرها الاستفتاء لتحديد ما يريده سكانها

لكن بسبب التعقيدات المتعددة، الفنية والسياسية، وخاصة بشأن محافظة كركوك، لم تجد المادة 140 طريقها إلى التطبيق من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة، وتحولت هذه المادة الدستورية إلى مثار جدل متواصل بين مختلف الأطراف، سواء بشأن قانونيتها، أو لأسباب أخرى.

إلاً أن قرار المحكمة الاتحادية 71 لعام 2019 أكد على بقاء هذه المادة وضرورة تطبيقها من خلال التطبيع والاستفتاء وتحديد إرادة الناخبين.

فهل نشهد في الفترة المقبلة تنفيذاً لهذه الآلية، أم ستبقى جرحاً تستغله واشنطن كل فترة لتحقيق مصالحها؟


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور