الثلاثاء 26 أيلول , 2023 02:14

النفوذ التركي في افريقيا: سوق الأسلحة أكثر ازدهاراً

النفوذ التركي في الدول الافريقية

تنظر تركيا إلى القارة الأفريقية على أنها ساحة تورد الكثير من المكاسب وعلى غير صعيد. وفيما بدأ العالم يتسابق إلى القارة السمراء خلال الأعوام القليلة الماضية وبوتيرة متسارعة، كان على أنقرة، التي تحاول إعادة بناء حضورها كدولة لها نفوذها المتشعب في عدد من البلدان، ان تجري في السباق الدولي لاهثة هي أيضاً وراء الموارد المفترضة اقتصادياً وسياسياً.

تمتلك أنقرة واحدة من أكبر الشبكات الدبلوماسية في القارة مع افتتاحها السفارة الـ 43 من أصل 55 دولة في الاتحاد الافريقي، بعد ان اقتصر وجودها حتى نهاية القرن الماضي، على 12 بعثة دبلوماسية فقط. في الوقت نفسه، ارتفع عدد السفارات الأفريقية في أنقرة من 10 عام 2008 إلى 37 في عام 2021.

هذا الانتعاش اللافت في العلاقات، أسسه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في اقباله على فتح القنوات السياسية أولاً. فمنذ عام 2005 مثلاً، لم يمر عام واحد دون ان تزور شخصية تركية رفيعة المستوى القارة، في جولة تشمل دولاً عدة.

ينعكس تطور العلاقات على سوق التجاري الاقتصادي بين الجانبين، اذ تركز أنقرة على تعزيز نفوذها في ثلاث مناطق حيوية في أفريقيا، وهي القرن الأفريقي، وليبيا وامتداداتها في الساحل والصحراء، وساحل غينيا، حيث تتوافر في تلك المناطق موارد طبيعية حيوية مثل الغاز والنفط فضلاً عن وجود فرص استثمارية واعدة وسوق استهلاكية ضخمة مفتوحة أمام البضائع التركية.

تعد شركات البناء التركية، أحد أوجه "الغزو الاقتصادي" التركي للدول الافريقية.  اذ تمثل هذه الشراكات أقوى وجود تجاري تركي في تلك الدول. حتى الأمس القريب، كانت معظم أنشطة البناء التركية في المغرب العربي، حيث شكلت المشاريع في الجزائر وليبيا ثلثي إجمالي المشاريع الأفريقية. لكن هذه الصورة تتغير بشكل مستمر. أصبحت الشركات التركية نشطة بشكل متزايد في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وقد انتشروا في جميع أنحاء القارة، ونفذوا مشاريع في الجزائر وجمهورية الكونغو الديمقراطية وغينيا الاستوائية وغينيا بيساو وليبيا والنيجر والسنغال وسيراليون وجنوب السودان وتوغو وتونس. وقد شكلت أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى 17٪ من مشاريع المقاولين الأتراك.

من ناحية أخرى، أصبحت تركيا لاعباً حاضراً في مجال العلاقات العسكرية والأمنية، حيث تبرز كمزود للأسلحة للدول السمراء، التي ترى بالأسلحة التركية جودة مرتفعة ورخص الثمن وسرعة التسليم وعدم فرض قيود متعددة على الاستخدام، خاصة بما يتعلق بـ "الطائرات بدون طيار".

تحتاج أنقرة إلى انعاش سوقها العسكري. وقد رأت بالسوق الافريقية مكاناً متاحاً مع اعتقد تلك الدول ان الشراء من تركيا يمنحها وسيلة يمكن من خلالها الحصول على أسلحة حديثة دون الحاجة إلى "الانحياز" بين الولايات المتحدة أو روسيا أو الصين.

وعلى الرغم من أن التبادل التجاري العسكري بين الجانبين لا يزال يعد "سوقاً ناشئاً" إلا ان المبادلات تتزايد بشكل لافت، من 83 مليون دولار في عام 2020 إلى 460 مليون دولار في عام 2021.

وتعتبر الصومال وتوغو والنيجر ونيجيريا وإثيوبيا مشترين أوائل للطائرات دون طيار التركية. والتي تعطي لمشغليها وسيلة غير مكلفة نسبياً لتوفير المراقبة على مساحات شاسعة من الأحراش في القارة، والتي غالباً ما يتحرك الميلشيات عبرها بسرعة بالدراجات النارية.

وبحسب تقارير إعلامية فرنسية، "أنشأت تركيا شبكة من 37 مكتباً عسكرياً في جميع أنحاء إفريقيا، بما يتماشى مع هدف أردوغان المؤكد المتمثل في مضاعفة حجم التجارة السنوية مع القارة ثلاث مرات إلى 75 مليار دولار في السنوات المقبلة".

عام 2021، زادت أنقرة صادراتها الدفاعية إلى القارة بنسبة 700%، بحسب نورديغ مونيتور، حيث ارتفعت في الأشهر ال 11 الأولى من 41 مليون دولار إلى 328 مليون دولار. وبالتالي، تحتل أفريقيا المرتبة الخامسة في صادرات تركيا الدفاعية، بعد أمريكا الشمالية (1.56 مليار دولار)، ورابطة الدول المستقلة (411 مليون دولار)، والشرق الأوسط (381.1 مليون دولار)، ودول الاتحاد الأوروبي (338 مليون دولار). ويتوقع الخبراء أن تصبح أفريقيا ثالث أكبر سوق لمبيعات الأسلحة التركية في المستقبل القريب.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور