الأربعاء 13 كانون الاول , 2023 07:52

إعلام أمريكي: لا يجب إرسال قوّة أميركية إلى غزة بعد الحرب

جنود أميركيون

كشف مسؤولون أميركيون رفيعو المستوى عن ملامح خطة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لما بعد الحرب في قطاع غزة. تمت صياغة خطة تشمل زيادة مساعدات واشنطن الأمنية للسلطة الفلسطينية، ومنح دور أكبر للمنسق الأمني الأميركي في المنطقة. وأشار المسؤولون الأميركيون إلى أن هناك حاجة لقوة دولية لتحقيق الاستقرار مباشرة بعد توقف القتال، على أن يعقب ذلك تولي سلطة فلسطينية "متجددة الحكم" على المدى الطويل. وأضافوا إلى أنه رغم الجهود المبذولة، فلم تتمكن الإدارة الأميركية من دفع القادة الإسرائيليين نحو مناقشة هادفة ليوم ما بعد الحرب في غزة، مؤكدين أنه لا تداول لأي حديث عن تقييد المساعدات العسكرية الأميركية كوسيلة ضغط على إسرائيل.

ضمن هذا السياق تقول صحيفة Responsible Statecraft في تقرير بعنوان "يجب إبقاء القوات الأمريكية خارج غزة بعد الحرب" ترجمه موقع الخنادق إنه "يجب أن يكون الهدف من أي قوة لتحقيق الاستقرار هو حماية شعب غزة. للنجاح في ذلك، يجب أن يتم قبولها باعتبارها قوة شرعية من قبل السكان. هناك ببساطة الكثير من الدماء التي تم سفكها بين الولايات المتحدة وشعب غزة، بحيث لا تستطيع أمريكا أن تشارك في وجود عسكري في غزة. دور حكومتنا في هذا الصراع يجعل من المستحيل على القوات الأمريكية أن تعمل كقوة أمنية موثوقة في غزة".

النص المترجم للمقال:

يجب ألا تكون الولايات المتحدة جزءًا من قوة تثبّت الاستقرار بعد الحرب في غزة. هناك بعض المقترحات المتداولة في واشنطن لتشكيل قوة بعد الحرب بقيادة الولايات المتحدة، لكن هذا لن يحظى بشعبية كبيرة في الداخل الفلسطيني، ولن يتم دعمه بنشاط سياسي في الشرق الأوسط.

يؤكد أحد المقترحات من جوناثان لورد من مركز الاستراتيجية الأمريكية الجديدة أن المهمة التي تقودها الولايات المتحدة هي الخيار "الوحيد الموثوق به". وبحسب لورد، فإن "عملية تحقيق الاستقرار بقيادة الجيش الأمريكي ضرورية لترسيخ هزيمة حماس“. بالإضافة إلى صعوبة تأمين الدعم الكافي في الكونجرس لمثل هذه المهمة، فإن هذه الخطة لا تأخذ في الاعتبار العداء المحلي الشديد الذي قد يواجهه الانتشار العسكري الأمريكي على الأراضي الفلسطينية والمخاطر التي ستواجهها القوات الأمريكية نتيجة لذلك. ستكون قوّة يُنظر إليها على أنها احتلال، ومن المرجح أن يؤدي وجودها إلى تعرضها لمقاومة من الداخل الفلسطيني. وبدلاً من توفير الأمن والاستقرار، يمكن لهذه القوّة أن تتورط بسهولة في صراع جديد.

إن وضع القوات الأمريكية في غزة يهدد بتعريضها لهجمات مستقبلية. يمكن أن يكون وجودها بمثابة نقطة جذب للمتطرفين ويعرض حياتهم وأرواح المدنيين الفلسطينيين للخطر. كان من الخطأ الفادح أن ترسل إدارة ريغان مشاة البحرية إلى لبنان خلال الحرب بعد الغزو الإسرائيلي منذ أكثر من 40 عامًا. وسيكون من الخطأ الجسيم أيضاً وضع قوات أميركية في غزة.

سيكون الدور العسكري الرئيسي للولايات المتحدة في غزة ما بعد الحرب هو بداية أزمة مع الجمهور الأمريكي. الأمريكيون المعارضون لحرب إسرائيل المدعوم أميركياً، لن يرغبوا في إلزام القوات الأمريكية بالتعامل مع تداعيات ما بعد الحرب. بالنظر إلى أن استطلاعات الرأي تظهر أن الأمريكيين على نطاق واسع قلقون من إرسال المزيد من القوات الأمريكية إلى المنطقة، فمن المحتمل أن العديد من هؤلاء الأمريكيين الذين دعموا الولايات المتحدة في الحرب، ما زالوا لا يريدون تعريض الجنود الأمريكيين للأذى من جرّاء نشر قوات عسكرية من جديد في الشرق الأوسط. ستحتاج أي مهمة لتحقيق الاستقرار إلى دعم واسع من الحزبين لسنوات قادمة، وببساطة لا توجد رغبة سياسية لدى أي من الحزبين لتولي التزام خارجي مهم مثل ذلك. الرئيس ليس لديه تفويض لتقديم مثل هذا الالتزام، ومن الصعب تخيل موافقة الكونجرس على المهمة في عام الانتخابات.

يدعي اللورد جوناثان لورد أن "الوجود العسكري الأمريكي على الأرض يمكن أن يمنح بايدن نفوذاً كبيراً لدفع عملية السلام إلى الأمام". لكنن برأينا أن بايدن، مثل أسلافه، يرفض تمامًا استخدام النفوذ للضغط على الحكومة الإسرائيلية لفعل أي شيء. إن وضع القوات الأمريكية في غزة قد يمنح واشنطن نظريًا بعض النفوذ مع إسرائيل، لكن هذا لا يهم عندما لا تكون هناك إرادة سياسية لاستخدام هذا النفوذ. إن جعل القوات الأمريكية رهينة لعملية سلام غير جادة سيؤدي فقط إلى تكبيلها بانتشار مفتوح على احتمالات لا علاقة له بالأمن الأمريكي. إلى جانب ذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى البحث عن طرق لتقليل بصمتها العسكرية الشاملة في المنطقة بدلاً من إيجاد طرق لإضافة مهام جديدة عليها.

بعيدًا عن كونه خياراً "ذا مصداقية"، فإن القوة التي تقودها الولايات المتحدة لن تحصل على دعم يذكر أو لن تحظى بأي دعم من العديد من الحكومات الإقليمية التي تجاهلت واشنطن مناشداتها لوقف إطلاق النار. لقد اختارت الولايات المتحدة مراراً وتكراراً الوقوف إلى جانب الحكومة الإسرائيلية مهما حدث، وبالتالي ليس لديها مصداقية كجهة خارجية محايدة. بصفتها كعامل رئيسي في الحرب، فقدت الولايات المتحدة أي نوايا حسنة وثقة في المنطقة الأوسع التي ربما كانت تتمتع بها سابقاً. فلا يمكن دعم الحرب التي تُبيد غزة، ثم تظهر كحامٍ للسكان بعد الحرب.

ربما يكون الجزء الأكثر خيالًا من اقتراح لورد هو أن قوة تثبيت الاستقرار بقيادة الولايات المتحدة في غزة قد تساعد في إطلاق عملية التطبيع السعودي الإسرائيلي. كانت مبادرة إدارة بايدن هذه خطأ فادح حتى قبل بدء الحرب، ومن المشكوك فيه أن تكون الحكومة السعودية مهتمة باحتضان إسرائيل في أي وقت بعد الحرب على المدى القصير. حتى لو كانت الرياض مستعدة لذلك، فإن صفقة التطبيع -قيد الدراسة- تعاني من نفس العيوب الرئيسية التي جعلتها غير مرغوب فيها للولايات المتحدة في المقام الأول. إذا كان بايدن سيواجه صعوبة في بيع ضمان أمني للسعوديين قبل الحرب، فسيواجه مقاومة أكثر صرامة من الكونجرس إذا كان يسعى في نفس الوقت إلى دعمه لمهمة نشر قوات عسكرية في غزة.

ويجب أن يكون الهدف من أي قوة لتحقيق الاستقرار هو حماية شعب غزة. للنجاح في ذلك، يجب أن يتم قبولها باعتبارها قوة شرعية من قبل السكان. هناك ببساطة الكثير من الدماء التي تم سفكها بين الولايات المتحدة وشعب غزة بحيث لا تستطيع الولايات المتحدة أن تشارك في وجود عسكري بعد الحرب. دور حكومتنا في هذا الصراع يجعل من المستحيل على القوات الأمريكية أن تعمل كقوة أمنية موثوقة في غزة.

للحصول على أي فرصة للنجاح، يجب ألا تكون مهمة الاستقرار المستقبلية مرتبطة بأي حكومات شاركت بشكل مباشر في دعم الحملة العسكرية الإسرائيلية. بصفتها المورّد الرئيسي للأسلحة والداعم الدبلوماسي لإسرائيل، لذلك فإن الولايات المتحدة غير مؤهلة من أن يكون لها دور في تحقيق الاستقرار بعد الحرب.

من الناحية المثالية، يمكن للحكومات المعروفة بأنها متعاطفة مع الفلسطينيين مثل البرازيل أو جنوب إفريقيا أن تكون من المساهمين الرئيسيين في مهمة أمنية في غزة. إذا كانت هذه الحكومات غير قادرة أو غير راغبة في المشاركة، فيمكن للأمم المتحدة تنظيم بعثة لحفظ السلام بقوات من دول ذات أغلبية مسلمة أو من دول أخرى شاركت في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الماضي، بما في ذلك الصين. وقد تكون تركيا وقطر أيضا مساهمين قيمين في جهود تحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار. هناك بدائل أخرى متاحة في عالم متعدد الأقطاب بشكل متزايد، وهناك العديد من البدائل التي ستكون أكثر ملاءمة من مهمة تقودها الولايات المتحدة.

يعد التخطيط لما سيأتي بعد الحرب في غزة أمراً مهماً، ولكن سيكون من الأفضل بكثير للولايات المتحدة استخدام نفوذها الآن لتجنب أسوأ النتائج قبل مقتل المزيد من الفلسطينيين الأبرياء بالقنابل والمجاعة والمرض. أفضل شيء يمكن أن تفعله الولايات المتحدة للمساعدة في جعل غزة ما بعد الحرب أكثر استقرارًا هو الضغط من أجل إنهاء الحرب الآن، وقيادة جهود إغاثة ضخمة لدرء الكارثة الإنسانية التي تلوح في الأفق والتي تهدد الملايين من السكان.





روزنامة المحور