الإثنين 05 آب , 2024 03:09

سياسة الجمهوريين لعام 2025.. كتاب "تفويض للقيادة: وعد المحافظين"

كتاب "تفويض للقيادة: وعد المحافظين"

تحتفل الولايات المتحدة الأميركية قريباً بمرور250 عام على تأسيسها وهي ما تزال متمسكة بفكرها الأولي "الاستعمار والهيمنة"، الذي تعمل على تجديد شكله وتطوير أسلوبه، واليوم أصبح الطريق إلى الاستعمار محبوكاً وممنهجاً بدقّة أكبر، من قِبل خبراء وخريجين يرسمون الخطط وينقحونها ثم يسلمونها للرئيس الجديد لتنفيذها.   

في هذا الإطار، يعتبر مجلد "تفويض للقيادة: وعد المحافظين"، بداية مشروع انتقال الرئاسة لعام 2025، الذي أطلقته مؤسسة هيريتيج في نيسان 2022. وتحدد فصوله الثلاثين مئات من التوصيات السياسية الواضحة والملموسة لمكاتب البيت الأبيض، ووزارات مجلس الوزراء، والكونجرس، والوكالات، واللجان، والمجالس. الكتاب هو نتاج أكثر من 400 باحث وخبراء سياسيين مسؤولين منتخبين سابقين، وخبراء اقتصاديين مشهورين عالمياً، وقدامى المحاربين من أربع إدارات رئاسية وفي جميع أنحاء البلاد، بينهم أكثر من عشر مسؤولين في حكومة دونالد ترامب سابقاً. وعليه، يمثل الكتاب عمل الحركة المحافظة بأكملها، ويجمع توصيات توافقية صيغت بالفعل، وخاصة على أربع جبهات عريضة ستقرر مستقبل أميركا:

- استعادة الأسرة باعتبارها محور الحياة الأميركية وحماية الأطفال.

- تفكيك الدولة الإدارية وإعادة الحكم الذاتي إلى الشعب الأميركي.

- الدفاع عن سيادة الأمة وحدودها وخيراتها ضد التهديدات العالمية.

- تأمين الحقوق الفردية في العيش بحرية ــ وهو ما يسميه الدستور "بركات الحرية".

الكتاب يتألف من 900 صفحة مليئة بالخطط المستقبلية التي تخدم تطلّعات اميركا وسياساتها، بغية تسليمه للقيادة القادمة كي تعمل عليه للنهوض بأميركا حسب زعمهم، من خلال اعتماد السياسات الداخلية، وكذلك الخارجية التي وضعت تجاه بعض الدول، ومنها دول محور المقاومة (لبنان - سوريا - العراق - اليمن - فلسطين وإيران). تعرضت الوثيقة لأبرز المواضيع فيها وحددت موقفها منها وبعض إجراءاتها. بعضها اختص بدولة دون أخرى، فيما اشترك البعض الآخر بين دول غرب آسيا عامة، ودول المحور خاصة. ركّزت الوثيقة على إيران ومنطقة غرب آسيا دون أن تغفل إجراءاتها في بقية دول المحور.

عملت الوثيقة على وضع خطط لحفظ أمنها القومي من خلال تطوير قدرة الدفاع الصاروخي لديها وتقوية القدرة الاستخباراتية وبناء علاقات مع الدول النووية (روسيا والصين) بالإضافة لإيران وكوريا. تعدّ إيران اليوم من الدول الخمسة التي ستعمل سياسة الولايات المتحدة المستقبلية على الاهتمام والتركيز عليها. اميركا في حال فوز الجمهوريين تعمل على استراتيجيتها المعهودة في فرض الهيمنة، وقد برز ذلك في خططها التي وضعتها لدول غرب آسيا-الشرق الأوسط، ودول الإقليم والمحور، حيث ستعمل على تجديد الهيمنة وفرض عقوبات على دول كاليمن، إيقاف تمويل لدول كسوريا. وبالمقابل، ستستمر بدعم الكيان المؤقت وتوسيع رقعة علاقاتها مع دول المنطقة.

تحث الوثيقة على تقوية الاقتصاد الأمريكي والتحالفات الضرورية لاحتواء التهديدات من روسيا والصين. وفيما يلي أبرز السياسات الأميركية في دول المحور:

- الوكالة الأميركية للتنمية الدولية تفكر في قطع المساعدات عن الدول المتحالفة مع إيران، وقصر المساعدة في هذه البلدان على تعزيز الأولويات الاستراتيجية الضيقة (العراق ولبنان والأراضي الفلسطينية).

- تفكر الوكالة الأميركية في وقف المساعدات للمزارعين اليمنيين المنتجين، بينما لا تزال أنظمة الري في حالة سيئة، مما يترك البلاد تعاني من نقص المياه خلال فترات الجفاف الطويلة في الصيف، بحجة أن الحوثيين يحولون الأموال لدعم جهودهم الحربية.

- تسعى الولايات المتحدة للضغط بقوة أكبر على النظام الديني الإيراني، ودعم الشعب الإيراني، واتخاذ خطوات أخرى لجذب إيران إلى مجتمع الدول الحرة والحديثة.

- تسعى الولايات المتحدة لمنع إيران من الحصول على التكنولوجيا النووية وقدرات التوصيل، وأن تمنع الطموحات الإيرانية على نطاق أوسع.

- تريد الولايات المتحدة منع إيران من دعم وتقديم المساعدة الأمنية للشركاء الإقليميين (حماس وحزب الله والجهاد الإسلامي الفلسطيني).

- يريد الكونجرس إجراء تخفيضات كبيرة في ميزانية المؤسسة الدولية للتنمية من خلال إنهاء البرامج التي تضر أكثر مما تنفع في الأماكن التي تسيطر عليها الجهات الفاعلة كاليمن وسوريا وأفغانستان.

وفي إيجاز لسياسة الرئيس القادم كما ينظّر الكتاب، أو بالأحرى ما يصبو أن تكون عليه، يمكن الاستشهاد بما ورد فيه حرفيًّا: "كما حدث في أواخر سبعينيات القرن العشرين، يشهد الأميركيون اليوم إخفاقات النخب السياسية والثقافية. ولكن في الحقيقة، لا تشكل هذه الاختلالات اليومية مشاكل لا حصر لها، بل هي مظاهر لا حصر لها لبضعة أزمات أساسية.. في عام 1979، كانت التهديدات هي الاتحاد السوفييتي، واشتراكية الليبراليين في سبعينيات القرن العشرين، وانحراف النخب الثقافية. هزم ريغان هذه الوحوش بتجاهل مخالبها وضرب قلوبها بدلاً من ذلك". ويتناول الوعد الثالث في الكتاب "موضوع الدفاع عن سيادة الأمة الأمريكية وحدودها وخيراتها ضد التهديدات العالمية". ويلخّص مجموعة التحديات التي تواجه الشعب الأميركي والرئيس المحافظ القادم في قضيتين: 1) الصين عدو شمولي للولايات المتحدة، وليست شريكاً استراتيجياً أو منافساً عادلاً؛ 2) النخبة الأميركية خانت الشعب الأميركي. "ولا نستطيع حل هذه المشاكل عن طريق تقليم وإعادة تشكيل الأوراق، بل باقتلاع الأشجار من جذورها وأغصانها".

بالنسبة للدفاع عن المصالح الأمريكية يوجه الكتاب الرئيس المحافظ القادم إلى أنه يجب عليه "أن يتجاوز مجرد الدفاع عن مصالح أمريكا في مجال الطاقة، بل أن يهاجمها، ويؤكد عليها في جميع أنحاء العالم. إن الهيمنة الاستراتيجية الكاملة على الطاقة من شأنها أن تسهل إعادة تنشيط القطاع الصناعي والتصنيعي الأميركي بالكامل مع تفكيك اقتصادنا للصين. وعلى الصعيد العالمي، من شأنها أن تعيد التوازن إلى القوة بعيداً عن الأنظمة الخطيرة في روسيا والشرق الأوسط. ومن شأنها أن تبني تحالفات قوية مع الدول سريعة النمو في أفريقيا وتوفر لنا النفوذ لمواجهة الطموحات الصينية في أميركا الجنوبية والمحيط الهادئ".

تبرز هذه الرؤية الموجزة السياسة الأمريكية القائمة على الهيمنة على خيرات بقية الشعوب؛ التحكّم بالنفوذ العالمي والاستفراد به؛ التقدم التكنولوجي والصناعي وتفكيك قدرات بقية الدول؛ منع أي نشاط عالمي لا تصب نتائجه في خدمة المصالح الأمريكية؛ استغلال الأطراف الأضعف في تنفيذ رغباتها وحماية مصالحها.





روزنامة المحور