بعد ساعات على تأكيد الوسطاء ضرورة المضي في صفقة تنهي معاناة الفلسطينيين وتحديد موعد لاستئناف المفاوضات، نشرت مجلة تايم الأميركية مقابلة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي شدد فيها على أن "هدف حكومته في غزة هو تحقيق ما وصفه بنصر حاسم" دون أن يبدي استعداداً لوقف القتال. في حين طالب وزير المالية بنيامين نتنياهو ألا يقع في "مصيدة الدول الوسيطة التي تحاول فرض اتفاق استسلام" على إسرائيل. هذه الفجوة الآخذة في الاتساع تعكس شكل المناورة التي تجريها الولايات المتحدة في الوقت الذي تستعد فيه قوى المقاومة للرد على الاغتيالات الأخيرة.
هناك من يصف هذا البيان بأنه محاولة لسحب الذرائع ودفع قوى المقاومة لعدم الرد على الاغتيالات التي طالت رئيس المجلس السياسي لحركة حماس الشهيد إسماعيل هنية والقائد في حزب الله الشهيد فؤاد شكر، وذلك عبر الإيحاء بأن الرد قد يعطل المفاوضات الجارية او يقف دون استكمال الإجراءات الرامية إلى التوصل لوقف اطلاق النار. من ناحية أخرى، تنشط واشنطن في الحقل الدبلوماسي في محاولة للضغط على طهران وبيروت وكذلك صنعاء، من أجل ثنيهم عن تلك الخطوة باستخدام أساليب الترغيب تارة والترهيب تارة أخرى، ثم الاكتفاء برد "شكلي" على أبعد تقدير. كما تتجه للضغط على بعض دول المنطقة لحشد أكبر قدر من الدفاعات الجوية بغية التصدي للهجوم العقابي المرتقب.
بالنسبة للبيان، دعا "الوسطاء قطر ومصر والولايات المتحدة حركة حماس وكيان الاحتلال إلى استئناف محادثات وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى في 15 آب/ أغسطس بالعاصمة القطرية الدوحة أو العاصمة المصرية القاهرة.
جاء ذلك في بيان مشترك وقعه قادة الدول الثلاث القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والمصري عبد الفتاح السيسي، والأميركي جو بايدن، وفق ما نشره الديوان الأميري القطري والرئاسة المصرية. وشدد البيان على أن "الوقت قد حان لوضع حد، وبصورة فورية، للمعاناة المستمرة لسكان قطاع غزة وللمحتجزين وعائلاتهم عبر الانتهاء من إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن المحتجزين". وأضاف "يجب عدم إضاعة مزيد من الوقت وألا تكون هناك أعذار من أي طرف لمزيد من التأجيل". وأكدت هذه الدول أنها على استعداد، من موقعها كوسطاء، لطرح مقترح نهائي لتسوية الأمور المتعلقة بالتنفيذ، إذا اقتضت الضرورة ذلك.
ويستند هذا الاتفاق إلى المبادئ التي طرحها بايدن في 31 مايو/أيار الماضي، وفق بيان القادة الثلاث. فيما يرى مسؤولون أميركيون أن الاتفاق قد لا يكون جاهزاً للتوقيع في 15 آب/ أغسطس.
من جهته، صرح بنيامين نتنياهو في تصريح لمجلة تايم الأميركية ان "اتساع رقعة الحرب في غزة إلى صراع إقليمي مخاطرة يدركها، لكنه مستعد لخوضها"، وأشار إلى أن "حكومته في غزة هو تحقيق ما وصفه بنصر حاسم، بحيث لا تستطيع حماس عند نهاية القتال أن تدّعي حكم الأراضي الفلسطينية أو تشكل تهديداً لإسرائيل، والهدف الأكبر والأهم هو استعادة مبدأ الردع الإسرائيلي".
تعكس هذه التصريحات الفجوة الحاصلة بين موقف الإدارة الأميركية ونتنياهو بالتحديد. وعلى الرغم من أن النقاشات حول الموقف الأميركي من الحرب واذا كانت فعلاً تريد وقف الحرب من عدمه، إلا أن إعطاء نتنياهو حيزاً يستطيع من خلاله المضي فيما يريد، إضافة لعدم الجدية التي أثبتها السلوك الأميركي طيلة الأشهر الماضية والتي ترتقي ليتم وصفها بالخداع والكذب، يشي بتنسيق إسرائيلي أميركي مستمر حتى بارتكاب الإبادة.
واستنتجت المجلًة أنً قصة وصول إسرائيل إلى هذه اللحظة المحفوفة بالمخاطر تتشابك مع طموحات نتنياهو الشخصية ونقاط ضعفه، مذكّرةً بأنه قبل عملية "طوفان الأقصى" كان المجتمع الإسرائيلي منقسمًا بسبب التشريعية اليمينية التي تقلل من سلطة المحكمة العليا.
الكاتب: غرفة التحرير