شنّ الاحتلال الإسرائيلي، صباح الاثنين، عدواناً واسعاً وعنيفاً على المدنيين في لبنان، استهدف القرى والبلدات اللبنانية في الجنوب والبقاع، في عملية عسكرية أسماها "سهم الشمال"، بمشاركة 680 طائرة حربية إسرائيلية نفذت أكثر من 900 غارة، ونقل الإعلام الإسرائيلي عن مسؤولين كبار، بأن جيش الاحتلال ألقى أمس 2000 قذيفة على لبنان.
في هذا السياق، أكدت صحيفة "إسرائيل هيوم" الإسرائيلية، في مقال، ترجمه موقع الخنادق، أنّ المعركة ضدّ حزب الله "طويلة ومعقدة"، وتساءل الكاتب "كيف تؤدي كل الإنجازات التكتيكية إلى تحقيق هدف إعادة سكان الشمال إلى ديارهم آمنين؟".
كاتب المقال اللواء في احتياط جيش الاحتلال، والقائد السابق للكليات العسكرية فيه، غيرشون هاكوهن، أوضح بأنّ "إسرائيل لا تزال تعمل من دون استراتيجية" في وجه حزب الله.
وبحسبه فإن استراتيجية الحزب تركز على "محاولة المحافظة على زخم الاستنزاف"، بحيث "يمكن أن يبقى في يديه، حتى لو عمل الجيش الإسرائيلي براً وتموضع عند الليطاني".
مضيفاً، بإنّ ما يحتاج إليه حزب الله للحفاظ على حالة الاستنزاف هو "مخزون كبير بما فيه الكفاية، من الصواريخ والقذائف الصاروخية والطائرات المسيّرة، وهو ما يمتلكه بالفعل، والاستمرار في إطلاقها نحو إسرائيل".
النص المترجم للمقال
على الرغم من الإنجازات الكبيرة التي حققتها قوات الأمن في القتال ضد حزب الله في الأسبوع الماضي، لا يزال هناك خبراء أمنيون يزعمون أنه على الرغم من أن دولة إسرائيل لديها إنجازات تكتيكية، إلا أنها لا تزال تعمل بدون استراتيجية.
خلاصة القول، إن مسألة الاستراتيجية الإسرائيلية على الساحة اللبنانية تتقاطع مع سؤالين أساسيين: الأول، كيف تؤدي كل الإنجازات التكتيكية إلى تحقيق هدف إعادة سكان الشمال إلى ديارهم آمنين؟ والسؤال الثاني كيف يمكن أن تؤدي كل الإنجازات إلى نهاية الحرب في ظل غياب التخطيط لآلية إنهاء استراتيجية؟
السؤالان متشابكان بالطبع، وقبل مناقشتهما يجب التوضيح أن عدم وجود خطة وآلية نهائية جاهزة الآن لإنهاء الحرب، ينبع إلى حد كبير من تصور الحرب الذي تصوروه في طهران. وبيروت، التي افترضت عن وعي أن عوامل القوة المؤثرة مثل الولايات المتحدة، ليست في وضع قادر حالياً على إملاء إنهاء الحرب من خلال ضمان مستقبل مستقر.
بين إسرائيل وحزب الله هناك فجوة استراتيجية في قاعدة الطموحات التي توجه إدارة الحرب. هذه فجوة كلاسيكية بين الطموح الجهادي الراديكالي لإرساء الفوضى وعدم الاستقرار في إسرائيل كوضع دائم، والطموح الإسرائيلي والأمريكي الذي يتعارض هدفه تمامًا، وهو إقامة واقع أمني واقتصادي يسوده النظام والاستقرار. في هذه الفجوة، تركز استراتيجية حزب الله على محاولة الحفاظ على زخم الاستنزاف في يديه، ويمكن أن يبقى في يديه حتى لو عمل الجيش الإسرائيلي على الأرض واستقر على الليطاني. كل ما يحتاجه نصر الله للحفاظ على الاستنزاف مخزون كبير بما فيه الكفاية من الصواريخ والقذائف والطائرات بدون طيار - وهي موجودة بالفعل - وتستمر ببساطة في إطلاقها نحو إسرائيل.
إنها استراتيجية تحافظ على اتصال بسيط بين العمل والهدف. في المقابل، تلتزم الاستراتيجية الإسرائيلية بتحقيق هدف يسهل فهمه ولكنه معقد تحقيقه، ألا وهو إعادة سكان الشمال إلى منازلهم في ظل ظروف أمنية كافية. وفي الجهد المبذول لتحقيق هذا الهدف، فإن العلاقة بين الإنجاز التكتيكي التراكمي وتحقيق الهدف الاستراتيجي معقدة حقًا، وليس بسبب الافتقار إلى التخطيط الاستراتيجي.
وفي هذه الأثناء، يجب أن تحافظ الاستراتيجية الإسرائيلية على تقاربها مع الولايات المتحدة وتوقعات الإدارة التي لا تزال تتوقع من إسرائيل تجنب التصعيد والتوصل إلى تسوية دبلوماسية في هذا الصدد النظام الأمني منذ الصافرة التي نسبت إلى إسرائيل يوم الثلاثاء الماضي، أحدثت في الواقع تغييرًا ذا أهمية نظامية...
لقد تساءلت ببساطة كيف لدولة ذات سيادة أن تعجز لمدة عام تقريبًا عن حماية أرواح وممتلكات مواطنيها. ولعل الحكومة الإسرائيلية والقيادة الأمنية لاحظتا التغير الذي طرأ على الرأي العام الإسرائيلي، الذي لم يعد مستعدًا لتحمل ديناميكية حرب الاستنزاف، التي لم يعد لديها أي أمل لمواطنيها.
من هنا، وبعد أسبوع من الإنجازات المهمة، يجب أن تتطور الحملة الإسرائيلية حتى تحقيق الهدف الواضح المتمثل في السعي إلى توفير الظروف الأمنية ونظام جديد على جبهة الحدود يسمح بعودة السكان.
المعركة ستكون طويلة ومعقدة في ظل الوعي الإسرائيلي بضرورة الحرب بلا خيار.
المصدر: إسرائيل هيوم
الكاتب: غيرشون هاكوهن