الجمعة 19 شباط , 1999

اغتيال الشهيد الصدر الثاني

في مثل هذا اليوم، اغتالت الأجهزة الأمنية التابعة لصدام حسين السيد محمد محمد صادق الصدر بينما كان برفقة ولديه السيد مؤمّل والسيد مصطفى في سيارته، خلال عودتهم إلى منزله في منطقة الحنانة إحدى أحياء مدينة النجف المشرف، وذلك بعد رفضه المتكرر لتحذيرات أجهزة الأمن بإيقاف صلاة الجمعة الجامعة، التي أرعبت النظام من شدّة الحضور الجماهيري الكبير فيها، في العديد من المناطق في البلاد.

وبحسب الشهود العيّان، تم إعداد كمين لسيارتهم التي كانت من نوع ميتسوبيشي من قبل عناصر الأمن، وعند الساحة المعروفة بساحة ثورة العشرين، أطلقوا النار على سيارة السيد الصدر، التي سرعان ما اصطدمت بشجرة قريبة، فترجل المهاجمون من سيارتهم وبدأوا بإطلاق النار بكثافة على السيد الصدر ونجليه.

وقد توفي السيد مؤمّل فوراً، أمّا السيد الصدر فقد جاءته رصاصات عدّة لكنه بقي على قيد الحياة، وعندما تم نقله إلى المستشفى أجهزوا عليه برصاصة في الرأس، أمّا ابنه مصطفى فأُصيب بجروح ونُقِلَ إلى المستشفى لكنه تُوفِي هناك متأثراً بجراحه. وقد منعوا أنصاره من إقامة مجالس التعزية وموكب التشييع، فتم دفنه في وادي السلام ليلاً.

وفي أعقاب استشهاد السيد الصدر، شهدت مناطق وسط وجنوب العراق، انتفاضة شعبية عسكرية من قبل أنصاره، تم خلالها مهاجمة قوات الأمن ومراكز الشرطة ومقرات حزب البعث في الجنوب، متهمين نظام صدام حسين بالضلوع بالاغتيال.

لكن النظام استطاع إخماد هذه الانتفاضة، بعد غض طرف من قبل القوات الأمريكية (التي فرضت حظراً جوياً يمنع جيش صدام من استخدام المروحيات، بعد احتلاله للكويت وحرب الخليج الثانية). ومن خلال المجازر التي نفذها علي حسن المجيد والعشرات من اركان نظام البعث، حيث اتهم صدام وأعوانه بأن المتظاهرين هم أتباع الجمهورية الإسلامية، وارتقى في البصرة لوحدها حوالي 500 شهيد.

ولذلك تم الحكم على هؤلاء بالإعدام والسجن المؤبد لاحقاً، بسبب عمليات التصفية والاعتقالات وجرائم الابادة التي نفذوها في محافظات البصرة وبغداد والناصرية والسماوة والنجف.

تعزية الإمام الخامنئي والإدانات العربية والدولية

وقد أصدر الإمام الخامنئي بياناً وصف فيه استشهاد السيد الصدر بأنه "ذروة تعذيب وضغوط أعداء الإسلام ضد العلماء والمفكّرين المسلمين"، مضيفاً بأن "الحوزات العلمية في النجف كانت ومنذ عدة قرون مركزاً للعلم والاجتهاد ونشر المعارف الإسلامية وتعاليم أهل البيت (ع)"، مشيراً إلى أن "أعداء الإسلام والعلم لم يدخّروا وسعاً في هدم هذا الصرح الإسلامي الكبير وجسدوا أعمالهم هذه في نفي وقتل العلماء والمفكرين أمثال الشهيد السيد محمد باقر الصدر والشهيدين الغروي والبروجردي وسائر العلماء البارزين"، خاتماً بيانه بتحميل نظام صدام حسين المسؤولية الكاملة عن الاغتيال.

أما الحركات والأحزاب العراقية بمختلف اتجاهاتها الفكرية والسياسية، فقد أصدرت جميعها بيانات استنكار، فيما تم تنظيم مسيرات ومظاهرات احتجاجية في إيران وسوريا ولبنان والأردن ودول أوروبية وأميركا واستراليا وأماكن أخرى من العالم.


الصور


روزنامة المحور