كانت حركة الجهاد الإسلامي بجناحها العسكري سرايا القدس من أوائل المبادرين للتصدي للحملات العدوانية لكيان الاحتلال، ومع كلّ تصعيد عسكري كانت السرايا تُظهر تطوّراً نوعيّاً في القدرة والصناعة العسكرية وتكثيفاً في الأعداد، هذه الصناعة المحلّية التي بدأت مع انتفاضة الأقصى الثانية عام 2000، واستمرت بتطوير قدراتها من خلال زيادة مداها الصاروخي وكمية المتفجرات في الرأس الحربي، كما عملت على ادخال نماذج صاروخية جديدة تختلف في قوتها عن بعضها البعض، حتّى صارت عند كل معركة تكشف السرايا عن صواريخ بميزات أكثر فعالية، وترفع من عدد الصواريخ المطلقة نحو المواقع والمستوطنات وتشلّ حياة المستوطنين، وصارت أكثر قدرة على ضرب المنشآت الحيويّة الإسرائيلية.
صواريخ السرايا الأكثر تطوراً
كانت معركة "سيف القدس" في أيار2021، انعطافة مميزة للسرايا، فقد أدخلت الى الخدمة الميدانية صاروخين هما:
_ صاروخ "القاسم"، أحدث صاروخ كشفت عنه سرايا القدس، برأس حربي متفجر يحمل 400 كلغ من مادة TNT، ومدى قاتل 200 متر، سيسبب حال سقوطه خسائر فادحة وقد رمت به السرايا على حشود عسكرية إسرائيلية في مدينة رفح وشرق خانيونس.
_ "بدر3": الأكثر تطوّراً من سلسة "بدر"، حيث سبقه "بدر1" (جحيم عسقلان) و"بدر2"، و"بدر3" إيراني الصنع في الأساس، عملت سرايا القدس على تفعيل ميزات جديدة فيه، فصار برأس حربي متفجر يزن 350 كلغ، ويصل مداه الى أكثر من 160 كلم، ينفجر فوق الهدف بـ 20 متراً، وقادر على التشظّي لأكثر 1400 شظية، مما يوسّع من قدرته التدميرية.
وقد أكد المسؤول الإعلامي لحركة الجهاد الإسلامي في غزّة داوود شهاب للخنادق "ان كل مناطق ما يسمى بغلاف غزة وما بعدها في محيط عمقه يتجاوز 200كم هي في مرمى النار بما في ذلك مطارات العدو في هذا العمق ومحطات الكهرباء والطاقة ومواقع عسكرية وموانئ." مضيفاً أن العدو أدرك قدرة سرايا القدس على إحداث شلل كامل في الحياة داخل جبهة العدو، وتمكنها من وضع ما يزيد عن مليون ونصف مليون مستوطن داخل الملاجئ من أقرب مستوطنة على غزة حتى منطقة ما يسمى عبرياً بـ "غوش دان" وصولاً إلى حيفا".
واعترف الاحتلال في المعركة أن قصف السرايا والمقاومة كلّفه خسائر بشرية واقتصادية كبيرة، وخروج مطار "بن غوريون" عن الخدمة.
_وعام 2019، كشفت سرايا القدس عن الصاروخ الأكثر تطوّرا من طراز صواريخ "براق" (براق 70- براق 100) وهو "براق 120" الذي أدخلته الى الخدمة في "صحية الفجر" رداً على اغتيال الاحتلال لقائد لواء الشمال في قطاع غزّة بهاء أبو العطا، و"براق 120" برأس حربي وزنه 300كلغ، وقدرة تدميرية عالية ودقيقة وصل الى شمال "تل ابيب".
عرض تاريخي للتطور
كانت انتفاضة الأقصى عام 2000 شرارة انطلاق التصنيع الصاروخي لدى حركة الجهاد الإسلامي مع المهندسين الأولين الشهيد محمود الزطمة والشهيد رامي عيسى، حتى تمكنّ جناحها العسكري من إقامة بنية تحتيّة تكنولوجيّة في قطاع غزّة أشرف عليها أفراد ممن تدربوا على الصناعة العسكرية في الخارج، أو ممن تلقوا التعليمات لصنعها بواسطة مواقع الانترنت. ويقول داوود شهاب: "أقامت (حركة الجهاد الإسلامي) مواقع عسكرية ومعسكرات لتدريب شبابها كما طورت من قدراتها في مجال العتاد العسكري والتصنيع، وهي بفضل الله الآن تمتلك ورش تصنيع، وتقوم بتصنيع سلاحها وعتادها بأيدي أبنائها، ولديها كفاءات من الخبراء والمهندسين الفلسطينيين القادرين على العمل والاستفادة من كل ما هو متاح".
وكان للسرايا بصمات نوعيّة منذ "صاروخ جنين" عام 2002 الذي وصل لقلب "عسقلان" واستحدثته السرايا الى "قدس1" الذي بدأ بمدى 6 كلم وتتطور حتّى "قدس4" ليصل الى مدى 9 كلم ورأس متفجّر بزنة 8 كلغ. وكان لكثافة ونوعية عمليات السرايا أثراً واضحاً في اجبار جيش الاحتلال على الانسحاب من غزّة عام 2005.
وفي عدوان الاحتلال على القطاع عام 2008-2009، أطلقت السرايا 235 صاروخاً من طراز قدس، واستطاعت استهداف "بئر السبع" التي تبعد 40 كلم عن غزّة، ومستوطنات الغلاف كما كما طالت الصواريخ قاعدة "حتسريم" الجوية وقاعدة "تسليم" البرية.
وبعد ثلاث سنوات فقط، انتقلت السرايا الى مرحلة من كثافة التصنيع الصاروخي، برزت في اطلاقها لـ 600 صاروخ خلال العدوان عام 2012، ثمّ بعدها عام 2014 في معركة "البنيان المرصوص"، الى 3249 صاروخ وقذيفة، وأعلنت السرايا عن صواريخ "براق 70 " و"براق 100"وهي صواريخ أرض أرض يتم تزويدها بعناصر فتاكة على شكل كرات معدنية لزيادة الاضرار، ووصلت الى عمق 90 كلم في الأراضي المحتلّة، بالإضافة الى استهدافها للعديد من الاليات العسكرية والقوات الخاصة.
ومنذ عام 2006، كانت الصواريخ الروسية والإيرانية قد بدأت تدخل للمقاومة الى قطاع غزّة عبر الانفاق، وعملت السرايا القدس على تطوير بعض منها. ويقول المسؤول الإعلامي للحركة في غزّة "نحن لا نخفي ذلك أبداً ونشعر بالفخر عندما نتحدث عن الدور الإيراني ودور إخواننا في حزب الله الذين ساعدونا كثيراً في مجالات عديدة أهمها التصنيع العسكري والتدريبات القتالية".
وكان الناطق العسكري باسم سرايا القدس أبو حمزة قد قال في تصريحاته الأخيرة "إنَّ سرايا القدس لازال في جعبتها المزيد من المفاجآت التي ستذهل جيش الاحتلال".
الكاتب: غرفة التحرير