1- شهد التاريخ السياسي الفلسطيني تغيرات كثيرة إلا أن أي تغيير لا يوصف بكونه إعادة صياغة للمشهد السياسي ما لم تقُد هذه التحولات إلى إحداث تغيير جذري في الصراع، وهكذا فعل انتصار المقاومة في معركة سيف القدس في معادلة الردع والوعي التي انطلقت لتؤسس لمرحلة جديدة فالأمور بعدها اختلفت لصنع معادلة ردع جديدة بإنجازات حقيقية زادت الشعب الفلسطيني قوة والمقاومة تأثيرًا حملت عنوانًا وهدفًا مركزيًّا وهو استعادة الحقوق الوطنية والحفاظ على الثوابت في مواجهة جرائم الاحتلال وعدوانه فكان الدفاع عن القدس محور المعادلة الجديدة وفي سبيل ذلك يقدمون التضحيات ونجحوا بذلك بخطوات راسخة حتى عصفت معركة سيف القدس بسلبية التنسيق الأمني ونزعت عن التطبيع قناعه وتضليله.
2- نجحت المقاومة وفي مقدمتها كتائب القسام في فرض معادلة ردع جديدة في مواجهة عدوان الاحتلال ودعواته لذبح قرابين داخل المسجد الأقصى فقررت المقاومة وقف التغول الصهيوني هذه المرة بشكل مختلف عبر إرساء معادلة ردع جديدة، تجلَّت بالتلويح برد قوي في حال لم تتوقف انتهاكات الاحتلال بالقدس، وأنها ستستخدم القوة العسكرية ضدها على غرار معركة سيف القدس وهو ما حقق ردعا قويا فأوقفت قيادة الاحتلال إدخال المستوطنين للقرابين ومنعت دخول الإرهابي بن غفير لباب العمود ومنعت وصول مسيرة الأعلام التي سار بها المستوطنون إلى باب العمود وهو ما يكشف تعاظم الردع الذي تحقق بعد معركة سيف القدس.
3- والحقيقة أن إعادة صياغة المشهد مكملة للجهد الجبار الذي قام به القادة الأوائل الشهيد المؤسس أحمد ياسين والشهيد المفكر فتحي الشقاقي مع إخوانهم من القادة المجاهدين الذين يكملون الطريق بثبات فزرعوا جذور الفكر المقاوم، ما أوجد العمق والتأثير الرافض للأفكار الانهزامية المتمثلة في التنسيق الأمني والاستسلام السياسي واتفاقية أوسلو الخبيثة، وما يعزز روايتنا في إعادة صياغة معادلة ردع جديدة امتلاك المقاومة أدوات قوة لمواجهة الاحتلال وما شاهدنا بالأيام السابقة خلال خروج مسيرات شعبية رسالة واضحة تظهر التفاف الجماهير في باحات المسجد الأقصى مع المقاومة وهتافاتهم للقائد محمد الضيف قائد أركان كتائب القسام، ما يدلل على عمق ارتباطهال مع خيار المقاومة كسبيل حقيقي لاستعادة الحقوق والمقدسات.
نجحت المقاومة الفلسطينية في نيل ثقة الشعب الفلسطيني في مختلف ساحات فلسطين وجبهات الاشتباك مع المحتل في الضفة وغزة والقدس والداخل الفلسطيني المحتل، بتحقيق الردع وفرض موازين ومعادلات صراع جديدة مع الاحتلال، ما انعكس إيجابيًّا على تعزيز الوعي الجهادي الذي تجلت معانيه في أحد أبرز معالم الردع وهي وحدة كلمة غرفة العمليات المشتركة.
4- التي عكست شكلا وثيقا من الترابط والتكاثف بين الأجنحة العسكرية في الميدان، ما يدلل على أن المقاومة اليوم قوة حقيقية بعقيدة عسكرية باتت تخشاها دوائر الأمن الصهيونية، وفي خطوة ضمن سلسلة من الإجراءات التي نجحت القوي الوطنية والإسلامية في خلق علاقة قوية ومهمة فيما بينها من خلال اجتماعات القوى والفصائل بغزة تحت مظلة المقاومة وما نتج في اللقاء الأخير في مكتب رئيس حركة حماس بغزة يحيى السنوار من تحذير للاحتلال من تجاوز الخطوط الحمراء وذبح القرابين في داخل المسجد الأقصى.
5- ما نعيشه اليوم هو انتصار جديد في إطار إعادة صياغة معادلة الردع في المشهد السياسي وما حدث بعد ذلك من تصاعد للأحداث وتواصل عدد كبير من الدول والقيادات السياسية الدولية مع رئيس حماس إسماعيل هنية هو إعادة صياغة للمشهد السياسي الفلسطيني وفهم دقيق لمن يملك مفاعيل معادلات القوة على الأرض ما يدلل على حجم الانتصار السياسي، أبعاد ذلك صنعت بعد انتصار المقاومة في معركة سيف القدس وهذا التطور النوعي جزء من التطور الشامل الذي وصلت إليه قوى المقاومة قوة ونفوذًا على الرغم من كل الصعوبات التي أوجدها الاحتلال وأعوانه من قوى التطبيع والتنسيق الأمني.
6- إن انتصار المقاومة بمنع مسيرة الأعلام من الوصول للمسجد الأقصى هو نصر جديد في ميدان ردع الاحتلال بأنماط جديدة باتت المقاومة مؤثرة على الاحتلال عسكريًا وأمنيًا واعلاميًا وهو ما صرح به رئيس حكومة الاحتلال بينت بأن المقاومة الفلسطينية تقود معركة إعلامية ممنهجة ضد الرواية الصهيونية، وهنا نجد أن حالة الاشتباك الدائم مع الاحتلال بأساليب متنوعة حقق نجاح لقوى المقاومة في فرض معادلتها وذلك وفق عقيدة جهادية وتخطيط متكامل الجوانب.
وفي ختام ذلك يمكننا قراءة المشهد ان ما أنجزته المقاومة فاق كل توقعات الدوائر الأمنية الغربية وبات ينظر للمقاومة شعبيًا ودوليًا بأنها الوجه الحقيقي للشعب الفلسطيني ونضالها ضد الاحتلال العنصري وهذا الانتصار بالغ الأهمية ويمثل انتصارا للرواية الوطنية.
الكاتب: محمد مصطفى شاهين