لم يكن الشعب اليمني استثناءً من الشعوب العربية التي ثارت على حكامها، ولم تكن أيضاً ثورته الشعبية استثناءً من ثورات "الربيع العربي"، التي تعرضت للالتفاف عليها ولمصادرة نتائجها لصالح قوى محلية تدين بالولاء والتبعية لقوى أجنبية، بل يمكن القول إن ما تعرضت له ثورة الشعب اليمني يفوق بكثير ما تعرضت له ثورات بعض الشعوب العربية على أنظمتها الديمقراطية الشكلية، حيث تكالبت قوى دولية وإقليمية ومحلية على ثورة هذا الشعب لإجهاضها ومصادرة نتائجها لصالح قوى العمالة والارتهان.
وبعد أن تمكنت الثورة من التغلب على كل الصعاب والعقبات والمؤامرات التي حاكتها القوى الخارجية، انتقلت تلك القوى من مرحلة التآمر على الثورة، إلى مرحلة العمل العسكري المباشر لإسقاطها تحت عنوان استعادة الشرعية من الانقلابيين، وما كانت الحرب العدوانية التي شنها التحالف الدولي بقيادة أداته في المنطقة أي السعودية إلا تجسيداً لذلك التآمر والتكالب على الثورة اليمنية إلى جانب القوى المحلية المرتهنة لها.
يبدو للوهلة الأولى- لغير المطلع - أن القوى الخارجية تُقر بحق الشعب اليمني في الثورة على رموز الفساد، وحقه في اختيار حكامه ونظام حكمه بحرية مطلقة، وأن ما ينكره تحالف العدوان هو الانقلاب على شرعية الحاكم المستمدة من الشعب بوصفه صاحب السيادة، ومالك السلطة ومصدرها، ولذلك فتحالف العدوان بكل ما ارتكبه ويرتكبه من فضائع إنما يدافع عن حقوق الشعب اليمني، وهذا منطقه منذ ما يزيد على سبع سنوات!
وقد يكون الأمر ملتبساً على تحالف العدوان فيما بين الثورة والانقلاب، باعتبار أن نظام الحكم في أغلب دول تحالف العدوان وراثي ولا علاقة للشعب في هذه الدول بالسيادة الشعبية، وما يترتب عليها من حقوق اختيار الحكام، بل ونظام الحكم، فالملك أو الأمير أو الشيخ هو صاحب السيادة، وما الشعوب إلا رعية ينساقون وراء الحكام، والحكام هم أصحاب السمو ولا سمو للشعب يعلو على سموهم.
وبذريعة استعادة السلطة أعلن تحالف العدوان عن عملياته العسكرية على اليمن لمحاربة الانقلاب ونصرة "الشرعية" المزيفة التي يدعي التحالف أنها تمثل الشعب اليمني، وتريد إعادة الحاكم إلى سدة الحكم، ولو لم يبق شعب ليحكمه.
لقراءة المزيد
هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي الموقع
الكاتب: د. عبد الرحمن أحمد المختار