649 عملاً مقاوماً في الضفة الغربية المحتلّة خلال شهر حزيران / يونيو الماضي، ليسجّل الشعب الفلسطيني أكثر من 5700 اشتباك وتصدي لقوات الاحتلال خلال نصف هذا العام. وتتصاعد أعمال المقاومة بشكل مطرد، اذ تشهد الضفة يومياً أحداثاً جديدة تمتدّ على أغلبية المدن.
يحظى شمال الضفة بنسبة كبيرة من هذه الأعمال حيث تتنامى كتائب المقاومة التابعة للجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي - سرايا القدس في تلك المدن لتشكّل طوقاً يحاصر الاحتلال ويضع جنود وآليات الجيش تحت مرمى حجارة، وزجاجات ورصاص المجاهدين.
محاكاةً لكتيبة جنين، وكتيبة طولكرم، وكتيبة نابلس، تنهض اليوم مجموعات المقاومة لتأسّس كتيبة جديدة في طوباس "كتيبة طوباس". ففي تاريخ 17 تموز / يوليو 2022، أطلقت قوات الاحتلال أثناء اقتحامها لمدينة طوباس الرصاص الحي والمعدني المغلّف بالمطاط وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع باتجاه الفلسطينيين بحجة تعرّضها للحجارة خلال اقتحامها لمنزل. وقد وقعت اشتباكات بين الفلسطينيين وجيش الاحتلال أعلنت على إثرها الكتيبة في بيان خاص "انطلاق عملنا الجهادي المبارك في هذا الاشتباك الذي خاضه مجاهدونا مع قوات الاحتلال والذي أدى إلى إصابة وإعطاب آليات الاحتلال بشكل مباشر".
موقع "طوباس" الجغرافي
تقع محافظة طوباس في الجنوب الشرقي من مدينة جنين على بعد 19 كم، وإلى الشمال الشرقي من مدينة نابلس وتبعد عنها حوالي 25 كم. تقابل الحدود الأردنية على الضفة الشرقية وتحاذي نهر الأردن. تبلغ مساحتها 500 كم2 تشكل الأغوار الشمالية ما نسبته 70% من مساحة المحافظة الكاملة. ترتفع مدينة طوباس وهي مركز المحافظة عن سطح البحر حوالي 200 إلى 850 متراً، وتعدّ جبل اللحف والأحراش وعقابا وحي دكنيا وحي الحاووز أعلى المناطق.
تضم المحافظة 23 تجمعًا سكانيًا، يتنوّع بين مدينة، وبلدة، وقرية، ومخيم، وتجمعات بدوية؛ وبلغ عدد سكانها حتى منتصف العام 2017 حوالي 69 ألف نسمة، فيما تضم الأغوار 12 تجمعًا سكانيًا ثابتًا، بالإضافة إلى 20 تجمعًا للبدو، ويبلغ عدد سكانها حتى منتصف العام 2017 حوالي 6000 نسمة.
أهمية "طوباس"
يمتلك أهالي محافظة طوباس مساحات واسعة من الأراضي الزراعية وتشكّل الأغوار الشمالية سلة غذاء الضفة الغربية من الخضار والفاكهة وأغلب مزروعاتها مروية، ومن أهم المحاصيل البصل، والزيتون، واللوزيات. أراضيها الزراعية من أخصب الأراضي في فلسطين، نظراً لتوافر المياه طوال العام، خاصة أنها جزء من أكبر حوض مائي جوفي في فلسطين المحتلّة.
تضم "طوباس" العديد من المعالم الأثرية ومنها " خربة يرزا"، " تل الردغة"، " سلحب"، " خربة الغرور"، " خربة عينون"، " خربة الموبرة الغربية"، " خربة جباريس"، يعود بعضها الى العهد الكنعاني والبعض الآخر الى العهد الروماني.
تأثرت محافظة طوباس والأغوار الشمالية بالتوسّع الاستيطاني، فطبيعتها الغنية بالمياه وقربها من الحدود الأردنية شكّلت نقاط استراتيجية استغلها الاحتلال. تبلغ مساحة المستوطنات ضمن حدودها حوالي 7518 دونمًا؛ عدا عن المنطقة الحيوية "مناطق نفوذ" التي تحيط بها، والتي يمنع المزارعون الفلسطينيون من دخولها أو البناء بها، ويسكن هذه المستوطنات والبؤر حوالي 2000 مستوطن.
يحاول الاحتلال من خلال المواقع العسكرية عزل هذه المحافظة عن مدن الضفة الأخرى، ويبلغ عدد القواعد العسكرية 7 قواعد، تمتدّ على مساحة إجمالية تصل الى 14395 دونمًا، عدا عن "المدى الحيوي" لهذه القواعد، والتي تعتبر مناطق عسكرية مغلقه بالكامل أمام الفلسطينيين. ويتمثل خطر هذه القواعد في التدريبات العسكرية المنتظمة التي يجريها جيش الاحتلال على مدار العام بين المنازل والخيام، وخاصة في المناطق البدوية.
يتمركز في المحافظة حاجزان عسكريان، دائمان، هما: "حاجز الحمرا"، الذي يوصل الأغوار الشمالية بمحافظتي أريحا، ونابلس. "وحاجز تياسير" الذي يقع على بعد 10كم من مدينة طوباس، ويفصلها عن الخرب، والتجمعات البدوية في الشرق. وأقيم هذان الحاجزان منذ بداية الانتفاضة الثانية، قبل 17 عامًا. ويجسّدان المعاناة اليومية للفلسطينيين، اذ يغلق الحاجزين في الصباح عند موعد خروج الموظفين، والطلاب، والمزارعين إلى أعمالهم.
إضافة الى ذلك، تغلق قوات الاحتلال بوجه الفلسطينيين المعبر الوحيد الذي يصل ما بين الأغوار الشمالية واراضي الداخل المحتل عام 1948، وهو "حاجز بيسان العسكري"، أو ما يعرف بـ "حاجز بردلة"، ويضطر المزارعون الفلسطينيون إلى سلوك طرق طويلة، بهدف تصدير منتوجاتهم، وبيعها، ما يحمّلهم المزيد من الأعباء ويرفع من أسعار المنتوجات.
بالعودة الى تصاعد المقاومة في الضفة، فقد شهدت المدن في الشمال، 5 أنواع من أعمال المقاومة، توزّعت بين 4 عمليات إطلاق نار، وعملية طعن (في راموت في القدس المحتلة)، وزرع عبوة ناسفة و8 عمليات القاء حجارة وعمليتي تصدي لمستوطنين. وقد تركّزت هذه الأعمال في جنين (دوار عرانة، حاجز الجلمة، الحي الألماني)، وفي نابلس (مخيم عسكر)، كما في طولكرم (مدينة طولكرم، زيتا) وسلفيت (كفر ديك) بالإضافة الى أريحا (شرق الضفة) والخليل (جنوب الضفة).
الكاتب: مروة ناصر