كتيبة طولكرم: استنزاف الاحتلال وتلاحم مع جنين

كتيبة طولكرم

كان شهر آذار / مارس من العام 2022 شاهدًا على ولادة كتيبة جديدة من كتائب سرايا القدس، "كتيبة طولكرم"، التي أعادت إحياء العمل المسلّح في المدينة وجوارها، بالتمسّك بإرث الثورة والقادة الشهداء في انتفاضة الأقصى عام 2000، وبالتنسيق مع الكتائب في المدن الأخرى لاسيما جنين. لتلعب الكتائب الأربع شمال الضفة الغربية (جنين، نابلس، طولكرم، طوباس) دورًا متكاملًا في إشغال واستنزاف الاحتلال، وفي "عدم السماح للاحتلال باقتحام أرضنا دون رد"، وفق بيانٍ لكتيبة طولكرم.

التأسيس والارتباط بالثوابت الفلسطينية

يعود فضل الطلقات الأولى في طولكرم وتأسيس هذه الكتيبة الى الشهيد سيف أبو لبدة، ابن الـ 25 عامًا. فهو، كما مجدد الاشتباك في الضفة ومؤسس كتيبة جنين الشهيد جميل العموري، بدأ أبو لبدة مع قلّة من الشباب، ثمّ توسّعت الكتيبة في طولكرم، واتخذت من مخيم "نور شمس" مركزًا لها، ليُشار الى أنها ضمّت حتى أيلول / سبتمبر 2022 ما بين الـ 30 الى 40 مجاهدًا مجهزًا.

ظهر مقاتلو الكتيبة في أكثر من مناسبة بكامل لباسهم العسكري وسلاحهم، ملثمين يتلون البيانات ويؤكدون على المبادئ، ويعلون الاستمرار على نهج المقاومة ونهج شهداء الضفة الغربية، كما نهج الشهيد القائد في قطاع غزّة، مسؤول ملف الضفة في سرايا القدس، طارق عز الدين، الذي اغتاله الاحتلال في 9 أيار / مايو عام 2023.  

بالإضافة الى ذلك، أعلنت الكتيبة عن ارتباطها بالأسرى في سجون الاحتلال، وبقضية القدس المحتلّة والانتصار لها ضد اقتحامات المستوطنين ومشاريع التهويد. وقد أصدرت خلال شهر رمضان الماضي، بيانًا قالت فيه أن مجاهديها تمكنوا من اعتداءات، من استهداف قوات الاحتلال في منطقة المنشية محيط مخيم نور شمس، وعادوا بسلام"، مشددةً على أنّ العملية جاءت "رداً على ما يجري في المسجد الأقصى". كما دعت "أبناء شعبنا إلى مواصلة النفير وشد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك" لمنع تمرير الطقوس التهويدية إبان عيد الفصح العبري.

وحدة مع جنين: المؤسس يستشهد في اشتباك مشترك

اختلط دم الشهيد أبو لبدة مع دم الشهيدين صائب عباهرة وخليل طوالبة من جنين، عندما استشهدوا في اشباك خاصوه كتفًا الى كتف ضد قوات الاحتلال في بلدة عرّابة (جنين) في الأول من شهر نيسان / ابريل 2022. كان هذا الاختلاط دليلًا واضحًا على الوحدة بين مناطق الضفة ووحدة الهدف، واستمرار التنسيق والتكامل بين الكتائب. ويذكر هنا أنّ طولكرم تتميّز بالتواصل الجغرافي والتداخل التاريخي بينها وبين مخيم جنين.

منذ الساعات الأولى لإعلان كتيبة جنين عن معركة "بأس جنين" لصدّ عدوان الاحتلال على المخيم، التحمت "كتيبة طولكرم" بالمعركة، فـ ""في إطار معركة بأس جنين ورداً على العدوان بحق أهلنا في جنين نفذ مجاهدونا عملية إطلاق نار الساعة 06:33 صباح اليوم استهدفت سيارة للمستوطنين في مستوطنة افني حيفتس بصليات كثيفة من الرصاص بشكل مباشر أكد مجاهدونا وقوع إصابات في صفوف المستوطنين"، حسب ما جاء في بيان كتيبة طولكرم.

على خطى كتيبة جنين، وضعت كتيبة طولكرم حواجزاً وأكياساً رملية عند مداخل وزقاق مخيم نور شمس تحسباً لأي اقتحام للاحتلال. كما حاكت الكتيبة كلّ أعمال المقاومة التي بدأت في جنين.

الأعمال العسكرية لكتيبة طولكرم

علمت الكتيبة على مراقبة كلّ مداخل المدينة والمخيم لرصد تحركات الاحتلال تجاهها، مع زرع صافرات إنذار لتحذير المواطنين والمقاومين عند اقتحام دوريات الاحتلال. كذلك نصبت الكمائن لآليات الاحتلال المدرّعة، واشتبكت مع الجنود من مسافة صفر، ونفّت عمليات إطلاق النار تجاه الحواجز المحيطة بها (مثل حاجز "الطيبة"، وحاجز "جبارة")، والمستوطنات المحيطة.

من ناحية ثانية، انشغلت الكتيبة في توفير الأمن ضمن طولكرم ومخيمها، وعملت على ملاحقة العملاء الذين يزرعهم الاحتلال بين الصفوف الفلسطينية. وأعلنت أنها ألقت القبض "على خلية عملاء كانت تخطط لتصفية ثلاثة مقاومين من الكتيبة وتم تسليمهم للأجهزة الأمنية في المدينة لاستكمال التحقيق".

ضمن سلسلة الاغتيالات والاعتقالات التي يشنّها الاحتلال يائسًا على مناطق الضفة الغربية في محاولة لتصفية العمل المقاوم وقادته، اغتال الاحتلال الشهيد أمير أبو خديجة بعد اقتحامه لمخيم نور شمس. الا أنّ ذلك أعاد الزخم الى المقاومة في طولكرم، اذ أعلنت الكتيبة حينها عن تجديد انطلاقتها الجهادية في السادس والعشرين من شهر آذار / مارس من العام 2023، منفذات عمليات التصدي والاشتباك مع قوات الاحتلال، ومؤكدّة أنها " كانت وستبقى الدرع الحامي لأبناء شعبنا ومخيمنا البطل، وعلى عهد الشهداء الأبطال القائد المؤسس سيف أبو لبدة، والشهيد القائد أمير أبو خديجة والذي لن تذهب دماؤهم هدراً".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور