من المتوقع ان يصل الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى السعودية الأسبوع المقبل. وعلى عكس برودة الاستقبال الذي حظي به الرئيس الأميركي جو بايدن خلال زيارته للمملكة، تقوم الأخيرة بالبذخ عمداً على حفل استقبال بينغ. حيث ان الأمر يتجاوز البروتوكولات الدبلوماسية، ويصل إلى مستوى إيصال الرسائل متعددة الاتجاهات، تارة إلى البيت الأبيض، وأخرى إلى بكين.
تقوم الرياض بتحضير استقبال حافل يشبه إلى حد بعيد، ما فعلته عندما زار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب السعودية في أول رحلة خارجية له بعد انتخابه. وبحسب صحيفة الغارديان البريطانية، فإن العلاقات التجارية بين الصين والمملكة، توطدت في نفس الوقت الذي بدأت فيه الولايات المتحدة تحرف نظرها عن الشرق الأوسط باتجاه التركيز على آسيا، وتحديدا مواجهة الصعود الصيني. ونقلت الصحيفة عن محمد اليحيى، الزميل في مركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية بجامعة هارفارد قوله: "الصين هي أكبر شريك تجاري للسعودية، وهي أكبر مشتر للنفط السعودي"، وأضاف: "تعتبر الصين مهمة من الناحية الجيوسياسية بالمنطقة. وهي تتطلع لقواعد عسكرية في أفريقيا ومناطق أخرى. وفي الماضي كانت اهتماماتها تجارية خالصة، تركز على التعامل التجاري، ولكنهم اليوم ينظرون للأمور من خلال عدسات استراتيجية وهم مهتمون بتأمين تدفق حر للنفط، وهي مهم للصين كما هو للولايات المتحدة".
ويقول مراسل الصحيفة في الشرق الأوسط، مارتن شولوف، ان الأمريكيين حوّلوا نطاق اهتمامهم عن المنطقة لمواجهة الصين أو التحول لآسيا، لكن الصينيين يرون أن المنطقة هي المسرح الرئيسي لتنافس القوى العظمى". وعلّق أن "الصين هي المنافس الرئيسي للولايات المتحدة في المنطقة، وهم يراقبون بشكل حذر".
ووجّهت دعوة للرئيس الصيني كي يزور الرياض في آذار/ مارس. وستكون زيارته مهمة جدا للمملكة كزيارة ترامب في أيار/ مايو 2017 والتي جاءت بعد شهور من تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة، حيث تم استقباله بالسيوف الذهبية والكرة الأرضية المشعة والهدايا المسرفة في السخاء. وحددت الزيارة نبرة إدارة ترامب من الرياض في وقت قدم فيه الدعم للأمير الطامح من المسؤولين البارزين خاصة صهر الرئيس السابق ومستشاره، جارد كوشنر.
ولم تصدر الصين، أية بيانات بشأن حملة التحالف الذي قادته السعودية في اليمن ولا حصار قطر أو مقتل الصحافي جمال خاشقجي الذي قاد لحملة شجب في أوروبا والولايات المتحدة للمملكة. وينظر للصين على أنها الدولة التي تحاول ملأ الفراغ الإقليمي النابع من تراجع اهتمام الولايات المتحدة واستعراضها لقوتها. ولم تحقق زيارة بايدن في تموز/يوليو إلا عددا قليلا من الثمار ولم ينجح في إقناع ولي العهد بزيادة إنتاج النفط لتخفيض أسعاره قبل الانتخابات النصفية في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل. وفي التحضير لزيارة شي، التي ستشمل الرياض وجدة، وخطة لزيارة مدينة نيوم على الشاطئ الغربي للسعودية، فهناك خطط لرفع آلاف الأعلام الصينية واستقبال مئات الشخصيات المهمة.
ويتابع شولوف بأن محمد بن سلمان قد شعر بالجرأة من زيارة بايدن إلى السعودية، حيث أخبر حلفاءه أنها نجحت في تأكيد التأثير السعودي على المسرح الدولي وتأكيد سيادتها. ويرى نقاد الزيارة أن بايدن أسهم في إعادة تأهيل الأمير بعد أربعة أعوام على مقتل خاشقجي. وقال مسؤول سعودي بارز: "استعادت السعودية خيلاءها مرة ثانية. نتعامل مع أصدقائنا على قدم المساواة، فالأصدقاء لا يأتون إلى هنا فقط لطلب أمور ومنح مقابل".
وزار بن سلمان اليونان وفرنسا في الفترة الأخيرة، منهيا عزلة امتدت سنوات. وعلق مسؤول سعودي: "هذه الزيارة لم تكن ممكنة بدون زيارة بايدن".
الكاتب: غرفة التحرير