تشهد العلاقة الأمريكية – الإسرائيلية في هذه الأسابيع فترة من التوتر والاختلاف في وجهة النظر خلقها الاتفاق النووي، فلا إجازة الرئيس الأمريكي جو بادين انتهت ليجيب على اتصالات رئيس حكومة الاحتلال يائير لابيد، ولا وزير حرب الاحتلال بيني غانتس سيلتقي ببايدن أو بوزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن خلال زيارته الى واشنطن.
يعمل مسؤولو كيان الاحتلال على حملة ضغط إعلامية لثني الولايات المتحدة عن توقيع الاتفاق، وفي هذا السياق هاجم رئيس "الموساد" (المخابرات الإسرائيلية الخارجية) ديفيد برنياع الإدارة الأمريكية واصفاً الاتفاق بـ "الكارثة الاستراتيجية". واعتبرت صحيفة "معاريف" العبرية أن ما قاله "برنياع" لم يعجب لابيد، وهو تجاوز لـ "خط الحكومة الإسرائيلية" ولم يتطابق مع الرسالة التي أراد مكتب رئيس الوزراء نقلها، ولا يتطابق مع الحقائق المتعلقة بمضمون محادثات مستشار الأمن القومي إيال هولتا في واشنطن"، وحاول لابيد، حسب "القناة 13" العبرية "تلطيف خطاب رئيس الموساد كي لا تتوتر العلاقات مع الولايات المتحدة".
واعتبرت صحيفة "هآرتس" العبرية أن "لابيد مُصمم على عدم إجراء مواجهات علنية مع بايدن، مثل تلك التي قادها نتنياهو ضد باراك أوباما، قبل التوقيع على الاتفاق النووي الأصلي لعام 2015" لافتاً الى أن "خطاب نتنياهو في الكونغرس (عام 2015) أدى الى إخراج إسرائيل من غرف الاجتماعات، رأينا أن ذلك لم يساعد، لا يمكننا تهديد علاقاتنا مع الولايات المتحدة".
بدوره، يطوف غانتس على المسؤولين الأمريكيين لبحث "قضايا أمنية"، حيث التقى بقائد القيادة المركزية الأميركية مايكل كوريلا في مقر القيادة في ولاية "فلوريدا"، و مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان في واشنطن الذي أبلغه بمعارضته "الصريحة" للاتفاق النووي مع إيران، كما تطرق الطرفان الى "ضرورة تعزيز التعاون الأمني بين إسرائيل والولايات المتحدة في المنطقة".
ويرى الصحفي الإسرائيلي يوسي يهوشوع في صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية أن "المهمة الرئيسية لزيارة وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس للولايات المتحدة هي الحصول على حزمة مساعدات أمنية، التي ستمنح إسرائيل الأولوية لمواجهة التحديات التي تنتظرها خلال السنوات القادمة، يحتاج الجيش الإسرائيلي إلى وسائل متطورة من القذائف والطائرات وقدرات دفاعية محسنة".
وعلى الرغم من أن مستشار الأمن القومي الأميركي قدّم "تطمينات" لغانتس مفادها "التزام بايدن الصلب تجاه أمن إسرائيل، و"تعميق الشراكة الأمنية الإسرائيلية الأميركية، بما فيها التعاون والتنسيق الإقليمي" (حسب البيان الصحفي للمتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أدريان واتسون) الا أن هذه الخطوة قد تكون شكلية وينتهي مفعولها في التصريحات الإعلامية على غرار "الناتو الشرق أوسطي" الذي لم يلقَ طريقاً نحو التنفيذ الفعلي منذ زيارة بايدن الى كيان الاحتلال منتصف شهر تموز / يونيو الماضي.
في نهاية المطاف، بات المراقبون الإسرائيليون يتعاملون مع الاتفاق كـ "أمر واقع"، و"لا يتوقع أن تؤدي جهود إسرائيل في الدقيقة 90 إلى تغيير الوضع" حسب ما رأى الصحفي "يهوشوع". وينسجم المحلل الإسرائيلي يوناثان ليز مع الرؤية نفسها، اذ قال إن "الشعور يتنامى بين المسؤولين الإسرائيليين بأن إدارة بايدن ستفعل كل ما في وسعها لإنهاء المفاوضات وتوقيع اتفاق نووي مع إيران".
واعترف في مقاله في "هآرتس" أن "إسرائيل لم تنجح أبدًا في التأثير على صياغة الصفقة، التي تتم صياغتها بين إيران والقوى العالمية". وأضاف: "كان تأثيرها الرئيسي على البنود خارج الاتفاقية نفسها، وتشمل هذه الالتزامات التزام الولايات المتحدة بعدم إزالة الحرس الثوري من قائمتها للمنظمات الإرهابية المصنفة، وسلسلة من التعهدات الأخرى التي قد تحافظ عليها الولايات المتحدة أو لا تحافظ عليها، مثل عدم إغلاق التحقيق الذي تجريه وكالة الطاقة الذرية الدولية في إيران".
الكاتب: غرفة التحرير