في وقت يشكّل فيه كأس العالم 2022 في قطر فرصة لإظهار الموقف العربي الحقيقي من كيان الاحتلال، اذ ترفض الشعوب العربية المختلفة (القطرية، المغربية، التونسية، اللبنانية، السورية...) الاعتراف بما يسمى "إسرائيل" في المنطقة وتؤكد أن لا وجود الا لفلسطين، تعمّق السلطات الإماراتية من التطبيع مع هذا الكيان وتزجّ به في المناهج التعليمية والتربوية بصورة خطيرة تهدّد وعي الجيل الجديد الناشئ.
فقد عملت وزارة التعليم الإماراتية مع ما يسمى "معهد مراقبة السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي" (impact – se ) والذي له مقران في "تل ابيب" ولندن، على وضع منهاج بين أيدي الطلبة في المرحلتين الابتدائية والثانوية، يتضمن تصدياً لإنكار ما يسمى "الهولوكوست" وإدراج هذه "المحرقة" المزعومة في المناهج التعليمية للبلد، حسب ما كشفت صحيفة "تايمز اوف إسرائيل" العبرية وذلك في إطار اتفاقيات التطبيع التي وقعتها الامارات مع كيان الاحتلال في أيلول / سبتمبر من العام 2020.
كذلك عملت منظمة "ياد فاشيم" (هي مؤسسة للاحتلال أنشأت عام 1953 بموجب قرار في "الكنيست" كمركز أبحاث في أحداث "الهولوكوست") مع وزارة الثقافة والشباب الإماراتية وقدّمت المنظمة الكثير من المحتوى العربي لكنه بطبيعة الحال محتوى ينحاز الى رواية الاحتلال.
ماذا حصدت الامارات مقابل هذه الخطوة؟
مقابل إدراج "الهولوكوست" في مناهجها، زعم الرئيس التنفيذي للمعهد (impact – se )، ماركوس شيف، أن "المنهاج الدراسي بالإمارات بالأفضل من نظرائه في البلاد الإقليمية الأخرى بسبب اعترافه بالمكانة التاريخية لليهودية في العالم العربي"! فيما صادقت حكومة الاحتلال الشهر الماضي على منهاج ينقل "أفكار التفوق اليهودي إلى الطلاب" (الطلاب الإسرائيليين)، بحسب ما أشار اليه الخبير القانوني اليهودي، مردخاي كرمنيتسر في مقال بصحيفة "هآرتس" العبرية، ولفت "كرمنيتسر" بأنّه "لا يمكن تجاهل التأثير الكبير لجهاز التعليم على نتائج الانتخابات الأخيرة" التي أوصلت اليمين إلى الحكم".
لم تكن هذه خطوة السلطات الإماراتية الوحيدة التي تثبت انغماسها في العلاقات مع الاحتلال على الجوانب كافة (السياسية، الثقافية، التجارية، السياحية...) ففي العام الماضي افتتح لأوّل مرّة في العالم العربي معرض لإحياء ما يسمى ذكرى "الهولوكوست" في دبي، وذلك بعد أشهر فقط من توقيع اتفاق التطبيع. وفي المعرض دُعي 7 مما يدعون النجاة من الأحداث المزعومة للحديث عنها.
وتابعت الامارات الأعمال الثقافية والتربوية المشتركة مع الاحتلال، اذ كثّفت من عمليات الدمج التعليمي منذ العام 2020، ووقعت مع الاحتلال مذكرة تفاهم تشمل التعليم العام والعالي والتقني والمهني لكن ذلك قوبل ببعض المعارضة خوفاً من تأثير الفكر الإسرائيلي على الجيل الجديد.
وقد رصدت "منظمة مكافحة التشهير" (ADL) وهي تعمل على نشر دعايات الدفاع عن "إسرائيل" في الولايات المتحدة، ما اعتبرته "نجاحات" في تغيير المناهج التعليمية في عدد من الدول العربية عبر حذف انتقادات لليهود وكيان الاحتلال من الكتب المدرسية، بالإضافة الى المطالبة بمواصلة الضغوط لحين إدراج "إسرائيل" بدلاً عن فلسطين على الخرائط العربية، وإقناع الطلاب بالسلام بين العرب والاحتلال وتعريفهم بـ "الهولوكوست".
ويدعي الكيان الإسرائيلي أن "الهولوكوست" هي محرقة نفذها النازيون في ألمانيا بزعامة أدولف هتلر خلال فترة الحرب العالمية الثانية، فيما تأسست العديد من الحركات الغربية التي تنكر حدوث هذه "المحرقة" أو المبالغة بالأحداث.
الكاتب: غرفة التحرير