الهدم والإخلاء: سياسة بن غفير لإفراغ القدس

صورة رفعت خلال مظاهرة اسنادية لعائلة "صب لبن" في القدس المحتلة

لم تكن الهجمة على القدس والمسجد الأقصى خلال شهر رمضان فقط، فمنذ أن وصل وزير أمن الاحتلال ايتمار بن غفير الى منصبه وهو يحرّض على هدم وإخلاء منازل الفلسطينيين في القدس وخاصة في البلدة القديمة. في إطار تفريغ هذه الأرض من أهلها وإحداث تغيير في هويتها وديموغرافيتها. ومنذ أيام كانت عائلة "صب لبن" التي أجبرتها قوات الاحتلال على إخلاء منزلها واستولى عليه مستوطنون خير شاهد على العدوان الذي تتعرّض له القدس المحتلّة.

واجهت عائلة "صب لبن" الجماعات الاستيطانية والمتطرفة في محاكم الاحتلال، إذ أبلغت الأخيرة العائلة في أيار / مايو الماضي، "إنذاراً" يقضي بإخلاء المنزل حتى تاريخ 11 حزيران / يونيو الماضي تحت ذريعة قدمتها تلك الجماعات للمحكة وهي أنّ "المنزل يقع بملكية يهودية منذ ما قبل العام 1948". قدمت العائلة بدورها التماسًا للمحكمة لكنّه رُفض. وفي 11 تموز / يوليو الحالي أعطت سلطات الاحتلال الضوء الأخضر للاستيلاء الجماعات اليمينية على المنزل.

وعلى هذا المنوال، والى جانب مزاعم "عدم الترخيص"، يسطو اليمين المتطرّف على منازل القدس المحتلّة في الفترة الأخيرة الماضية. فيما أوضحت الأمم المتحدة عام 2017 استحالة منح محكمة الاحتلال لتراخيص للفلسطينيين الذين خصصت لهم "أماكن شحيحة للسكن مقابل توسيع المستوطنات".

في هذا السياق أشار القيادي بحركة حماس حسين أبو كويك في حديث سابق إلى أن "هذه الجريمة تأتي ضمن سياسة التفريغ والاحلال الصهيونية التي تمارس ضد شعبنا في القدس، منوهاً إلى أنه منذ عام 1967 يعمل الاحتلال بشكل حثيث لإفراغ القدس من أهلها الأصليين". وتابع قائلاً: "الاحتلال يعمل على إفراغ المنازل بالتعاون مع الجمعيات الاستيطانية والتهويدية، وضمن انتحال أوراق ملكية لا أساس لها".

ومنذ العام 1967، تاريخ احتلال القسم الشرقي من القدس، بنى الاحتلال 58 ألف وحدة استيطانية للمستوطنين، مقابل تواجد الفلسطينية في أقل من 600 منزل، على الرغم من تضاعف نسبتهم بحوالي الـ 400 بالمئة.

ويرى العديد من الفلسطينيين أن الوتيرة المتزايدة لهدم المنازل هي جزء من عدوان الحكومة المتطرفة الأوسع نطاقا للسيطرة على القدس الشرقية، التي احتلتها إسرائيل في عام 1967.

بن غفير يحرّض على هدم المنازل في القدس

في شهر كانون الثاني / يناير من العام الحالي 2023، هدم الاحتلال 39 منزًلا، إضافة إلى منشآت ومحلات تجارية فلسطينية في القدس الشرقية، ما أدى إلى تهجير أكثر من 50 فلسطينيًا. فيما بلغ عدد البيوت الفلسطينية المهدّمة في شباط / فبراير الماضي 67 منزلًا، بزعم ""البناء غير المرخص" في القدس الشرقية. فيما بلغ عدد المنازل المهدمة لعام 2022 كامًلا 143 منزلًا وفي عام 2021 هدمت 181 منزلًا، وفقًا لأرقام الأمم المتحدة. وتقدّر الجهة نفسها أنّ نحو 20 ألف منزل مهدد بالهدم في القدس الشرقية بموجب الذريعة نفسها.  وزعم بن غفير في تغريدة له حول هذه الاحداث أن الكيان يهدم منازل منفذي العمليات الفردية. فيما لم يرتبط هدم العديد من تلك المنازل بالعمليات ومنفذيها.

كانت هذه الهجمة على هدم المنازل بعد شهر فقط من وصول بن غفير الى منصبه، وقد تعرضها حينها للانتقاد على لسان مسؤولي الاحتلال بسبب سياساته المتهورة. اذ اعتبر نائب رئيس "الشاباك"، والمفوض السابق لشرطة الاحتلال روني الشيخ أن "مرور هذا الوقت القصير لـ بن غفير في منصبه الوزاري يثير كثيرا من الأخطار والأضرار، لاسيما أن بعض قراراته لا قيمة أمنية لها".

وادعى أنه "كانت هناك فرصة لتحسين أمن الإسرائيليين فإن سياسة بن غفير قد أضرّت بها بشدة، من خلال بيانات وتصريحات غير ضرورية، ما حدا بالمقدسيين للإعلان في جبل المكبر عن إضراب عام احتجاجًا على سياسة الاحتلال هدم منازلهم". لافتًا الى أن "الشرطة لا تملك صلاحيات هدم المنازل".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور