الأحد 10 أيلول , 2023 02:33

السعودية تركب قطار ضرب الصين في قمة مجموعة العشرين

بايدن ومودي وبن سلمان في قمة العشرين 2023

خلال جلسة بعد ظهر يوم السبت في قمة قادة G20، أعلن زعماء العالم عن صفقة متعددة الجنسيات للسكك الحديدية والموانئ تربط بين الشرق الأوسط وجنوب آسيا. أعلن رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، ورئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، عن مشروع ممر اقتصادي يربط أوروبا بالشرق الأوسط والهند عبر السكك الحديدية والبحر، وهو مشروع وصفه الرئيس الأمريكي جو بايدن بأنه "صفقة كبيرة حقا". ووصفته فون دير لاين بأنه "أكثر بكثير من مجرد سكة حديد أو كابل". وقالت: "إنه جسر أخضر ورقمي عبر القارات والحضارات".

في عهد الرئيس دونالد ترامب، اشتبكت الولايات المتحدة مع بقية المجموعة حول التجارة والمناخ وسياسة الهجرة. وعندما أعلن بايدن حملته الانتخابية، وعد بالعودة إلى التعاون متعدد الأطراف، واليوم على أعتاب الانتخابات النصفية، يسعى بايدن المأزوم داخليًا وخارجيًا إلى تحقيق إنجاز مزدوج على مستوى مواجهة الصين من جهة، وتكليل اتفاقيات أبراهام بالتطبيع السعودي من جهة أخرى. وهكذا جرت مواجهة الصين التي لم تحضر القمة من خلال الترويج لواشنطن كشريك بديل ومستثمر للدول النامية في مجموعة العشرين. وسط جهود أمريكية للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي أوسع في الشرق الأوسط من شأنه أن يعترف باعتراف السعودية بإسرائيل. وسيؤدي مشروع سكك الحديد إلى تعزيز هذه الصفقة والعكس صحيح.

جدوى ممر سكك الحديد بالنسبة للأمريكي

سيربط الممر المخطط له الهند والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن والكيان المؤقت والاتحاد الأوروبي من خلال موانئ الشحن وطرق السكك الحديدية، دون أن يمرّ في إيران.

ويمكن للمشروع، الذي يطلق عليه اسم "الشراكة من أجل الاستثمار العالمي في البنية التحتية"، أن يسرع التجارة بين الهند وأوروبا بنسبة 40٪ في محاولة لجعل التجارة أسرع وأرخص وتعزيز التعاون الاقتصادي والاتصال الرقمي في جميع أنحاء المنطقة. كل ذلك سيعزز من حظوظ بايدن الانتخابية، لكن لا شيء في الأفق يوحي أن هذا المشروع سيمشي على سكة التنفيذ في القريب العاجل. خاصة أن اتفاق التطبيع لم يتبلور بعد، كما أنه لم يتم الاتفاق على من سيمول المشروع وإن كان المتوقّع أن الدول الخليجية –بالطبع – هي من ستموله.

إجراء مضاد لتحركات روسيا

إلى ذلك، وعلى الرغم من أن بايدن لم يذكر ذلك، لكن هذا المشروع أيضًا بمثابة إجراء مضاد لتحركات روسيا. منذ حوالي أسبوع ونصف، غادر أول قطار شحن روسيا، عبر إيران إلى المملكة العربية السعودية كجزء من ممر النقل "بين الشمال والجنوب". وفي العالم بشكل عام وفي الهند بشكل خاص، تُعلّق أهمية كبيرة على تقصير سلاسل التوريد، وسيكون مثل هذا الاتصال في الشرق الأوسط خبرًا رائعًا ليس فقط للركاب، ولكن أيضا من حيث السرعة وتكاليف توريد البضائع.

ربط مدينة نيوم بمشروع إيلات الاسرائيلي

كما ذكرت صحيفة "غلوبز" الشهر الماضي، من المتوقع أن يؤثر خط السكك الحديدية بين "إسرائيل" والمملكة العربية السعودية، والذي أشار إليه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بالفعل، على المنطقة بأسرها. ومن شأن مثل هذا المشروع أن يربط بين مشروعين تروج لهما السعودية وكيان الاحتلال: على الجانب الإسرائيلي، خط السكك الحديدية إلى إيلات الذي تم الحديث عنه منذ عام 1957 ولكن لم يتم بناؤه بعد، وعلى الجانب السعودي، مدينة نيوم التقنية التابعة لمحمد بن سلمان، والتي ستعتمد بالكامل على إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة.

ومن شأن خط سكة حديد من ساحل البحر الأبيض المتوسط في إسرائيل عبر إيلات إلى نيوم أن يعزز البنية التحتية لنقل السياح ورجال الأعمال وحتى جلب التقنيات الإسرائيلية إلى منطقة نيوم، حيث تم بالفعل بناء مطار. "أمل السعوديين هو فتح البلاد أمام الاستثمار، وجزء من ذلك هو مدينة نيوم"، يوضح الدكتور يوئيل غوزانسكي، كبير الباحثين في معهد دراسات الأمن القومي (INSS). ولهذا يحتاجون إلى استثمارات حكومية، وكذلك استثمارات من القطاع الخاص".

البنية التحتية هي من ستجلب السعودية إلى الكيان

يراهن الأمريكيون على طموحات محمد بن سلمان، وإحدى الطرق التي يمكن أن تجلب القطاع الخاص إلى المملكة العربية السعودية هي البنية التحتية للسكك الحديدية التي من شأنها أن تربط المملكة العربية السعودية وجيرانها من خلالها، وصولا إلى البحر الأبيض المتوسط. لكن السعودية التي التزمت مع الصين بالمواءمة بين رؤية 2030 ومشروع الحزام والطريق، كيف ستقوم بالمواءمة بين هذين المشروعين اللدودين؟


الكاتب:

زينب عقيل

- ماستر بحثي في علوم الإعلام والاتصال.

- دبلوم صحافة.

- دبلوم علوم اجتماعية. 




روزنامة المحور