الخميس 05 تشرين أول , 2023 02:12

كيف ستؤثر إقالة مكارثي على صفقة التطبيع السعودية الإسرائيلية؟

مكارثي

لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة، عزل المجلس النيابي رئيسه كيفين مكارثي. لا تقتصر هذه السابقة على كون الأخير، أول رئيس يتم عزله، بل أن ولايته لم تتعد الـ 269 يوماً، أي أنها الأقصر بعد ماكيل كير الذي استمر في منصبه 257 يوماً قبل أن يتوفى عام 1876. كان كل شيء يتعلق بهذه الإقالة مثيراً للاهتمام. خاصة وأن أعضاءًا من حزب الرئيس تسببوا بتمرير الإقالة التي استحوذت على أصوات جميع الديموقراطيين.

لم يكن بمقدور الديموقراطيين اقالة رئيس الأغلبية الجمهورية في المجلس دون تعاون 8 من حزب الرئيس. حيث شكّل 8 من "المتمردين المتطرفين" في التيار الترامبي بحسب تسمية وسائل اعلام أميركية، القوة الدافعة لقرار الإقالة.

بعد أيام من الفوضى والانقسام في مجلس النواب، تخلى مكارثي عن مطالب الجمهوريين بتخفيضات في الإنفاق، واعتمد بدلاً من ذلك على الديمقراطيين لتمرير مشروع القانون، وهو الأمر الذي أشعل فتيل المواجهة مع الأعضاء الجمهوريين. اذ ان اسقاط حزمة المساعدات لأوكرانيا، هي أولوية للبيت الأبيض يعارضها عدد متزايد من المشرعين الجمهوريين، والتي من شأنها أن تزيد المساعدات الفيدرالية للكوارث بمقدار 16 مليار دولار.

يجادل البعض حول ما اذا كانت الإقالة سبباً في الانقسام الحاد الذي برز داخل الحزب الجمهوري، أم أنها ناتجة عنه. اذ ان المبادر لقرار عزل مكارثي، هو مات جاتز من فلوريدا، وهو مؤيد متحمس للرئيس السابق دونالد ترامب، والذي قاد الحملة ضده معتبراً أن مكارثي لم يعد يتمتع بثقة مندوبي الحزب وأنه مذنب بالتعاون مع الديمقراطيين "هذا كذب ونفاق".

في الواقع، فإن إقالة مكارثي بهذا الشكل ألحقت الضرر بكلا الحزبين. لناحية الجمهوريين، تعمق الانقسام الداخلي، وهم الآن عاجزون فعلياً عن الاتفاق على مرشح جديد لمنصب الرئيس. ويرفض المتطرفون أي مرشح. في حين، ان رئيس المجلس الذي سيتم تعيينه لاحقاً، والذي سيكون بخلفية جمهورية بحتة، سيأخذ الدرس الذي تعلمه من تجربة مكارثي كنهج لعمله التشريعي والذي يقوم على عدم التعاون مع الديموقراطيين. وبالتالي، فإن الرئيس القادم الذي سيكون "أكثر صرامة" مع الحزب الديموقراطي، سيمنع تمرير أي تشريع ذي أهمية:

داخلياً: من المحتمل بعد 45 يوماً ألا يتوصل الطرفان إلى اتفاق على الموازنة. وبالتالي، فإن التحديات الاقتصادية التي تواجه الرئيس جو بايدن، ستكون أكثر صعوبة في الوقت الذي يحاول فيه الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي على أعتاب الانتخابات الرئاسية القادمة.

أما على صعيد السياسة الخارجية: فإن الفوضى السياسية المترافقة مع ازدياد معدلات التضخم الاقتصادي ستترك أثرها على الساحة الدولية، وهذا ما سيرخي بثقله على عدد من الملفات أهمها الحرب في أوكرانيا، (تم حذف بند المساعدة لكييف الذي يقدر بـ 6 مليار دولار من الاتفاقية، بدفع من أنصار ترامب).  

إضافة، لاتفاق التطبيع بين السعودية وكيان الاحتلال والصفقة الأميركية السعودية المتوقعة ضمن هذا الإطار. ويتطلب مثل هذا الاتفاق، الذي يتضمن بنداً يتعلق بالحماية التلقائية للمملكة ضد أي عدوان محتمل، وإقامة برنامج نووي على أراضيها، موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ. ويتمتع الديمقراطيون بميزة وجود سيناتور واحد فقط، وحتى ذلك غير مضمون لأن التيار التقدمي في الحزب لن يدعم أي اتفاق مع السعودية. بناء عليه، فإن بايدن سيحتاج إلى أصوات الجمهوريين لتأمين الثلثين.

في ظل العداء المتزايد بين الحزبين، والمبرر مع اقتراب الاستحقاق الرئاسي، يكون إصرار الجمهوريين على المساءلة و"المعاقبة" على أي تعاون مع الديموقراطيين أكثر تشدداً. وبالتالي، فإن حتى التصويت لصالح التطبيع، الذي سيُجل "كإنجاز" في السياسة الخارجية لبايدن، مرفوض، ويجعل من العام الرئاسي القادم أكثر صعوبة وإثارة.


الكاتب:

مريم السبلاني

-كاتبة في موقع الخنادق.

-ماجستير علوم سياسية.




روزنامة المحور